الموسوعة الحديثية


- "إذا تَطهَّر الرجُلُ فأَحسَن الطُّهورَ، ثُم أَتى الجمُعةَ فلم يَلْغُ، ولم يَجهَلْ حتى يَنصرِفَ الإمامُ، كانت كفَّارةً لما بيْنَها وبيْنَ الجمُعةِ، وفي الجمُعةِ ساعةٌ لا يوافِقُها رجُلٌ مؤمِنٌ يَسأَلُ اللهَ شيئًا إلَّا أَعْطاه إيَّاه، والمكتوباتُ كفَّاراتٌ لما بيْنَهُنَّ".
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 11347 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (11347) واللفظ له، وعبد بن حميد (899)، وابن خزيمة (1817)
تَفضَّلَ اللهُ سُبْحانَهُ على عِبادِهِ بأنْ جَعَلَ أداءَ العِباداتِ بشُروطِها سَببًا للمَغفِرةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرغِّبُ النَّاسَ في الطَّاعاتِ والعِباداتِ بذِكرِ الأجْرِ والثَّوابِ عليها.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إذا تطهَّرَ الرَّجُلُ فأحسَنَ الطَّهورَ" بمَعْنى تنظَّفَ بتَعميمِ جَسَدِهِ بالماءِ، مع ما يُمكِنُهُ مِن تَنظيفٍ؛ كقَصِّ الظُّفرِ والشَّاربِ وحَلْقِ العانةِ، ونَحوِ ذلِكَ، "ثُمَّ أتَى الجُمُعةَ" ثُمَّ قصَدَ بهذا الطَّهورِ صَلاةَ الجُمُعةِ "فلم يَلْغُ" لم يتكلَّمْ أثْناءَ الخُطْبةِ "ولم يَجهَلْ" بكَلامٍ سيِّئٍ، ولم يَرتَكِبْ فِعلًا مُنكَرًا، فلم يُؤْذِ أحدًا مِن النَّاسِ في المَسجِدِ؛ ولم يَتَخطَّ الرِّقابَ، ولم يُفرِّقْ بيْنَ الجالسِينَ قَبلَهُ في الصُّفوفِ، وظلَّ بحالَتِهِ هذه "حتَّى يَنصرِفَ الإمامُ" فيَنتَهي من الخُطْبةِ والصَّلاةِ "كانت كَفَّارةً لِمَا بيْنَها وبيْنَ الجُمُعةِ"، أي: غُفِرَ له ما ارتَكَبَهُ مِن الذُّنوبِ في هذه المُدَّةِ بيْنَ الجُمُعتَينِ؛ مِن صَلاةِ الجُمُعةِ وخُطبتِها إلى مِثلِ الوَقتِ مِن الجُمُعةِ الثَّانيةِ.
قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وفي الجُمُعةِ ساعةٌ"، أي: جُزءٌ مِن اليَومِ، قيلَ: هي السَّاعةُ مِن خُروجِ الإمامِ للخُطبةِ إلى الصَّلاةِ، وقيلَ: هي آخِرُ ساعةٍ في يومِ الجُمُعةِ، وقيلَ: إنَّ تَعدُّدَ الرِّواياتِ يُمكِنُ أن يُحمَلَ على أنَّ هذه السَّاعةَ تَتنقَّلُ في الأوْقاتِ، كانتقالِ لَيلةِ القَدْرِ في ليالي العَشْرِ "لا يُوافِقُها رَجُلٌ مُؤمِنٌ" عرَفَ فَضْلَ هذا اليَومِ، وتَحرَّى هذه السَّاعةَ، فقامَ "يَسأَلُ اللهَ شَيئًا" ويَدْعو اللهَ بما شاءَ مِن خَيرِ الدُّنيا والآخِرةِ، "إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ" إلَّا حقَّقَ له ما سأَلَ، وقَبِل ما دَعا به، "والمَكْتوباتُ كفَّاراتٌ لما بيْنَهُنَّ" بمَعْنى أنَّ المُحافَظةَ على الصَّلواتِ الخَمسِ الفَرائِضِ في كُلِّ يَومٍ تَكونُ سَببًا لتَكْفيرِ اللهِ وغُفرانِهِ ذُنوبَ المُسلِمِ وخَطاياهُ الَّتي ارتَكَبَها بيْنَ هذه الصَّلَواتِ، وقد أوضَحَتْ رِوايةٌ عِندَ مُسلِمٍ، أنَّ ذلِكَ الغُفرانَ يكونُ لِصَغائرِ الذُّنوبِ، أمَّا الكبائِرُ فأمْرُها إلى اللهِ، ولا يَنفَعُها إلَّا التَّوبةُ منها، وقد قالَ اللهُ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31]، أي: نَمْحُ عنكم صَغائِرَكم، ولا يَلزَمُ مِن ذلِكَ إلَّا يُكفِّرَ الصَّغائرَ إلَّا اجتِنابُ الكَبائِرِ، وإذا لَم يَكُنْ للمَرْءِ صَغائرُ تُكفَّرُ رُجِيَ له أنْ يُكفَّرَ عنه بمِقْدارِ ذلِكَ مِن الكَبائِرِ، وإلَّا أُعطِيَ مِن الثَّوابِ بمِقْدارِ ذلِكَ.
وفي الحَديثِ: تَحرِّي أوْقاتِ إجابةِ الدُّعاءِ.
وفيه: بَيانٌ لأفضليَّةِ الصَّلاةِ عُمومًا، ويَومِ الجُمُعةِ خُصوصًا.
وفيه: بَيانٌ فَضيلةِ الاغتِسالِ والتَّطيُّبِ والخُروجِ لِصَلاةِ الجُمُعةِ .