الموسوعة الحديثية


- قضى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في رجلٍ طَعنَ رجلًا بقرنٍ في رجلِهِ فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، أقِدني ، فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : لا تعجَل حتَّى يَبرأَ جُرحُكَ ، قالَ : فأبى الرَّجلُ إلَّا أن يستَقيدَ ، فأقادَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منهُ ، قالَ : فعرِجَ المستقيدُ ، وبرأَ المستقادُ منهُ ، فأتى المستَقيدُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقالَ لَهُ : يا رسولَ اللَّهِ ، عَرِجْتُ ، وبرأَ صاحبي ؟ فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : ألَم آمُركَ أن لا تَستقيدَ ، حتَّى يبرأَ جرحُكَ ؟ فعَصيتَني فأبعدَكَ اللَّهُ ، وبطلَ جرحُكَ ثمَّ أمرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بعدَ الرَّجلِ الَّذي عرجَ : من كانَ بِهِ جرحٌ ، أن لا يستَقيدَ ، حتَّى تَبرأَ جراحتُهُ ، فإذا برئت جراحتُهُ استَقادَ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : [جد عمرو بن شعيب] | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 11/201
| التخريج : أخرجه أحمد (7034) واللفظ له، والبيهقي (16206)، والدارقطني (3114) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: أقضية وأحكام - قضايا حكم فيها النبي صلى الله عليه وسلم ديات وقصاص - الاستيناء بالقصاص من الجرح والقطع ديات وقصاص - الانتظار بالقود حتى يبرأ ديات وقصاص - الجارح يفتدى بالقود
|أصول الحديث
قالَ اللهُ تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179] ؛ فاعتِداءُ الإنسانِ علَى غيرِه دُونَ أنْ يُؤخَذَ للآخَرِ حقُّه ممَّن اعتدَى عليه، هو وجهٌ مِن وُجوهِ الظُّلمِ التي لا تقومُ به دولةٌ، وقد أرْسَى الإسلامُ القواعدَ والحدودَ التي تحدُّ مِن هذا النُّوعِ مِن الظُّلمِ، وللقِصاصِ أحْكامٌ وشُروطٌ، في هذا الحَديثِ بَيانُ بعضِها، حيثُ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العاصِ رضِيَ اللهُ عنهما: "قَضَى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في رجُلٍ طعَنَ رجُلًا بقَرْنٍ في رِجْلِه" بأنْ اعْتَدى عليه وجَرَحَه بقَرْنٍ وهو العَظْمُ الناتئُ في رَأسِ الحَيَوانِ، وكان يُستَخدَمُ كأداةٍ مُدَبَّبةٍ، فقال المَجْنيُّ عليه: "يا رسولَ اللهِ، أقِدْني"، يَطلُبُ من النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القِصاصَ مِن الذي جَرَحَه، "فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَعجَلْ حتى يَبرَأَ جُرحُكَ"، فأمَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ألَّا يَتعجَّلَ في طلَبِ القِصاصِ حتى يَتِمَّ شِفاؤُه من جُرحِه؛ وذلك لمَعرفةِ قَدْرِ القِصاصِ الذي سيُنفَّذُ في المُعْتَدي، فإنَّه لا يُعلَمُ إذا كان هذا الجُرحُ سيُحدِثُ عاهةً أم لا؛ فإنْ أحدَثَ كان على الجاني دِيَةُ العُضوِ، وليس الجُرحُ بالمِثلِ فقط. قال عبدُ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه: "فأبى الرجُلُ إلَّا أنْ يَستَقيدَ"، فرفَضَ الرجُلُ إلَّا أنْ يُقامَ القِصاصُ دونَ الانتِظارِ لشِفائِه، "فأقادَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منه، قال: فعَرَجَ المُستَقيدُ"، فأصابَتْ رِجْلَ المُعْتدَى عليه عاهةٌ وعَرَجَت رِجْلُه، "وبرَأَ المُستَقادُ منه"، فشُفيَ الرجُلُ الذي أُقيمَ عليه القِصاصُ، فأتَى المُستَقيدُ وهو المُعْتَدَى عليه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَ أنْ عَرَجَت رِجْلُه، ووجَدَ أنَّ الآخَرَ قد شُفيَ، فقال له: "يا رسولَ اللهِ، عَرَجْتُ، وبرَأَ صاحِبي؟" فطلَبَ من النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُقيمَ القِصاصَ في المُعْتَدي مرَّةً أُخرى بقَصْدِ إحداثِ عاهةٍ في المُعْتَدي، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ألَمْ آمُرْكَ ألَّا تَستَقيدَ" وألَّا تَتعجَّلَ في أخْذِ القِصاصِ "حتى يَبرَأَ جُرحُكَ؟" فتُشفى منه، وتَعرِفَ النتيجةَ النهائيةَ، وأثَرَ الجُرحِ، "فعَصَيْتَني" بأنْ تَعجَّلْتَ القِصاصَ، ولم تَصبِرْ كما أمَرْتُكَ، "فأبعَدَكَ اللهُ"، أي: أبعَدَكَ اللهُ عن الشِّفاءِ، "وبطَلَ جُرحُكَ"؛ فأصبَحَ ما كان لكَ مِن دِيَةِ جُرحِكَ هَدَرًا بتعَجُّلِكَ بالقِصاصِ، ولا يُؤخَذُ فيه القِصاصُ مرَّةً أُخرى. "ثم أمَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَ الرجُلِ الذي عَرَجَ"، أي: بعدَ هذه الحادِثةِ، وما رَآه ممَّا حدَثَ للمُعْتَدى عليه وعَرَجِ رِجْلِه، فأمَرَ الناسَ أنَّه: "مَن كان به جُرحٌ" نَتيجةَ إصابةٍ من شَخصٍ آخَرَ "ألَّا يَستَقيدَ"، ولا يأخُذَ القِصاصَ مِن المُعتَدي "حتى تَبرَأَ جِراحَتُه"، فتَظهَرَ النتيجةُ النهائيةُ لأثَرِ الجُرحِ، ويَعرِفَ قَدْرَ الإصابةِ الحقيقيةِ، "فإذا بَرِئَت جِراحَتُهُ استَقادَ"، فأخَذَ بحَقِّه بالقِصاصِ من الجاني. وفي الحديثِ: بيانُ شُؤمِ مُخالَفةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفَضْلِ امتِثالِ أمْرِه.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها