الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - قدِمَ وَفدُ بَجيلةَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اُكْسوا البَجَليِّينَ، وابدَؤوا بالأحمَسيِّينَ. قال: فتخَلَّفَ رَجُلٌ مِن قَيسٍ، قال: حتى أنظُرَ ما يَقولُ لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قال: فدعا لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَمسَ مَرَّاتٍ: اللَّهمَّ صَلِّ عليهم. أو: اللَّهمَّ بارِكْ فيهم. مُخارِقٌ الذي يَشُكُّ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : طارق بن شهاب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 18833
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - دعاء النبي لبعض الناس مناقب وفضائل - أحمس
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

2 - أتيْتُ علِيًّا فلمْ أجِدْهُ، فقالت فاطمةُ: انطلَق إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعوهُ. قال: فجاء مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فدخَلَا، ودخَلْتُ معهما، فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحَسَنَ والحُسَيْنَ، فأقعَد كلَّ واحدٍ منهما على فَخِذِهِ، وأَدْنى فاطمةَ من حِجْرِهِ وزَوجَها، ثمَّ لفَّ عليهم ثوبًا، وأنا مُنْتَبِذٌ، ثمَّ قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} [الأحزاب: 33] الآيةَ، ثمَّ قال: اللَّهُمَّ هؤلاء أهلي، إنَّهم أهلُ حقٍّ. فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، وأنا من أهلِكَ؟ قال: وأنتَ مِن أهلي. قال واثِلةُ: فإنَّها مِن أَرْجى ما أَرْجو.

3 - كُنَّا عندَ أَنَسِ بنِ مالِكٍ، فكتَبَ كتابًا بين أهلِه، فقال: اشهَدوا يا مَعشَرَ القُرَّاءِ، قال ثابتٌ: فكأنِّي كرِهْتُ ذلك، فقُلتُ: يا أبا حَمْزةَ: لو سمَّيْتَهم بأسمائِهم، قال: وما بأسُ ذلك أنْ أقولَ لكم: قُرَّاءٌ، أفلا أُحدِّثُكم عن إخوانِكمُ الذين كُنَّا نُسمِّيهم على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرَّاءَ، فذكَرَ أنَّهم كانوا سَبعينَ، فكانوا إذا جنَّهمُ الليلُ ، انطَلَقوا إلى مَعْلَمٍ لهم بالمدينةِ، فيَدرُسونَ فيه القُرآنَ حتى يُصبِحوا، فإذا أصبَحوا، فمَن كانت له قوَّةٌ استَعذَب منَ الماءِ، وأَصابَ منَ الحَطَبِ، ومَن كانت عنده سَعةٌ اجتَمَعوا، فاشتَرَوُا الشَّاةَ، فأَصلَحوها، فيُصبِحُ ذلك مُعلَّقًا بحُجَرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا أُصيبَ خُبَيبٌ، بعَثَهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَتَوْا على حيٍّ من بَني سُلَيمٍ، وفيهم خالي حَرامٌ، فقال حَرامٌ لأَميرِهم: دَعْني فلْأُخبِرْ هؤلاء أنَّا لسْنا إيَّاهم نُريدُ، حتى يُخْلوا وجْهَنا، -وقال عَفَّانُ: فيُخْلونَ وجْهَنا- فقال لهم حَرامٌ: إنَّا لسْنا إيَّاكم نُريدُ، فاستَقبَلَه رجُلٌ بالرُّمحِ، فأنفَذَه منه، فلمَّا وجَدَ الرُّمحَ في جوْفِه قال: اللهُ أكبرُ، فُزْتُ وربِّ الكَعبةِ، قال: فانطَوَوْا عليهم فما بقِيَ منهم أَحَدٌ، فقال أَنَسٌ: فما رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَدَ على شيءٍ قَطُّ وَجْدَه عليهم، فلقد رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلمَّا صلَّى الغَداةَ رفَعَ يدَيْه فدَعا عليهم، فلمَّا كان بعدَ ذلك، إذا أبو طَلْحةَ يقولُ لي: هل لكَ في قاتلِ حَرامٍ؟ قال: قُلتُ له: ما له فعَلَ اللهِ به وفعَلَ، قال: مَهلًا، فإنَّه قد أَسلَمَ، وقال عَفَّانُ: رفَعَ يَدَه يَدْعو عليهم، وقال أبو النَّضْرِ: رفَعَ يدَيْه.

4 - خرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جيشٍ، فلمَّا كان في بعضِ الطريقِ تخَلَّفَ لبعضِ حاجَتِه، وتخلَّفتُ معَه بمِيضأةٍ، وهي الإداوةُ، قال أبو قَتادةَ: فقَضى حاجَتَه، ثم جاءَني، فسكَبتُ عليه مِنَ المِيضأةِ، فتوَضَّأ، وقال لي: احفَظْها فلَعَلَّه أنْ يَكونَ لبَقيَّتِها شأنٌ، قال: وسارَ الجيشُ، فقال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إن يُطيعوا أبا بَكرٍ وعُمَرَ يَرفُقوا بأنفُسِهم، وإن يَعصوهما، يَشُقُّوا على أنفُسِهم، قال: فكان أبو بَكرٍ وعُمَرُ أشارا عليهم ألَّا يَنزِلوا حتى يَبلُغوا الماءَ، وقال بَقيَّةُ الناسِ: بل نَنزِلُ حتى يَأتيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: فنَزَلوا، قال: فجِئناهم في نَحرِ الظهيرةِ ، وقد هَلَكوا مِنَ العَطَشِ، فدَعا النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمِيضأةِ، فأتَيتُه بها، فاستَأبَطَها، ثم جعَلَ يصُبُّ لهم، فشَرِبوا حتى رَوَوْا وتَوَضَّؤوا، ومَلَؤوا كلَّ إناءٍ كان معَهم حتى جعَلَ يقولُ: هل مِن مالٍ؟ قال: فخُيِّلَ إليَّ أنَّها كما أخَذَها، وكانوا يومَئذٍ اثنينِ وسَبعينَ رجُلًا.

