موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الرَّابعُ: هَل تَثبُتُ يَدُ الضَّمانِ مَعَ ثُبوتِ يَدِ المالكِ أم لا؟


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "هَل تَثبُتُ يَدُ الضَّمانِ مَعَ ثُبوتِ يَدِ المالكِ أم لا؟" [4025] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/329)، ((القواعد)) لابن رجب (2/222). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
مَن يَجِبُ عليه ضَمانٌ لشَيءٍ واجتَمَعَت يَدُه على الشَّيءِ المَضمونِ مَعَ يَدِ المالكِ له، فهَل يَلزَمُه ضَمانُ الشَّيءِ أو أنَّ وُجودَ يَدِ المالكِ على الشَّيءِ يُسقِطُ الضَّمانَ عنه في هذه الحالِ؟ بمَعنى أنَّ ثُبوتَ يَدِ المالكِ على مالِه هَل يُنافي ثُبوتَ يَدِ الضَّامِنِ أو لا؟ في هذا خِلافٌ، والأظهَرُ: أنَّه إن زالَ امتِناعُ المالكِ وسُلطانُه ثَبَتَ الضَّمانُ، وإن بَقيَت يَدُ المالكِ بأن ثَبَتَت سُلطَتُه وتَصَرُّفُه على الشَّيءِ، فلا ضَمانَ حينَئِذٍ، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ مُكَمِّلةً لقاعِدةِ (الأصلُ عَدَمُ الضَّمانِ) [4026] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/329)، ((القواعد)) لابن رجب (2/222)، ((شرح تحفة أهل الطلب)) لعبدالكريم اللاحم (ص: 311). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ المَعقولُ:
وهو أنَّ بَقاءَ سُلطانِ المالكِ يَمنَعُ ثُبوتَ حُكمِ يَدِ الضَّمانِ؛ لقُدرَتِه على الامتِناعِ، فلا يُتَصَوَّرُ تَعَدٍّ حَقيقيٌّ حينَئِذٍ، بخِلافِ ما إذا زالَ سُلطانُه، فإنَّه يَلزَمُ الضَّمانُ؛ لأنَّ وُجودَ يَدِه مَعَ العَجزِ لا يَمنَعُ العُدوانَ [4027] يُنظر: ((شرح تحفة أهل الطلب)) لعبدالكريم اللاحم (ص: 310). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- الأجيرُ إذا جَنَت يَدُه على العَينِ المُستَأجَرِ على العَمَلِ فيها، ويَدُ صاحِبِها ثابتةٌ عليها، فلا ضَمانَ؛ لأنَّه ليس بأكثَرَ مِنَ الغاصِبِ، والغاصِبُ لا يَضمَنُ ما دامَت يَدُ صاحِبِه ثابتةً عليه [4028] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/223). .
2- لَو دَخَلَ دارَ إنسانٍ بغَيرِ إذنِه أو جَلَسَ على بساطِه بغَيرِ إذنِه، والمالِكُ جالسٌ في الدَّارِ أو على البساطِ؛ فلا ضَمانَ [4029] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/224). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
ذَكَر الزَّركَشيُّ استِثناءاتٍ لهذه القاعِدةِ، فقال: (قال الأصحابُ في بابِ الغَصبِ: لَو أتلَف مالًا في يَدِ مالكِه ضَمِنَه، إلَّا العَبدَ المُرتَدَّ، والحَيَوانَ الصَّائِلَ، والمُقاتِلَ حرابةً، وما إذا لم يتمكَّنِ المُنكِرُ مِن إراقةِ الخَمرِ ونَحوِه إلَّا بكَسرِ آنيةٍ، وما إذا لم يَتَمَكَّنْ مِن دَفعِ الصَّائِلِ وقاطِعِ الطَّريقِ إلَّا بعَقرِ جَوادِه وكَسرِ سِلاحِه، وما يُتلفُه العادِلُ على الباغي حالةَ الحَربِ وعَكسه، وما يُتلفُه الحربيُّون علينا، والعَبدَ في يَدِ سَيِّدِه على سَيِّدِهـ) [4030] ((المنثور)) (2/329). ويُنظر أيضًا: ((النجم الوهاج)) للدميري (5/172). .

انظر أيضا: