الموسوعة الحديثية


- أَعُوذُ بعِزَّتِكَ، الذي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ الذي لا يَمُوتُ، والجِنُّ والإِنْسُ يَمُوتُونَ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 7383 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (7383)، ومسلم (2717)
الدُّعاءُ هو العبادَةُ، وقد كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَجتهِدُ في دُعائه لله عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحديثِ يَستعيذُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِعزَّةِ اللهِ تَعالَى، والاستعاذةُ هي: الالتِجاءُ إلى اللهِ، والاحتماءُ من شرِّ كلِّ ذي شرٍّ، والعَوذُ يكونُ لدَفعِ الشَّرِّ، واللَّوذُ يكونُ لِطلبِ الخيرِ. والعِزَّةُ: المَنَعَةُ وشِدَّةُ الغَلَبةِ، وقد وصَفَ اللهَ سُبحانه وتعالَى نفسَه بالعزَّةِ، فقال: {هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 6]، وقال: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10]. فالتَّوَجُّه أوَّلًا وأخيرًا لله عزَّ وجَلَّ، ولذلك جاء بَعدَه قولُه: «الَّذي لَا إِلَهَ إلَّا أَنْتَ»، أي: أنتَ الإله الحقُّ، الَّذي تَجِبُ عِبادتُه على عِبادِه، وكلُّ تَأُّلهٍ لغيرِه فهو ضَلالٌ، فذلك إثباتٌ لوَحدانيَّةِ اللهِ عزَّ وجلَّ وإلهيَّتِه، وأنَّ الخَيرَ والشَّرَّ بيَدَيه وَحدَه. وقولُه: «والجنُّ والإنسُ يَموتونَ»، أي: أنَّ الخلقَ كُلَّهم يَموتونَ، ولا يَبقى إلَّا الحَيُّ القيُّومُ، وهذا تَأكيدٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أنَّ صِفةَ الحياةِ لله عزَّ وجلَّ وحدَه، حتَّى إنَّ أرقَى المَخلوقاتِ لازِمٌ في حقِّها الموتُ.
ولعلَّ سِرَّ إيرادِ هذا الثَّناءِ على اللهِ عزَّ وجلَّ من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في نِهايةِ هذا الدُّعاءِ: هو التَّأكيدُ على أنَّ اللهَ هو وَحدَه الحيُّ الذي لا يَموتُ، وهذا تَنزيهٌ لله عزَّ وجلَّ عن المَوتِ؛ لأنَّ الموتَ صِفَةُ نقصٍ، ومَن كان مُتَّصفًا بمِثلِ هذا الكَمالِ من الدَّيمومةِ والحياةِ الكاملةِ حَقيقٌ ألَّا يُدعَى غيرُه، وألَّا يُرجى سِواهُ.
وفي الحديثِ: إثباتُ بعضِ الصِّفاتِ لله عزَّ وجلَّ: العزَّةُ، والوَحدانيَّةُ، والأُلوهيَّةُ، وأنَّه الحيُّ الذي لا يَموتُ.
وفيه: مَشروعيَّةُ الاستعاذةِ بصِفاتِ اللهِ سُبحانَه.
وفيه: إظهارُ الإذعانِ والاستسلامِ لله عزَّ وجَلَّ بالتَّوَجُّه إليه والِالتِجاءِ إليه.