5 - خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بضعَ عشر مئةً مِن أصحابِه حتَّى إذا كانوا بذي الحُليفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشعَر ثمَّ أحرَم بالعمرةِ وبعَث بيْنَ يدَيْهِ عينًا له رجُلًا مِن خُزاعةَ يجيئُه بخبرِ قريشٍ وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ أتاه عينُه الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لُؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جموعًا كثيرةً وهم مقاتِلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أشيروا علَيَّ أترَوْنَ أنْ نميلَ إلى ذراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوتورين محزونين وإنْ نجَوْا يكونوا عُنقًا قطَعها اللهُ أم ترَوْنَ أنْ نؤُمَّ البيتَ فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه ) ؟ فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: اللهُ ورسولُه أعلمُ يا نبيَّ اللهِ إنَّما جِئْنا مُعتمرينَ ولم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنْ مَن حال بينَنا وبيْنَ البيتِ قاتَلْناه فقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فرُوحوا إذًا ) قال الزُّهريُّ في حديثِه: وكان أبو هُريرةَ يقولُ: ما رأَيْتُ أحدًا أكثرَ مشاورةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الزُّهريُّ في حديثِه عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ في حديثِهما: فراحوا حتَّى إذا كانوا ببعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّ خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقريشٍ طليعةً فخُذوا ذاتَ اليمينِ ) فواللهِ ما شعَر بهم خالدُ بنُ الوليدِ حتَّى إذا هو بقَترةِ الجيشِ فأقبَل يركُضُ نذيرًا لقريشٍ وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يُهبَطُ عليهم منها فلمَّا انتهى إليها برَكتْ راحلتُه فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ فألحَّتْ فقالوا: خلَأتِ القصواءُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما خلَأتِ القصواءُ وما ذلك لها بخُلُقٍ ولكنْ حبَسها حابسُ الفيلِ ) ثمَّ قال: ( والَّذي نفسي بيدِه لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها ) ثمَّ زجَرها فوثَبتْ به قال: فعدَل عنهم حتَّى نزَل بأقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبرُّضًا فلم يلبَثْ بالنَّاسِ أنْ نزَحوه فشُكي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العطشُ فانتزَع سهمًا مِن كِنانتِه ثمَّ أمَرهم أنْ يجعَلوه فيه قال: فما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه: فبينما هم كذلك إذ جاءه بُدَيْلُ بنُ ورقاءَ الخزاعيُّ في نفرٍ مِن قومِه مِن خُزاعةَ وكانت عَيْبَةَ نُصحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ معهم العُوذُ المَطافيلُ وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّا لم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنَّا جِئْنا مُعتمرينَ فإنَّ قريشًا قد نهَكَتْهم الحربُ وأضرَّت بهم فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مدَّةً ويُخلُّوا بيني وبيْنَ النَّاسِ فإنْ ظهَرْنا وشاؤوا أنْ يدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا وقد جَمُّوا وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نفسي بيدِه لأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حتَّى تنفرِدَ سالفتي أو لَيُبْدِيَنَّ اللهُ أمرَه ) قال بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ: سأُبلِغُهم ما تقولُ: فانطلَق حتَّى أتى قريشًا فقال: إنَّا قد جِئْناكم مِن عندِ هذا الرَّجُلِ وسمِعْناه يقولُ قولًا فإنْ شِئْتم أنْ نعرِضَه عليكم فعَلْنا فقال سفهاؤُهم: لا حاجةَ لنا في أنْ تُخبِرونا عنه بشيءٍ وقال ذو الرَّأيِ: هاتِ ما سمِعْتَه يقولُ قال: سمِعْتُه يقولُ كذا وكذا فأخبَرْتُهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام عندَ ذلك أبو مسعودٍ عُروةُ بنُ مسعودٍ الثَّقفيُّ فقال: يا قومِ ألَسْتُم بالولدِ ؟ قالوا: بلى قال: ألَسْتُ بالوالدِ ؟ قالوا: بلى قال: فهل تتَّهموني ؟ قالوا: لا قال: ألَسْتُم تعلَمون أنِّي استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئْتُكم بأهلي وولَدي ومَن أطاعني ؟ قالوا: بلى قال: فإنَّ هذا امرؤٌ عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها ودعوني آتِهِ قالوا: ائتِه فأتاه قال: فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحوًا مِن قولِه لبُدَيْلِ بنِ وَرْقاءَ فقال عروةُ بنُ مسعودٍ عندَ ذلك يا محمَّدُ أرأَيْتَ إنِ استأصَلْتَ قومَك هل سمِعْتَ أحدًا مِن العربِ اجتاح أصلَه قبْلَك وإنْ تكُنِ الأخرى فواللهِ إنِّي أرى وجوهًا وأرى أشوابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يفِرُّوا ويدَعوك فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: امصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ أنحنُ نفِرُّ وندَعُه ؟ فقال أبو مسعودٍ: مَن هذا ؟ قالوا: أبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ فقال: أمَا والَّذي نفسي بيدِه لولا يدٌ كانت لك عندي لم أَجْزِك بها لأجَبْتُك وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكلَّما كلَّمه أخَذ بلِحيتِه والمغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ قائمٌ على رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه السَّيفُ والمِغفَرُ فكلَّما أهوى عُروةُ بيدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يدَك عن لحيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرفَع عروةُ رأسَه وقال: مَن هذا ؟ فقالوا: المغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ فقال: أيْ غُدَرُ، أولَسْتُ أسعى في غَدرَتِك وكان المغيرةُ بنُ شُعبةَ صحِب قومًا في الجاهليَّةِ فقتَلهم وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ وأمَّا المالُ فلَسْتُ منه في شيءٍ ) قال: ثمَّ إنَّ عروةَ جعَل يرمُقُ صحابةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعينِه فواللهِ ما يتنخَّمُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعتْ في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلدَه وإذا أمَرهم انقادوا لأمرِه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له فرجَع عروةُ بنُ مسعودٍ إلى أصحابِه فقال: أيْ قومِ واللهِ لقد وفَدْتُ إلى الملوكِ ووفَدْتُ إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيِّ واللهِ ما رأَيْتُ ملِكًا قطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ محمَّدًا وواللهِ إنْ يتنخَّمُ نُخامةً إلَّا وقَعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلْدَه وإذا أمَرهم ابتدَروا أمرَه وإذا توضَّأ اقتتلوا على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها فقال رجُلٌ مِن بني كِنانةَ دعوني آتِه فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فلانٌ مِن قومٍ يُعظِّمون البُدنَ فابعَثوها له قال: فبُعِثَتْ واستقبَله القومُ يُلَبُّون فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ لا ينبغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فلمَّا رجَع إلى أصحابِه قال: رأَيْتُ البُدْنَ قد قُلِّدتْ وأُشعِرَتْ فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فقام رجُلٌ منهم يُقالُ له: مِكرَزٌ فقال: دعوني آتِهِ فقالوا: ائتِه فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا مِكرَزٌ وهو رجُلٌ فاجرٌ ) فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبينما هو يُكلِّمُه إذ جاءه سُهيلُ بنُ عمرٍو قال مَعْمَرٌ: فأخبَرني أيُّوبُ السَّخْتِيانيُّ عن عِكرمةَ قال: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا سُهيلٌ قد سهَّل اللهُ لكم أمرَكم ) قال مَعْمَرٌ في حديثِه عن الزُّهريِّ عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال: هاتِ اكتُبْ بينَنا وبينَكم كتابًا فدعا الكاتبَ فقال: اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فقال سُهيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ فلا أدري واللهِ ما هو ولكِنِ اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( اكتُبْ هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ ) فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لو كنَّا نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ ولا قاتَلْناك ولكِنِ اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( واللهِ إنِّي لَرسولُ اللهِ وإنْ كذَّبْتُموني اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ ) قال الزُّهريُّ: وذلك لقولِه: لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها وقال في حديثِه عن عُروةَ عنِ المِسوَرِ ومَروانَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( على أنْ تُخَلُّوا بينَنا وبيْنَ البيتِ فنطوفَ به فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: إنَّه لا يتحدَّثُ العربُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً ، ولكِنْ لك مِن العامِ المقبِلِ، فكتَب، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإنْ كان على دِينِك أو يُريدُ دينَك إلَّا ردَدْتَه إلينا فقال المسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ كيف يُرَدُّ إلى المشركينَ وقد جاء مسلِمًا فبينما هم على ذلك إذ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو يرسُفُ في قيودِه قد خرَج مِن أسفلِ مكَّةَ حتى رمى بنفسِه بيْنَ المسلمينَ فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: يا محمَّدُ هذا أوَّلُ مَن نُقاضيك عليه أنْ ترُدَّه إليَّ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نُمضِ الكتابَ بعدُ فقال: واللهِ لا أُصالِحُك على شيءٍ أبدًا فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فأَجِزْه لي ) فقال: ما أنا بمُجيزِه لك قال: فافعَلْ قال: ما أنا بفاعلٍ قال مِكرَزٌ: بل قد أجَزْناه لك فقال أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو: يا معشرَ المسلمينَ أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئْتُ مسلِمًا ألا ترَوْنَ إلى ما قد لقيتُ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ - فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه: واللهِ ما شكَكْتُ منذُ أسلَمْتُ إلَّا يومَئذٍ فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: ألَسْتَ رسولَ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننِا إذًا ؟ قال: ( إنِّي رسولُ اللهِ ولَسْتُ أعصي ربِّي وهو ناصري ) قُلْتُ: أوليسَ كُنْتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ به ؟ قال ( بلى فخبَّرْتُك أنَّك تأتيه العامَ ؟ ) قال: لا قال: ( فإنَّك تأتيه فتطوفُ به قال: فأتَيْتُ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضوانُ اللهِ عليه فقُلْتُ: يا أبا بكرٍ أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: أولَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا ؟ قال: أيُّها الرَّجلُ إنَّه رسولُ اللهِ وليس يعصي ربَّه وهو ناصرُه فاستمسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ فواللهِ إنَّه على الحقِّ قُلْتُ: أوليس كان يُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ به ؟ قال: بلى قال فأخبَرك أنَّا نأتيه العامَ ؟ قُلْتُ: لا قال: فإنَّك آتيه وتطوفُ به قال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه فعمِلْتُ في ذلك أعمالًا - يعني في نقضِ الصَّحيفةِ - فلمَّا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الكتابِ أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه فقال: ( انحَروا الهَدْيَ واحلِقوا ) قال: فواللهِ ما قام رجُلٌ منهم رجاءَ أنْ يُحدِثَ اللهُ أمرًا فلمَّا لم يقُمْ أحَدٌ منهم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدخَل على أمِّ سلَمةَ فقال: ما لقيتُ مِن النَّاسِ قالت أمُّ سلَمةَ: أوَتُحِبُّ ذاك، اخرُجْ ولا تُكلِّمَنَّ أحدًا منهم كلمةً حتَّى تنحَرَ بُدنَكَ وتدعوَ حالقَك فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخرَج ولم يُكلِّمْ أحدًا منهم حتَّى نحَر بُدْنَه ثمَّ دعا حالقَه فحلَقه فلمَّا رأى ذلك النَّاسُ جعَل بعضُهم يحلِقُ بعضًا حتَّى كاد بعضُهم يقتُلُ بعضًا قال: ثمَّ جاء نِسوةٌ مؤمناتٌ فأنزَل اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلى آخِرِ الآيةِ قال: فطلَّق عمرُ رضوانُ اللهِ عليه امرأتينِ كانتا له في الشِّركِ فتزوَّج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ والأخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ قال: ثمَّ رجَع صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ مِن قريشٍ وهو مسلِمٌ فأرسَلوا في طلبِه رجُلينِ وقالوا: العهدَ الَّذي جعَلْتَ لنا فدفَعه إلى الرَّجُلينِ فخرَجا حتَّى بلَغا به ذا الحليفةِ فنزَلوا يأكُلون مِن تمرٍ لهم فقال أبو بَصيرٍ لأَحدِ الرَّجُلينِ: واللهِ لَأرى سيفَك هذا يا فلانُ جيِّدًا فقال: أجَلْ واللهِ إنَّه لَجيِّدٌ لقد جرَّبْتُ به ثمَّ جرَّبْتُ فقال أبو بَصيرٍ: أَرِني أنظُرْ إليه فأمكَنه منه فضرَبه حتَّى برَد وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ فدخَل المسجدَ يعدو فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد رأى هذا ذُعْرًا فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحبي وإنِّي لَمقتولٌ فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ قد واللهِ أوفى اللهُ ذمَّتَك قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه لو كان معه أحَدٌ فلمَّا سمِع بذلك عرَف أنَّه سيرُدُّه إليهم مرَّةً أخرى فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البحرِ قال: وتفلَّت منهم أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو فلحِق بأبي بَصيرٍ فجعَل لا يخرُجُ مِن قريشٍ رجُلٌ أسلَم إلَّا لحِق بأبي بَصيرٍ حتَّى اجتمَعت منهم عصابةٌ قال: فواللهِ ما يسمَعون بِعِيرٍ خرَجتْ لقريشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقتَلوهم وأخَذوا أموالَهم فأرسَلتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَمَا أرسَل إليهم ممَّن أتاه فهو آمِنٌ فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهم فأنزَل اللهُ جلَّ وعلا: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] حتَّى بلَغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] وكانت حميَّتُهم أنَّهم لم يُقِرُّوا أنَّه نبيُّ اللهِ ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
 

1 - حضَرَتِ الصَّلاةُ، فقام جيرانُ المَسجِدِ يتَوضَّؤون، وبَقيَ ما بيْن السبعينَ والثمانينَ، وكانت مَنازلُهم بعيدةً، فدَعا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمِخْضَبٍ فيه ماءٌ، ما هو بمَلْآنَ، فوضَعَ أصابِعَه فيه، وجعَلَ يَصُبُّ عليهم، ويقولُ: تَوضَّؤوا، حتى تَوضَّؤوا كلُّهم، وبَقيَ في المِخْضَبِ نحوُ ما كان فيه، وهُم نحوُ السبعينَ إلى المئةِ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 13595 التخريج : أخرجه البخاري (3575)، ومسلم (2279) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي وضوء - الوضوء في الأواني والتور وغيرها
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

2 - أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَثَ بكِتابِه إلى كِسْرى معَ رجُلٍ، وأمَرَه أنْ يدفَعَه إلى عَظيمِ البَحْرَينِ ، فدفَعَه عظيمُ البَحْرَينِ إلى كِسْرى ، فلمَّا قرَأَه، خرَقَه -قال: فحسِبْتُ أنَّ ابنَ المُسَيِّبِ قال:- فدعَا عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُمَزَّقوا كلَّ مُمَزَّقٍ .
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 2780 التخريج : أخرجه البخاري (64)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (5859)، وأحمد (2780) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: جهاد - الدعاء على المشركين سرايا - تأمير الأمراء على البعوث والسرايا ووصيتهم إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته جهاد - الدعوة قبل القتال
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

