الفَرعُ الأوَّلُ: الأصلُ أنَّ الضَّماناتِ في الذِّمَّةِ لا تَجِبُ إلَّا بأحَدِ أمرَينِ: إمَّا بأخذٍ وإمَّا بشَرطٍ، فإذا عُدِما لَم تَجِبْ
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ. استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: (الأصلُ أنَّ الضَّماناتِ في الذِّمَّةِ لا تَجِبُ إلَّا بأحَدِ أمرَينِ: إمَّا بأخذٍ، وإمَّا بشَرطٍ، فإذا عُدِما لَم تَجِبْ)
[4294] يُنظر: ((أصول الكرخي)) (ص: 120). ، وصيغةِ: (الضَّماناتُ تَجِبُ إمَّا بأخذٍ أو بشَرطٍ، وإلَّا لم تَجِبْ)
[4295] يُنظر: ((قواعد الفقهـ)) للبركتي (ص: 89). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ. تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الضَّمانَ الذي يَثبُتُ في ذِمَّةِ المُكَلَّفِ إنَّما يَثبُتُ بأحَدِ طَريقَينِ:
1- الأخذُ للشَّيءِ المَضمونِ، وهو يَشمَلُ الأخذَ بحَقٍّ، والأخذَ بغَيرِ حَقٍّ.
2- أن يَكونَ الضَّمانُ مَشروطًا على الضَّامِنِ.
فإذا عُدِمَ هذان الأمرانِ فلا يَجِبُ الضَّمانُ، وقدِ انفرَدَ بالنَّصِّ على هذه القاعِدةِ بهذا اللَّفظِ الكَرخيُّ، وزاد غَيرُه طُرُقًا أُخرى يَثبُتُ بها الضَّمانُ على النَّحوِ السَّابقِ بَيانُه في قاعِدةِ (يَجِبُ الضَّمانُ بأربَعةِ أشياءَ: اليَدِ، والمُباشَرةِ، والتَّسَبُّبِ، والشَّرطِ)
[4296] يُنظر: ((أصول الكرخي)) (ص: 120). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ. يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بأدِلَّةِ القاعِدةِ الأُمِّ (يَجِبُ الضَّمانُ والقِصاصُ بأربَعةِ أشياءَ: اليَدِ، والمُباشَرةِ، والتَّسَبُّبِ، والشَّرطِ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ. تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- ضَمانُ غَيرِ العَقارِ على البائِعِ إلَّا إن شَرطَ البائِعُ أن يَكونَ الضَّمانُ على المُشتَري، فيُعمَلُ بالشَّرطِ ويَنتَقِلُ الضَّمانُ عَمَّن كان عليه إلى مَنِ اشتُرِطَ عليه إذا لم تَحصُلْ مُنازَعةٌ بَينَ المُتَبايِعينِ في أنَّ العَقدَ صادَف المَبيعَ هالكًا أو باقيًا، أو سالِمًا أو مَعيبًا، فإن حَصَلَت مُنازَعةٌ فيما ذُكِرَ فالقَولُ للمُشتَري، والضَّمانُ على البائِعِ بناءً على أنَّ الأصلَ انتِفاءُ الضَّمانِ عنِ المُشتَري
[4297] يُنظر: ((شرح الخرشي على مختصر خليل)) (5/36). .
2- لَو قال الوكيلُ للبائِعِ: أعطِ هذا الشَّيءَ فلانًا بالثَّمَنِ على أنِّي ضامِنٌ لَك الثَّمَنَ، أو أعطِه إيَّاه بثَمَنِه مِن مالي، فالثَّمَنُ لازِمٌ للوكيلِ؛ لأنَّ إضافةَ العَقدِ إلى مالِ نَفسِه أوِ اشتِراطَ الضَّمانِ على نَفسِه بمَنزِلةِ إضافةِ العَقدِ إلى نَفسِه أو أقوى مِنه
[4298] يُنظر: ((شرح السير الكبير)) للسرخسي (ص: 1404). .
3- إن شُرِطَ الضَّمانُ على الأجيرِ المُشتَرِكِ في العَقدِ فيما لا يُمكِنُ الاحتِرازُ عنه لا يَجوزُ؛ لأنَّه شَرطٌ لا يَقتَضيه العَقدُ، وفيه مَنفعةٌ لأحَدِهما، ففسَدَت، وإن شُرِط عليه فيما يُمكِنُ الاحتِرازُ عنه فعِند أبي يوسُفَ ومُحَمَّدٍ يَجوزُ، ويَجِبُ الضَّمانُ
[4299] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/135). .
4- إذا قال لغَيرِه: أدِّ عنِّي زَكاةَ مالي أو أطعِمْ عنِّي عَشَرةَ مَساكينَ، ففَعَل، فقد أدَّى دَينَ غَيرِه بأمرِه، ولا يَرجِعُ عليه ما لَم يَقُلِ الآمِرُ: على أنِّي ضامِنٌ، فإنِ اشتَرَطَ الضَّمانَ لَزِمَه
[4300] يُنظر: ((الاختيار لتعليل المختار)) لابن مودود الموصلي (3/30)، ((العناية)) للبابرتي (7/188). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش