إنَّ مِن صِفاتِ عِبادِ الرَّحمَنِ التي أثنى اللَّهُ بِها عليهم قيامَ اللَّيلِ، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}
[الفرقان: 64] ، وحَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَغَّبَ أُمَّتَه على قيامِ اللَّيلِ، ومِمَّا جاءَ في فَضلِ قيامِ اللَّيلِ قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا أيقَظَ الرَّجُلُ أهلَه، أي: امرَأتَه أو نِساءَه وأولادَه وأقارِبَه وعَبيدَه وإماءَه مِنَ اللَّيلِ، أي: في بَعضِ أجزاءِ اللَّيلِ، فصَلَّيا، أي: الرَّجُلُ والمَرأةُ، أو صَلَّى. وهو شَكٌّ مِنَ الرَّاوي، هل صَلَّى كُلُّ واحِدٍ مُنفرِدًا، أو يَحتَمِلُ أنَّهما صَلَّيا جَماعةً، رَكعَتَينِ. وهذا بَيانٌ لِأقَلِّ ما يَحصُلُ بِه الاندِراجُ في سِلكِ الذَّاكِرينَ اللَّهَ كَثيرًا. جَميعًا، أي: صَلَّيا جَماعةً، أو صَلَّى وحدَه وهيَ صَلَّت وحدَها، والمَقصودُ أن توجَدَ صَلاةٌ، سَواءٌ صَلَّيا جَماعةً أو فُرادى. كُتِبا، أي: الرَّجُلُ وزَوجَتُه، في الذَّاكِرينَ والذَّاكِراتِ، أي: مِمَّن أثنى اللهُ عليهم بِقَولِه: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
[الأحزاب: 35] .
وفي الحَديثِ فَضلُ قيامِ اللَّيلِ.
وفيه أنَّ قيامَ اللَّيلِ يُعَدُّ مِن ذِكرِ اللهِ.
وفيه مَشروعيَّةُ قيامِ اللَّيلِ جَماعةً.
وفيه مَشروعيَّةُ صَلاةِ الرَّجُلِ بِأهلِه جَماعةً.
وفيه مَشروعيَّةُ إيقاظِ النَّائِمِ لِلتَّنَفُّلِ، وهو مِنَ المُعاونةِ على البِرِّ والتَّقوى.
وفيه فضيلةُ أمرِ الزَّوجِ أهلَه بِصَلاةِ النَّوافِلِ.
وفيه حِرصُ الرَّجُلِ على أهلِه وحَثُّهم على الخَيرِ .