القُرآنُ الكَريمُ هو الهدى والنُّورُ، وبه تَكونُ نَجاةُ الإنسانِ وسَعادَتُه في الدُّنيا والآخِرةِ، وإنَّ مِن أعظَمِ الوصايا الوصيَّةَ بالقُرآنِ الكَريمِ بتِلاوتِه والعَمَلِ به وتَدَبُّرِه وتَفهُّمِ مَعانيه والوُقوفِ عِندَ حُدودِه؛ فهو أحسَنُ الحَديثِ وأحسَنُ القَصَصِ وأحسَنُ الذِّكرِ؛ ولهذا لمَّا طَلبَ الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَقُصَّ لَهم قِصَصًا نَزَلَ القُرآنُ بأحسَنِ القَصَصِ، بخِلافِ قِصَصِ بَقيَّةِ النَّاسِ، ولمَّا طَلَبوا مِنه أن يُحَدِّثَهم نَزَل القُرآنُ بأحسَنِ الحَديثِ، بخِلافِ حَديثِ بَقيَّةِ النَّاسِ، وهكذا الذِّكرُ؛ يَقولُ سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه: أنزَلَ اللهُ تعالى على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم القُرآنَ، فتَلاه رَسولُ الله على الصَّحابةِ زَمانًا، أي: فترةً مِنَ الوقتِ. ثُمَّ بَعدَ ذلك قالوا: يا رَسولَ اللهِ، لَو قَصَصتَ علينا، أي: نُريدُ أن تَقُصَّ علينا بَعضَ القِصَصِ التي كانت في السَّابقينَ، فأنزَلَ اللهُ تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}
[يوسف: 1 - 3] ، فتَلاها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زَمانًا، أي: فترةً مِنَ الوقتِ. ثُمَّ قالوا بَعدَ ذلك: يا رَسولَ اللهِ، لَو حَدَّثْتَنا، فأنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}
[الزمر: 23] ، كُلَّ ذلك يُؤمَرونَ بالقُرآنِ، أي: أنَّ أيَّ شَيءٍ يَطلُبونَه يُؤمَرونَ بالقُرآنِ، فالقُرآنُ يُغنيهم عن كُلِّ ما يَطلُبونَه. قال خَلَّادٌ، وهو خَلَّادٌ الصَّفارُ أحَدُ رواةِ الحَديثِ: وزادَ فيه آخَرَ، أي: جاءَ في رِوايةٍ أُخرى زيادةُ: قالوا: يا رَسولَ اللهِ، لَو ذَكَّرْتَنا، فأنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}
[الحديد: 16] ، وفي رِواية: لَو خَوَّفْتَنا. والمَعنى: أنَّهم أرادوا الحَديثَ، فدَلَّهم على أحسَنِ الحَديثِ، وأرادوا القَصَصَ فدَلَّهم على أحسَنِ القَصَصِ، وهذا يَدُلُّ على مَدحِ القُرآنِ، وأنَّه كافٍ عن كُلِّ ما سِواه مِنَ الكُتُبِ.
وفي الحَديثِ بَيانُ أنَّ القُرآنَ أحسَنُ القَصَصِ.
وفيه بَيانُ أنَّ القُرآنَ أحسَنُ الحَديثِ.
وفيه بَيانُ أنَّ القُرآنَ أحسَنُ الذِّكرِ .