اللهُ تعالى له الحِكمةُ البالِغةُ فيما يَخلُقُه ويَفعَلُه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}
[الأنبياء: 23] ، وعلى العِبادِ التَّسليمُ لأمرِ اللهِ تعالى، وعَدَمُ الِاعتِراضِ على ما يَفعَلُه سُبحانَه، ومِن حِكمَتِه أنْ فاوتَ بَينَ الذَّكَرِ والأُنثى في بَعضِ الأحكامِ، ومِنها أن جَعلَ المَرأةَ على النِّصفِ مِنَ الرَّجُلِ في الميراثِ والشَّهادةِ، وذلك لحِكَمٍ عَظيمةٍ يَعلَمُها سُبحانَه، وقد يَظهَرُ شَيءٌ مِنها للعِبادِ؛ يَقولُ عَبدُ اللَّهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: أتَتِ امرَأةٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا نَبيَّ اللهِ، للذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ، أي: جَعَلَ اللهُ نَصيبَ الذَّكَرِ مِثلَ نَصيبِ امرَأتَينِ، وشَهادةُ امرَأتَينِ برَجُلٍ، أي: وجَعَلَ اللهُ شَهادةَ امرَأتَينِ تَعدِلُ شَهادةَ رَجُلٍ واحِدٍ. أفنَحن في العَمَلِ هَكَذا؟ أي: فهَل في الأعمالِ نَكونُ كذلك على النِّصفِ من الرَّجُلِ؟ إن عَمِلَتِ امرَأةٌ حَسَنةً كُتِبَت لها نِصفُ حَسَنةٍ. فأنزَلَ اللهُ هذه الآيةَ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}
[النساء: 32] ، والتَّمَنِّي هو طَلَبُ حُصولِ ما يَعسُرُ حُصولُه للطَّالِبِ؛ فإنَّه عَدلٌ مِنِّي، وأنا صَنعتُه، أي: ما فعَلَه سُبحانَه في أمرِ الميراثِ والشَّهادةِ وغَيرِ ذلك صادِرٌ عن كَمالِ حِكمَتِه وعَدلِه سُبحانَه وبِحَمدِه.
وفي الحَديثِ بَيانُ سَبَبِ نُزولِ الآيةِ.
وفيه التَّسليمُ لأحكامِ اللهِ وأمرِه.
وفيه عَدَمُ الخَوضِ فيما سَكَت عنه اللَّهُ ورَسولُه.
وفيه بَيانُ عَدلِ اللهِ تعالى في خَلقِه .