موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الرَّابِعةُ: حُجِّيَّةُ مَفهومِ المُخالَفةِ


اختَلَف الأُصوليُّونَ في هذه المَسألةِ، والرَّاجِحُ: أنَّ مَفهومَ المُخالَفةِ حُجَّةٌ في إثباتِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ. وهو مَنقولٌ عن: مالِكٍ ، والشَّافِعيِّ ، وأحمَدَ ، وهو مَذهَبُ أكثَرِ المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ .
وأصحابُ هذا القَولِ قد أثبَتوا مَفهومَ المُخالَفةِ في المُقَيَّدِ بالشَّرطِ والصِّفةِ والغايةِ، واختَلَفوا في المُقَيَّدِ بالاسمِ والعَينِ .
الأدِلَّةُ:
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَلِمةً، وقُلتُ أُخرى؛ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن ماتَ وهو يَجعَلُ للهِ نِدًّا دَخل النَّارَ))، وأنا أقولُ: مَن ماتَ وهو لا يَجعَلُ للهِ نِدًّا أدخَلَه اللهُ الجَنَّةَ .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عَبدَ اللَّهِ بنَ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه لَم يَقُلْ هذا إلَّا مِن جِهةِ دَليلِ الخِطابِ .
2- أنَّ القَولَ بمَفهومِ المُخالَفةِ هو المَفهومُ مِن لُغةِ العَرَبِ؛ لأنَّ الخِطابَ إنَّما يَقَعُ باللِّسانِ العَرَبيِّ، وبه يَحصُلُ البَيانُ، ووجَدنا أهلَ اللِّسانِ يُفرِّقونَ بَينَ المُطلَقِ والمُقَيَّدِ، وبَينَ المُبهَمِ وما يُعَلَّقُ بالشَّرطِ؛ فإذا قال القائِلُ: مَن دَخَلَ الدَّارَ من بَني تَميمٍ فأعطِه دِرهَمًا. عُقِل منه خِلافُ ما يُعقَلُ مِن قَولِه: مَن دَخَلَ الدَّارَ فأعطِه دِرهَمًا. وعُقِل منه خِلافُ ما يُعقَلُ مِن قَولِه: مَن لَم يَدخُلِ الدَّارَ فأعطِه دِرهَمًا.
ولذلك سَألَ أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ القَصرِ للصَّلاةِ إذا أمِنوا لمَّا سَمِعوا قَولَ اللهِ تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء: 101] .
فكان عِندَهم أنَّ ما عَدا الخَوفَ مِنَ الأمنِ بخِلافِه، فقال لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صَدَقةٌ تَصَدَّق اللهُ بها عليكُم؛ فاقبَلوا صَدَقَتَهـ)) .
ووَجهُ الدَّلالةِ مِنَ الحَديثِ: أنَّ تَعليقَ القَصرِ بالخَوفِ اقتَضى أنَّ حالَ الأمنِ لا يَجوزُ، وأقَرَّهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ذلك، ولَم يَرُدَّ عليهم ما ظَنُّوه، ولا خَطَّأهم فيما قدَّروه، فدَلَّ على أنَّ ذلك لُغَتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولُغَتُهم رَضِيَ اللهُ عنهم؛ فدَلَّ على صِحَّةِ القَولِ بدَليلِ الخِطابِ .
3- أنَّ العاقِلَ الحَكيمَ يُحَرِّرُ ألفاظَه، ويَقصِدُ إليها، وإذا قَصَدَ فلا بُدَّ مِن غَرَضٍ، ولا يَكونُ الغَرَضُ إلَّا صحيحًا، ولا غَرَضَ صحيحٌ في الشَّرعيَّاتِ إلَّا تَعليقُ الحُكمِ بها وبَيانُ حَقائِقِها.
فإذا بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ في سائِمةِ الغَنَمِ الزَّكاةَ فذِكرُ السَّائِمةِ لا يُعَدُّ لَغوًا غَيرَ مَقصودٍ إليه، ولا بُدَّ أن يَكونَ قُصِد إليه لغَرَضٍ صحيحٍ، ولا غَرَضَ إلَّا التَّنبيهُ على أنَّ المَعلوفةَ لا زَكاةَ فيها .
4- أنَّه لَو كان المَخصوصُ بالذِّكرِ مُساويًا للمَسكوتِ عنه في الحُكمِ لَكان تَخصيصُ أحَدِهما مَعَ استِوائِهما عِيًّا مِنَ المُتَكَلِّمِ؛ لأنَّه يَلزَمُ منه أُمورٌ ثَلاثةٌ باطِلةٌ:
الأوَّلُ: أنَّه عُدولٌ عنِ الأخصَرِ لا لفائِدةٍ، فيَكونُ ذلك عِيًّا.
الثَّاني: أنَّ تَخصيصَ أحَدِهما بالذِّكرِ مَعَ استِوائِهما في الحُكمِ تَرجيحٌ مِن غَيرِ مُرَجِّحٍ.
الثَّالِثُ: أنَّ استِواءَهما في الحُكمِ يُبطِلُ فائِدةَ تَخصيصِ أحَدِهما بالذِّكرِ؛ إذ لا أولَويَّةَ له بالتَّخصيصِ، وهذا يَرجِعُ إلى الذي قَبلَه، وهو التَّرجيحُ مِن غَيرِ مُرَجِّحٍ.
فهذه أُمورٌ باطِلةٌ تُلزِمُ تَخصيصَ أحَدِ الشَّيئَينِ بالذِّكرِ مَعَ استِوائِهما في الحُكمِ، ومَلزومُ الباطِلِ باطِلٌ؛ فدَلَّ على أنَّ ذلك باطِلٌ، وذلك يوجِبُ صِحَّةَ ما ذُكِرَ مِن أنَّ تَخصيصَ الشَّيءِ بالذِّكرِ يَقتَضي نَفيَ الحُكمِ عَمَّا عَداه .
وقيلَ: إنَّ مَفهومَ المُخالَفةِ ليس حُجَّةً. وهو مَنسوبٌ إلى أبي حَنيفةَ ، ورِوايةٌ عن أحمَدَ ، وهو مَذهَبُ عامَّةِ الحَنَفيَّةِ ، وبَعضِ المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، وابنِ حَزمٍ الظَّاهريِّ .
وأنكَرَه تَقيُّ الدِّينِ السُّبكيُّ في غَيرِ الشَّرعِ مِن كَلامِ المُصَنِّفينَ والواقِفينَ؛ لغَلَبةِ الذُّهولِ عليهم .
وقدِ اختَلَف القائِلونَ بأنَّ مَفهومَ المُخالَفةِ ليس حُجَّةً في تَعليقِ الحُكمِ بالصِّفةِ فيما إذا عُلِّقَ الحُكمُ بغايةٍ أو شَرطٍ: فذَهَبَ أكثَرُ المُتَكَلِّمينَ مِنهم وطائِفةٌ مِنَ الحَنَفيَّةِ إلى أنَّ التَّقييدَ بالغايةِ والشَّرطِ مِثلُ التَّقييدِ بالصِّفةِ، ولا يَدُلُّ الخِطابُ على ما سِوى المَنطوقِ به أصلًا.
وذَهَبَت طائِفةٌ مِنَ الفُقَهاءِ إلى القَولِ بمَفهومِ المُخالَفةِ في المُقَيَّدِ بالشَّرطِ والغايةِ، وأبطَلوا ذلك في المُقَيَّدِ بالصِّفةِ.
وبَعضُهم أبطَلَ مَفهومَ المُخالَفةِ بالصِّفةِ والشَّرطِ، وأثبَتَه في المُقَيَّدِ بالغايةِ .
واختَلَف الحَنَفيَّةُ في مَجالِ مَفهومِ المُخالَفةِ:
فالمُتَقدِّمونَ مِنهم على عَدَمِ التَّفريقِ بَينَ كَلامِ اللَّهِ تعالى ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وبَينَ كَلامِ النَّاسِ؛ فمَفهومُ المُخالَفةِ مَنفيٌّ فيهما. وهذا ما نَقَلَه الجَصَّاصُ عن شَيخِه الكَرخيِّ، واستَشهَدَ بكَلامٍ لمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ أنَّه قال: إذا حاصَرَ المُسلِمونَ حِصنًا مِن حُصونِ المُشرِكينَ، فقال رَجُلٌ مِن أهلِ الحِصنِ: أمِّنوني على أن أنزِلَ إليكُم على أن أدُلَّكُم على مِائةِ رَأسٍ مِنَ السَّبيِ في قَريةِ كَذا. فأمَّنَه المُسلِمونَ على ذلك، فنَزَلَ ثُمَّ لم يُخبِرْ بشَيءٍ؛ فإنَّه يُرَدُّ إلى مَأمَنِه؛ لأنَّه لَم يَقُلْ: إنْ لَم أدُلَّكُم فلا أمانَ لي. فلَم يَجعَلْ مُحَمَّدٌ وُقوعَ الأمانِ على هذا الشَّرطِ دليلًا على أنَّه مَتى لم يَفِ بالشَّرطِ فلا أمانَ له.
أمَّا المُتَأخِّرونَ مِنَ الحَنَفيَّةِ فحَصَروا نَفيَ القَولِ بمَفهومِ المُخالَفةِ في كَلامِ الشَّارِعِ فقَط، وأمَّا في المُصَنَّفاتِ الفِقهيَّةِ، وفي كَلامِ النَّاسِ في عُقودِهم وشُروطِهم وسائِرِ عِباراتِهم، فقد قالوا به نُزولًا على حُكمِ العُرفِ والعادةِ .
أمثِلةٌ تَطبيقيَّةٌ للمَسألةِ:
هذه المَسألةُ لها أثَرٌ كَبيرٌ في اختِلافِ الفُقَهاءِ في كَثيرٍ مِنَ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، وقد أشارَ ابنُ السَّمعانيِّ إلى ذلك، فقال: (هذه المَسألةُ أصلٌ عَظيمٌ في الفِقهِ، وعليه مَسائِلُ كَثيرةٌ) .
ومِن هذه الفُروعِ الفِقهيَّةِ المُتَخَرِّجةِ عليها:
1- حُكمُ ثَمَرةِ النَّخلةِ إذا بيعَت قَبلَ التَّأبيرِ:
والتَّأبيرُ: هو شَقُّ طَلعِ النَّخلةِ الأُنثى، ليُذَرَّ فيها مِن طَلعِ النَّخلةِ الذَّكَرِ .
وقدِ اختَلَف الفُقَهاءُ فيما إذا وقَعَ البَيعُ على نَخلٍ مُثمِرٍ ولَم يَشتَرِطِ الثَّمَرةَ:
فذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ إلى أنَّ ثَمَرَتَها تَندَرِجُ تَحتَ البَيعِ إذا كان البَيعُ قَبلَ التَّأبيرِ، ولا تَندَرِجُ بَعدَ التَّأبيرِ .
واستَدَلُّوا بقَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنِ ابتاعَ نخلًا بَعدَ أن تُؤَبَّرَ فثَمَرَتُها للبائِعِ إلَّا أن يَشتَرِطَ المُبتاعُ)) .
وذَهَبَ الحَنَفيَّةُ إلى أنَّ الثَّمَرةَ للبائِعِ، ولا تَندَرِجُ في البَيعِ إلَّا بقَرينةٍ .
