الموسوعة الحديثية


- عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ : لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ فَكانَ الرَّجلُ يُحرَجُ أن يأكُلَ عندَ أحدٍ من النَّاسِ ، بعدَ ما نزَلتْ هذهِ الآيةُ ، فنَسَخَ ذلكَ الآيةُ الَّتي في النُّورِ ، قال : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا إلى قوله أَشْتَاتًا كانَ الرَّجُلُ الغنيُّ يدعُو الرَّجُلَ مِن أهلِه إلى الطَّعامِ ، قالَ : إنِّي لأُجَنِّحَ أن آكلَ منه . والتَّجنُّحُ : الحرَجُ ، ويقولُ : المِسكينُ أحقُّ بهِ مِنِّي . فأُحِلَّ في ذلكَ أن يأكلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسمُ اللهِ علَيهِ ، وأُحِلَّ طعامُ أهلِ الكتابِ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 3753 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | التخريج : أخرجه أبو داود (3753) واللفظ له، والبيهقي (14994)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (359) باختلاف يسير
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يَتورَّعونَ عَنِ الشُّبهاتِ، وفي هذا الأثَرِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما في تَفسيرِ قولِه تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]: "فكان الرَّجُلُ يَحْرَجُ أنْ يأكُلَ عِندَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ"، أي: امتَنعَ الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم عَنِ الأكْلِ عِند بعضِهم "بعْدَما نزلَتْ هذه الآيةُ"؛ خوفًا أنْ يكونَ ذلك مِن أكْلِ الباطلِ الَّذي يُحذِّرُ اللهُ منه ويَنْهى عنه، "فنَسَخَ ذلك"، أي: نَسَخَ هذا الحُكْمَ، "الآيةُ الَّتي في النُّورِ، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور: 61]، {أَشْتَاتًا}، أي: مُتفرِّقينَ.
يقولُ ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "كان الرَّجُلُ الغنيُّ يدعو الرَّجُلَ من أهلِه إلى الطَّعامِ"، أي: يطلُبُ إليه أنْ يُضَيِّفَه ويُطعِمَه، فيقولُ الرَّجُلُ: "إنَّي لَأَجْنَحُ أنْ آكُلَ منه- والتَّجَنُّحُ: الحَرَجُ- ويقول: المسكينُ أَحَقُّ به منِّي"، أي: أَوْلَى بذلك الطَّعامِ؛ فأُحِلَّ في ذلك أنْ يأكلوا ممَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عليه، وأُحِلَّ طعامُ أهلِ الكِتابِ"، أي: فأحَلَّ اللهُ عزَّ وجلَّ لهم بتلك الآيةِ كُلَّ الطَّيِّباتِ، حتَّى طعامَ أهلِ الكتابِ وهُمُ اليهودُ والنَّصارى.
وفي الحديثِ: أنَّه لا بأسَ أنْ يأكُلَ المرءُ مِن مالِ غيرِه، إذا كان بطِيبِ نفْسٍ منه، أو كان مِن أقاربِه الذين يأكُل في بُيوتِهم.