موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الثَّاني: كُلُّ نَقصٍ دَخَلَ على مِلكِ شَخصٍ لاستِصلاحِ مِلكِ الآخَرِ مِن غَيرِ إذنِ الأوَّلِ ولا فِعلٍ صَدَرَ عنه النَّقصُ واستَنَدَ إليه كان الضَّمانُ على مُدخِلِ النَّقصِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ نَقصٍ دَخَلَ على مِلكِ شَخصٍ لاستِصلاحِ مِلكِ الآخَرِ مِن غَيرِ إذنِ الأوَّلِ، ولا فِعلٍ صَدَرَ عنه النَّقصُ واستَنَدَ إليه، كان الضَّمانُ على مُدخِلِ النَّقصِ" [4011] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/140). ، وصيغةِ: "مَن أدخَلَ النَّقصَ على مِلكِ غَيرِه لاستِصلاحِ مِلكِه وتَخليصِه مِن مِلكِ غَيرِه" [4012] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/31). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ مَن أدخَلَ نَقصًا على مِلكِ شَخصٍ مِن أجلِ مَنفعةِ نَفسِه دونَ أن يَأذَنَ الشَّخصُ في هذا الضَّرَرِ، أو يَتَسَبَّبَ فيه بفِعلٍ مِنَ الأفعالِ، فإنَّ الضَّمانَ يَجِبُ على مَن أدخَلَ النَّقصَ دَفعًا للضَّرَرِ الحاصِلِ، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ تَطبيقًا لقاعِدةِ (المُتَعَدِّي ضامِنٌ)؛ لأنَّ مَن أدخَلَ النَّقصَ مُتَعَدٍّ بذلك [4013] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/140)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (8/700). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ: قاعِدةُ (لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لَو باعَ دارًا فيها وِعاءُ ماءٍ كَبيرٌ، لا يَخرُجُ إلَّا بهَدمِ بابِ الدَّارِ، فهَدَمَها، كان عليه الضَّمانُ؛ لأنَّه أدخَلَ نَقصًا على مِلكِ المُشتَري مِن أجلِ إخراجِ وِعائِه، فكان الضَّمانُ عليه [4014] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/140). .
2- إذا باعَ الأرضَ وفيها زَرعٌ لا يُحصَدُ إلَّا مَرَّةً، كالحِنطةِ والشَّعيرِ، فاشتَرَطَه للمُشتَري، فهو له، وإن أطلَقَ البَيعَ فهو للبائِعِ؛ لأنَّه مودَعٌ في الأرضِ، فهو كالكَنزِ، ويَكونُ للبائِعِ مُبَقًّى في الأرضِ إلى حينِ الحَصادِ بغَيرِ أُجرةٍ؛ لأنَّ المَنفعةَ حَصَلَت مُستَثناةً له، وعليه حَصادُه في أوَّلِ وقتِ حَصادِه، ومَتى حُصِدَ الزَّرعُ وبَقيَت له عُروقٌ تستَضرُّ بها الأرضُ، كَعُروقِ القُطنِ والذُّرةِ، فعلى البائِعِ إزالَتُها، وإن تَحَفَّرَتِ الأرضُ فعليه تَسويةٌ حفرِها؛ لأنَّه استِصلاحٌ لمِلكِه أدخَلَ نَقصًا على مِلكِ الآخَرِ مِن غَيرِ إذنِه، فكان الضَّمانُ على مُدخِلِ النَّقصِ [4015] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/140،139). .
3- إذا كان له حائِطٌ مُتَّصِلٌ بدارِ الآخَرِ فحَصَلَ في بنائِه خَلَلٌ، فاستَأذَنَ صاحِبَه في نَقضِه وإعادَتِه، فأذِنَ له بشَرطِ أن لا يُلحِقَ بناءَه ضَرَرًا، فنَقض الحائِطَ وتَجاوَز بالحَفرِ إلى جِدارِ جارِه وأزالَ مِنه حَجَرًا كَبيرًا، فهُدِمَ بسَبَبِ الإزالةِ المَذكورةِ ما هو راكِبٌ عليه مِن مَطبَخِ جارِه، كان مُتَعَدِّيًا وضامِنًا؛ لأنَّه مَمنوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ في مِلكِ الغَيرِ بغَيرِ إذنِه، حَتَّى لَو لَم يَتَصَرَّفْ في جِدارِ الجارِ، وإنَّما تَصرَّف في جِدارِ نَفسِه وتَلِفَ جِدارُ الجارِ بسَبَبِه، ضَمِنَه [4016] يُنظر: ((فتاوى الخليلي على مذهب الشافعي)) (1/236). .

انظر أيضا: