موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الثَّالثُ: مَنِ اتَّصَلَ بمِلكِه مِلكُ غَيرِه مُتَمَيِّزًا عَنه وهو تابعٌ له ولَم يُمكِنْ فصلُه بدونِ ضَرَرٍ يَلحَقُه وفي إبقائِه على الشِّركةِ ضَرَرٌ ولَم يَفصِلْه مالكُه فلمالكِ الأصلِ أن يَتَمَلَّكَه بالقيمةِ مِن مالكِه، ويُجبَرُ المالكُ على القَبولِ. وإن كان يُمكِنُ فصلُه بدونِ ضَرَرٍ يَلحَقُ مالكَ الأصلِ فالمَشهورُ أنَّه ليس له تَمَلُّكُه قَهرًا لزَوالِ ضَرَرِه بالَفصلِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "مَنِ اتَّصَلَ بمِلكِه مِلكُ غَيرِه مُتَمَيِّزًا عَنه وهو تابعٌ له ولَم يُمكِنْ فصلُه مِنه بدونِ ضَرَرٍ يَلحَقُه، وفي إبقائِه على الشِّركةِ ضَرَرٌ، ولَم يَفصِله مالكُه؛ فلمالكِ الأصلِ أن يَتَمَلَّكَه بالقيمةِ مِن مالكِه، ويُجبَرُ المالكُ على القَبولِ، وإن كان يُمكِنُ فصلُه بدونِ ضَرَرٍ يَلحَقُ مالكَ الأصلِ؛ فالمَشهورُ: أنَّه ليس له تَمَلُّكُه قَهرًا؛ لزَوالِ ضَرَرِه بالفَصلِ" [4571] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/20). .
ثانيًا: المعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
إذا تَضَرَّرَ الشَّخصُ مِن جَعلِ مِلكِ غَيرِه التَّابعِ لمِلكِه المُتَّصِلِ به مُتَمَيِّزًا عَنه، فلَم يُمكِنْ فَصلُه إلَّا بضَرَرٍ عليه، أُجبرَ ذلك الغَيرُ على تَمليكِ نَصيبِه لصاحِبِ الأصلِ بقيمَتِه، وإذا أمكَنَ فصلُ مِلكِ الشَّخصِ التَّابعِ لمِلكِ غَيرِه مُتَّصِلًا به ومُتَمَيِّزًا عَنه مِن غَيرِ ضَرَرٍ يَلحَقُ صاحِبَ الأصلِ، لَم يُجبَرْ على تَمليكِ نَصيبِه لصاحِبِ الأصلِ، وإذا لَم يَكُنْ لإبقاءِ مِلكِ الشَّخصِ التَّابعِ لمِلكِ غَيرِه مُتَّصِلًا به ومُتَمَيِّزًا عَنه ضَرَرٌ على صاحِبِ الأصلِ لَم يُجبَرْ على تَمليكِ نَصيبِه لصاحِبِ الأصلِ [4572] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/20)، ((شرح تحفة أهل الطلب)) لعبد الكريم اللاحم (ص: 250). .
ثالثًا: أدلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بقاعِدةِ: (الضَّرَرُ يُزالُ).
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تحتَ هذه القاعِدةِ بعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، منها:
1- غِراسُ المُستَأجِرِ وبناؤُه بَعدَ انقِضاءِ المُدَّةِ إذا لَم يَقلَعْه المالكُ ولَم يَكُنْ قدِ اشتَرَطَ عليه المُؤَجِّرُ القَلعَ؛ فللمُؤجِّرِ تَمَلُّكُه بالقيمةِ؛ لأنَّه لا يَملكُ قَلعَه بدونِ ضَمانِ نَقصِه لاستِنادِه إلى الإذنِ؛ لأنَّ رَبَّ الأرضِ أذِنَ له في اشتِغالِها، فلا يُجبَرُ على ذلك مِن غَيرِ ضَمانِ نَقصِه [4573] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/20)، ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (6/206). .
2- مَن باعَ حَيَوانًا واستَثنى ما يَصِحُّ استِثناؤُه مِنه بحَيثُ يُرَدُّ إلَيه بَعدَ ذَبحِ الحَيَوانِ، ثُمَّ امتَنَعَ المُشتَري مِن ذَبحِه، كان للبائِعِ قيمةُ ما استَثناه، ولا يُجبَرُ المُشتَري على الذَّبحِ [4574] يُنظر: ((الجامع لمسائل المدونة)) للصقلي (13/1056)، ((شرح تحفة أهل الطلب)) لعبد الكريم اللاحم (ص: 251). .
3- إذا أصدَقَ الزَّوجُ المَرأةَ أرضًا، فغَرَسَت فيها أو بَنَت، ثُمَّ طَلَّقَها قَبلَ الدُّخولِ، وطَلَبَ إرجاعَ نِصفِها، مَعَ نِصفِ قيمةِ الغِراسِ والبناءِ؛ فقال الخِرَقيُّ: تُجبَرُ على القَبولِ، وقال القاضي: يَسقُطُ حَقُّه إلى القيمةِ، فلَيسَتِ المَسألةُ على قَولِه مِمَّا نَحنُ فيه [4575] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/22). .

انظر أيضا: