موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الثَّالثُ: القياسُ في الأبدالِ


البَدَلُ، والإبدالُ: رَفعُ أحَدِ الشَّيئَينِ، ووَضعُ الآخَرِ مَكانَه؛ قال اللهُ تعالى: وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ [النحل: 101] ، ومِنه سُمِّي التَّيَمُّمُ بَدَلًا عن الوُضوءِ .
والمُرادُ بالقياسِ في الأبدالِ: أن يَرِدَ مِن الشَّارِعِ اعتِبارُ أمرٍ قائِمًا مقامَ أمرٍ لم يَتَمَكَّنْ مَن طولِبَ به مِن الإتيانِ به، مَعَ إمكانِ إدراكِ المَعنى الذي تَعلَّق به هذا الاعتِبارُ، ويوجَدُ هذا المَعنى في مَحَلٍّ آخَرَ، فهل يُحكَمُ على ما وُجِدَ فيه هذا المَعنى بكَونِه بَدَلًا كما حُكِمَ في الأوَّلِ؟
مِثلُ: المُحصَرُ إذا لم يَجِدْ هَديًا هَل يَنتَقِلُ إلى الصَّومِ؛ لأنَّه هَديٌ تَعَلَّقَ وُجوبُه بالإحرامِ، فجازَ الانتِقالُ عنه إلى الصَّومِ؛ قياسًا على سائِرِ الهَدايا ؟
حُكمُ إجراءِ القياسِ في الأبدالِ:
يَجوزُ إثباتُ الأبدالِ بالقياسِ، وهو مَذهَبُ المالكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابلةِ .
أدِلَّةُ جَوازِ القياسِ في الأبدالِ:
1- عُمومُ أدِلَّةِ حُجِّيَّةِ القياسِ كما سَبَقَ بَيانُها في أدِلَّةِ القياسِ في الحُدودِ والكَفَّاراتِ والمُقدَّراتِ، فتَكونُ أحكامُ الأبدالِ فردًا مِن أفرادِ ذلك العُمومِ .
2- أنَّ خَبَرَ الواحِدِ تَثبُتُ به أحكامُ الأبدالِ، فكذلك تَثبُتُ بالقياسِ بجامِعِ أنَّ كُلًّا مِنهما ظَنِّيٌّ .
3- أنَّ المُقتَضيَ للتَّعديةِ قد وُجِدَ في أحكامِ الأبدالِ، فيَنبَغي أن يوجَدَ القياسُ كسائِرِ الأحكامِ .
أمثِلةٌ تَطبيقيَّةٌ للمَسألةِ:
يَتَخَرَّجُ على هذه المَسألةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، ومِنها:
1- أنَّ تارِكَ الواجِبِ في الحَجِّ إذا لم يَجِدِ الدَّمَ فإنَّه يَنتَقِلُ إلى الصَّومِ؛ لأنَّه دَمٌ تَعلَّق وُجوبُه بالإحرامِ، فجاز الانتِقالُ عنه إلى الصَّومِ؛ قياسًا على دَمِ التَّطَيُّبِ واللِّباسِ .
2- المُحصَرُ إذا لم يَجِدْ هَديًا فإنَّه يَنتَقِلُ إلى الصَّومِ؛ لأنَّه هَديٌ تَعَلَّقَ وُجوبُه بالإحرامِ، فجاز الانتِقالُ عنه إلى الصَّومِ قياسًا على سائِرِ الهَدايا .
وقيل: أنَّه لا يَجوزُ إثباتُ الأبدالِ بالقياسِ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((الواضح)) لابن عقيل (1/197).
  2. (2) يُنظر: ((المهذب)) لعبد الكريم النملة (4/1937).
  3. (3) يُنظر: ((إحكام الفصول)) للباجي (2/628).
  4. (4) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (2/201).
  5. (5) يُنظر: ((المسودة)) لآل تيمية (ص398)، ((أصول الفقه)) لابن مفلح (3/1348).
  6. (6) يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (7/3220)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (6/2250).
  7. (7) يُنظر: ((المهذب)) لعبد الكريم النملة (4/1937).
  8. (8) يُنظر: ((المهذب)) لعبد الكريم النملة (4/1937).
  9. (9) يُنظر: ((الجامع)) لعبد الكريم النملة (ص: 337).
  10. (10) يُنظر: ((المعونة)) للشيرازي (ص: 91).
  11. (11) يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (2/719)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (3/157).