3 - أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَث بكتابِهِ إلى كِسْرى مع عبدِ اللهِ بنِ حُذافةَ السَّهْميِّ، وأمَرهُ أنْ يدفَعَهُ إلى عظيمِ البَحرَيْنِ ، فدفَعهُ عظيمُ البَحرَيْنِ إلى كِسْرى ، فلمَّا قرَأهُ خرَقهُ، قال ابنُ شِهابٍ فحسِبْتُ أنَّ ابنَ المُسَيِّبِ قال: فدعا عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنْ يُمَزَّقوا كلَّ مُمَزَّقٍ .
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار
الصفحة أو الرقم : 515 التخريج : أخرجه البخاري (2939) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - دعاء النبي على بعض الأشخاص والأشياء والأمور إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أحوال النبي
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

4 - حضرَتِ الصَّلاةُ، فقام جيرانُ المسجِدِ إلى منازِلهم يَتَوَضَّؤون، وبَقيَ في المسجِدِ ناسٌ مِن المُهاجِرينَ ما بيْنَ السَّبعينَ إلى الثَّمانينَ، فدَعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بماءٍ، فأُتيَ بمِخْضَبٍ مِن حِجارةٍ فيه ماءٌ، فوَضَعَ أصابِعَ يدِه اليُمنى في المِخْضَبِ، فجَعَلَ يَصُبُّ عليهم وهم يَتَوَضَّؤون ويقولُ: تَوَضَّؤوا، حيَّ على الوضوءِ، حتى تَوَضَّؤوا جَميعًا، وبَقيَ فيه نَحْوٌ ممَّا كان فيه.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 12794 التخريج : أخرجه البخاري (3575)، ومسلم (2279) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي وضوء - الوضوء في الأواني والتور وغيرها
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

5 - قدِمَ وَفدُ بَجيلةَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اُكْسوا البَجَليِّينَ، وابدَؤوا بالأحمَسيِّينَ. قال: فتخَلَّفَ رَجُلٌ مِن قَيسٍ، قال: حتى أنظُرَ ما يَقولُ لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قال: فدعا لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَمسَ مَرَّاتٍ: اللَّهمَّ صَلِّ عليهم. أو: اللَّهمَّ بارِكْ فيهم. مُخارِقٌ الذي يَشُكُّ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : طارق بن شهاب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 18833 التخريج : أخرجه أحمد (18833) واللفظ له، والطيالسي (1377) مختصراً
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - دعاء النبي لبعض الناس مناقب وفضائل - أحمس
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

6 - عن مسروقٍ قال: بيْنَما رجُلٌ يُحدِّثُ في كِنْدَةَ، ثمَّ ذكَر مِثْلَهُ [أي: مِثلَ حَديثِ: حدَّثني رجلٌ في المسجِدِ، فذكَرَ: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] فقال: إذا كان يومُ القيامةِ أصاب النَّاسَ دُخَانٌ يأخُذُ بأسماعِ المنافِقينَ وأبصارِهم، ويأخُذُ المؤمِنينَ منه كهَيئةِ الزُّكامِ، فدخَلْتُ على عبدِ اللهِ فذكَرْتُ ذلك له، وهو مُتَّكِئٌ فجلَس غَضبانًا، ثمَّ قال: يا أيُّها النَّاسُ مَن عَلِمَ منكم شيئًا فلْيَقُلْ به، ومَن لم يعلَمْ فلْيَقُل: اللهُ أعلَمُ؛ فإنَّ مِن العِلمِ: إذا سُئِلَ الرجُلُ عمَّا لا يعلَمُ، قال: اللهُ عزَّ وجَلَّ أعلَمُ، وقد قال عزَّ وجَلَّ لنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]، وسأُحَدِّثُكم عن ذلك: إنَّ قُرَيشًا استَعصَت ونَفَرت، فدعا عليهم رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقيل له: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]....]، غيْرَ أنَّه قال فيه: فدخَل عليهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: اللَّهُمَّ أعِنِّي عليهم بسَبْعٍ كسَبْعِ يُوسُفَ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار
الصفحة أو الرقم : 964 التخريج : أخرجه البخاري (4774)، ومسلم (2798) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - أمارات الساعة وأشراطها تفسير آيات - سورة الدخان أدعية وأذكار - دعاء النبي على بعض الأشخاص والأشياء والأمور أشراط الساعة - علامات الساعة الكبرى قيامة - أهوال يوم القيامة
|أصول الحديث

