قال تعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذين آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}
[المائدة: 51] ، وقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}
[الأنفال: 73] ، فأخْبَرَ سُبحانَهُ وتعالَى أنَّ الوَلايةَ مُنقطِعةٌ بيْنَ المسلِمِ والكافِرِ.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ جابرُ بنُ عبْدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما حُكمًا عامًّا في الميراثِ بيْنَ المسلِمِ وغَيرِ المسلِمِ مِن أهْلِ الكتابِ، وقدْ بيَّنَ اللهُ عزَّ وجَلَّ أَحْكامَ الميراثِ، وأَسْهُمَ القَراباتِ ونَصيبَهُم في إرْثِ الميِّتِ، فأخبَرَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ اختلافَ الدِّينِ سبَبٌ في منْعِ الإرْثِ بيْنَ الميِّتِ والوارثِ؛ فالمسلِمُ لا يَرِثُ الكافرَ، والكافرُ لا يَرِثُ المسلِمَ، كما نصَّ على ذلكَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، مِن حَديثِ أُسامةَ بنِ زَيدٍ رضِيَ اللهُ عنهما في الصَّحيحينِ، وإنَّما نصَّ جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه على اليَهوديِّ والنَّصرانيِّ بأنَّهم لا يَرِثونَ المسلِمَ، ولا المسلِمُ يَرِثُهُم؛ للتَّأكيدِ على أنَّه ليسَ هناك استثناءٌ في الكفْرِ، وحتَّى لا يُوهَمُ أحَدٌ في الحُكمِ الشَّرعيِّ لتلكَ المسألةِ.
والإرْثُ مَبناهُ على الصِّلةِ والقُربَى والنَّفعِ، وهي مُنقطِعةٌ ما دامَ الدِّينُ مختلِفًا؛ لأنَّه الصِّلةُ المَتينةُ، والعُرْوةُ الوُثقَى، فإذا فُقِدتْ هذه الصِّلةُ، فُقِدَ معَها كلُّ شَيءٍ؛ حتَّى القَرابةُ، وانقَطعَتْ عَلاقةُ التَّوارُثِ بيْنَ الطَّرفَينِ.
واستَثنَى جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه العبْدَ والأَمَةَ مِن أهْلِ الكتابِ، فيَرِثُهُم سيِّدُهُما ومالِكُهُما؛ لأنَّهما مِن جُملةِ مالِهِ، وذلكَ إذا ظَلَّا في العبوديَّةِ حتَّى المَوتِ؛ فإنْ أُعتِقا جَرَتْ عليهم أَحْكامُ الحُرِّ.