فمَن قال: تَندَرِجُ الثَّمَرةُ تَحتَ البَيعِ إذا كانت قد أُبِّرَت قَبلَ البَيعِ، ولا تَندَرِجُ بَعدَ التَّأبيرِ، قالوا: الحَديثُ يَدُلُّ بمَنطوقِه على أنَّ ثَمَرةَ النَّخلِ الذي بيعَ بَعدَ تَأبيرِه يَستَحِقُّها البائِعُ، إلَّا إذا اشتَرَطَ المُشتَري على البائِعِ أن يَكونَ الثَّمَرُ له، ويَدُلُّ الحَديثُ بمَفهومِه على أنَّ ثَمَرةَ النَّخلِ الذي بيعَ قَبلَ تَأبيرِه لا يَستَحِقُّها البائِعُ، وإنَّما يَستَحِقُّها المُشتَري؛ وذلك لأنَّ استِحقاقَ البائِعِ قُيِّدَ بالتَّأبيرِ، فعِندَما يَنتَفي هذا الوَصفُ يَثبُتُ نَقيضُ حُكمِ المَنطوقِ، وهو استِحقاقُ المُشتَري بَدَلَ استِحقاقِ البائِعِ.
أمَّا الحَنَفيَّةُ فقالوا: لا تَندَرِجُ في الحالَتَينِ؛ لأنَّ قَيدَ التَّأبيرِ لا يَدُلُّ على نَفيِ الحُكمِ عِندَ عَدَمِه، ولأنَّ في تَخصيصِ أحَدِ القِسمَينِ سُكوتٌ عنِ القِسمِ الآخَرِ، والسُّكوتُ لا دَلالةَ له .
2- اشتِراطُ السَّومِ في زَكاةِ الماشيةِ:
اختَلَف الفُقَهاءُ في اشتِراطِ السَّومِ في زَكاةِ الماشيةِ:
فذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ إلى أنَّ الزَّكاةَ لا تَجِبُ في المَعلوفةِ مِنَ الإبِلِ، والبَقَرِ، والغَنَمِ .
وذلك لحَديثِ أنَّ في سائِمةِ الغَنَمِ الزَّكاةَ ؛ حَيثُ يَدُلُّ بمَفهومِ المُخالَفةِ على أنَّ الزَّكاةَ لا تَجِبُ في المَعلوفةِ.
وقيلَ: لا يُشتَرَطُ السَّومُ في الزَّكاةِ. وهو قَولُ مالِكٍ. وقد خالَف جُمهورَ الفُقَهاءِ، فأوجَبَ الزَّكاةَ في المَعلوفةِ مِنَ الإبِلِ، والبَقَرِ، والغَنَمِ، كما أوجَبَ في السَّائِمةِ، سَواءً بسَواءٍ، ففي المُدَوَّنةِ: (قال مالِكٌ: مَن كانت له غَنَمٌ، أو بَقَرٌ، أو إبِلٌ، يَعمَلُ عليها ويَعلِفُها، ففيها الصَّدَقةُ إن بَلَغَت ما تَجِبُ فيها الصَّدَقةُ)، وبذلك قال رَبيعةُ، واللَّيثُ .
ورَدَّ المالِكيَّةُ على الشَّافِعيَّةِ بأنَّ حَديثَ: "في سائِمةِ الغَنَمِ الزَّكاةُ" خَرَجَ مَخرَجَ الغالِبِ؛ فإنَّ غالِبَ أنعامِ الحِجازِ وغَيرِها السَّومُ، والمَفهومُ إذا خَرَجَ مَخرَجَ الغالِبِ فليس بحُجَّةٍ.
وإنَّما قالوا: إنَّ مَفهومَ الصِّفةِ إذا خَرَجَت مَخرَجَ الغالِبِ لا يَكونُ حُجَّةً ولا دالًّا على انتِفاءِ الحُكمِ عنِ المَسكوتِ عنه؛ بسَبَبِ أنَّ الصِّفةَ الغالِبةَ على الحَقيقةِ تَكونُ لازِمةً لها في الذِّهنِ بسَبَبِ الغَلَبةِ، فإذا استَحضَرَها المُتَكَلِّمُ ليَحكُمَ عليها حَضَرَت مَعَها تلك الصِّفةُ، فنَطَقَ بها المُتَكَلِّمُ لحُضورِها في الذِّهنِ مَعَ المَحكومِ عليه، لا أنَّه استَحضَرَها ليُفيدَ بها انتِفاءَ الحُكمِ عنِ المَسكوتِ عنه، أمَّا إذا لَم تَكُنْ غالِبةً فلا تَكونُ لازِمةً للحَقيقةِ في الذِّهنِ، فيَكونُ المُتَكَلِّمُ قد قَصَدَ حُضورَها في ذِهنِه ليُفيدَ بها سَلبَ الحُكمِ عنِ المَسكوتِ عنه؛ فلذلك لا تَكونُ الصِّفةُ الغالِبةُ دالَّةً على نَفيِ الحُكمِ، وغَيرُ الغالِبةِ دالَّةً على نَفيِ الحُكمِ عنِ المَسكوتِ عنه .
3- حُكمُ النَّفَقةِ للبائِنِ الحائِلِ:
اختَلَف الفُقَهاءُ في حُكمِ النَّفقةِ للبائِنِ الحائِلِ، على قَولَينِ:
فذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ مِنَ المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ إلى أنَّه لا تَجِبُ النَّفقةُ للبائِنِ الحائِلِ.
واستَدَلُّوا بمَفهومِ المُخالَفةِ في قَولِ اللهِ تعالى في شَأنِ المُطَلَّقاتِ ثَلاثًا: وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق: 6] ؛ حَيثُ جَعَلَ اللهُ تعالى النَّفقةَ للبائِنِ بشَرطِ أن تَكونَ حاملًا، فيَنتَفي الحُكمُ عِندَ انتِفاءِ الشَّرطِ، فيَثبُتُ عَدَمُ وُجوبِ النَّفقةِ للبائِنِ الحائِلِ.
وقيلَ: تَجِبُ النَّفَقةُ للبائِنِ الحائِلِ. وهو قَولُ الحَنَفيَّةِ ، أي: تَجِبُ النَّفقةُ للمُطَلَّقةِ ثَلاثًا، سَواءٌ كانت حاملًا أم حائلًا، ولَم يَأخُذوا بمَفهومِ المُخالَفةِ، بَل قالوا: إذا كان النَّصُّ القُرآنيُّ قد صَرَّحَ بوُجوبِ النَّفقةِ للحامِلِ، فهو ساكِتٌ عن نَفقةِ الحائِلِ، فيبقى الحُكمُ على أصلِه، وهو الوُجوبُ للنَّفقةِ؛ فإنَّ الزَّوجةَ قَبلَ الطَّلاقِ كانت نَفقَتُها واجِبةً على الزَّوجِ لاحتِباسِها لحَقِّه، وهذا الاحتِباسُ باقٍ بَعدَ الطَّلاقِ ما دامَت في العِدَّةِ .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((المقدمة)) لابن القصار (ص: 81)، ((المحصول)) لابن العربي (ص: 104)، ((أصول فقه الإمام مالك)) للشعلان (1/537).
  2. (2) يُنظر: ((البرهان)) لإمام الحرمين (1/165)، ((التنقيحات)) للسهروردي (ص: 136).
  3. (3) يُنظر: ((العدة)) لأبي يعلى (2/449)، ((الواضح)) لابن عقيل (3/266)، ((أصول مذهب الإمام أحمد)) للتركي (ص: 147).
  4. (4) يُنظر: ((إحكام الفصول)) للباجي (2/520)، ((إيضاح المحصول)) للمازري (ص: 338)، ((مفتاح الوصول)) للتلمساني (ص: 555).
  5. (5) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/238)، ((المستصفى)) للغزالي (ص: 265)، ((التنقيحات)) للسهروردي (ص: 136).
  6. (6) يُنظر: ((الواضح)) لابن عقيل (3/266)، ((قواعد الأصول)) لصفي الدين البغدادي (ص: 128).
  7. (7) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/239).
  8. (8) أخرجه البخاري (6683) باختِلافٍ يَسيرٍ، ولَفظُه: عن عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَلِمةً، وقُلتُ أُخرى: مَن ماتَ يَجعَلُ للهِ نِدًّا أُدخِلَ النَّارَ، وقُلتُ أُخرى: مَن ماتَ لا يَجعَلُ للهِ نِدًّا أُدخِلَ الجَنَّةَ.
  9. (9) يُنظر: ((الفقيه والمتفقهـ)) للخطيب البغدادي (1/323).
  10. (10) أخرجه مسلم (686) من حديثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه.
  11. (11) يُنظر: ((المقدمة)) لابن القصار (ص: 85)، ((الفقيه والمتفقهـ)) للخطيب البغدادي (1/323)، ((التبصرة)) للشيرازي (ص: 219)، ((الواضح)) لابن عقيل (3/267).
  12. (12) أخرجه البخاري (1454). عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه.
  13. (13) يُنظر: ((إيضاح المحصول)) للمازري (ص: 343).
  14. (14) يُنظر: ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (2/725).
  15. (15) يُنظر: ((نسمات الأسحار)) لابن عابدين (ص: 152).
  16. (16) يُنظر: ((التذكرة)) للمقدسي (ص: 595).
  17. (17) يُنظر: ((الفصول)) للجصاص (1/291)، ((مسائل الخلاف)) للصيمري (ص: 92)، ((أصول السرخسي)) (1/256)، ((ميزان الأصول)) لعلاء الدين السمرقندي (ص: 407).
  18. (18) يُنظر: ((التقريب والإرشاد)) للباقلاني (3/332).
  19. (19) يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/238)، ((تخريج الفروع على الأصول)) للزنجاني (ص: 162).
  20. (20) يُنظر: ((الإحكام)) (7/2).
  21. (21) يُنظر: ((حاشية البناني على شرح المحلي)) (1/255).
  22. (22) يُنظر: ((المعتمد)) لأبي الحسين البصري (1/149)، ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/238).
  23. (23) يُنظر: ((الفصول)) للجصاص (1/293)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (1/117)، ((أثر الاختلاف في القواعد الأصولية)) للخن (ص: 174).
  24. (24) ((قواطع الأدلة)) (1/249).
  25. (25) يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (1/13).
  26. (26) يُنظر: ((المعونة)) للقاضي عبد الوهاب (2/43)، ((المغني)) لابن قدامة (6/130)، ((تخريج الفروع على الأصول)) للزنجاني (ص: 164).
  27. (27) أخرجه البخاري (2379) واللفظ له، ومسلم (1543).
  28. (28) يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (30/135)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/164).
  29. (29) يُنظر: ((تخريج الفروع على الأصول)) للزنجاني (ص: 165)، ((تفسير النصوص)) للصالح (1/612)، ((أثر الاختلاف في القواعد الأصولية)) للخن (ص: 186)، ((مباحث أصولية في تقسيمات الألفاظ)) لمحمد عبد العاطي (ص: 408).
  30. (30) يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/13)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/253)، ((ينابيع الأحكام)) للإسفراييني (1/242).
  31. (31) أخرجه البخاري (1454). عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه.
  32. (32) يُنظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/357)، ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (2/436).
  33. (33) يُنظر: ((شرح تنقيح الفصول)) للقرافي (ص: 272).
  34. (34) يُنظر: ((المنتقى)) للباجي (5/391).
  35. (35) يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/355)، ((نهاية المطلب)) لإمام الحرمين (15/485).
  36. (36) يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (11/402).
  37. (37) يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/209)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (3/553).
  38. (38) يُنظر: ((أثر الاختلاف في القواعد الأصولية)) للخن (ص: 187)، ((أثر القواعد الأصولية اللغوية في استنباط أحكام القرآن)) لعبد الكريم حامدي (ص: 299).