7 - أتيْتُ علِيًّا فلمْ أجِدْهُ، فقالت فاطمةُ: انطلَق إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعوهُ. قال: فجاء مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فدخَلَا، ودخَلْتُ معهما، فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحَسَنَ والحُسَيْنَ، فأقعَد كلَّ واحدٍ منهما على فَخِذِهِ، وأَدْنى فاطمةَ من حِجْرِهِ وزَوجَها، ثمَّ لفَّ عليهم ثوبًا، وأنا مُنْتَبِذٌ، ثمَّ قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} [الأحزاب: 33] الآيةَ، ثمَّ قال: اللَّهُمَّ هؤلاء أهلي، إنَّهم أهلُ حقٍّ. فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، وأنا من أهلِكَ؟ قال: وأنتَ مِن أهلي. قال واثِلةُ: فإنَّها مِن أَرْجى ما أَرْجو.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : واثلة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار
الصفحة أو الرقم : 773 التخريج : أخرجه الطبراني (2670) (3 / 55)، والبيهقي (2909)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (773)، والنخشبي في ((فوائد الحنائي الحنائيات)) (220) جميعا بلفظه، وابن حبان (6976) باختلاف يسير، وأخرجه أحمد (16988) باختلاف يسير دون قوله: ((قلت : يا رسول الله، وأنا من أهلك ...))
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة الأحزاب مناقب وفضائل - الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب مناقب وفضائل - علي بن أبي طالب مناقب وفضائل - فاطمة بنت رسول الله مناقب وفضائل - أهل البيت صلوات الله عليهم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

8 - أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خرَج عامَ الفتحِ إلى مكَّةَ في رمضانَ حتَّى بلَغ كُراعَ الغَميمِ قال: فصام النَّاسُ وهم مُشاةٌ ورُكبانٌ فقيل له: إنَّ النَّاسَ قد شقَّ عليهم الصَّومُ إنَّما ينتظِرونَ ما تفعَلُ فدعا بقَدَحٍ فرفَعه إلى فيه حتَّى نظَر النَّاسُ ثمَّ شرِب فأفطَر بعضُ النَّاسِ وصام بعضٌ فقيل للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ بعضَهم صام فقال: ( أولئكَ العصاةُ ) واجتمَع المُشاةُ مِن أصحابِه فقالوا: نتعرَّضُ لدعَواتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقد اشتَدَّ السَّفرُ وطالتِ المشقَّةُ فقال لهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: استعينوا بالنَّسلِ فإنَّه يقطَعُ عَلَمَ الأرضِ وتخِفُّون له ) قال: ففعَلْنا فخفَفْنا له
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 2706 التخريج : أخرجه مسلم (1114) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: صيام - الترخص بالفطر للمسافر صيام - صيام المسافر مغازي - فتح مكة اعتصام بالسنة - مخالفة السنة سفر - إسراع المسافر السير
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

9 - كُنَّا عندَ أَنَسِ بنِ مالِكٍ، فكتَبَ كتابًا بين أهلِه، فقال: اشهَدوا يا مَعشَرَ القُرَّاءِ، قال ثابتٌ: فكأنِّي كرِهْتُ ذلك، فقُلتُ: يا أبا حَمْزةَ: لو سمَّيْتَهم بأسمائِهم، قال: وما بأسُ ذلك أنْ أقولَ لكم: قُرَّاءٌ، أفلا أُحدِّثُكم عن إخوانِكمُ الذين كُنَّا نُسمِّيهم على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرَّاءَ، فذكَرَ أنَّهم كانوا سَبعينَ، فكانوا إذا جنَّهمُ الليلُ ، انطَلَقوا إلى مَعْلَمٍ لهم بالمدينةِ، فيَدرُسونَ فيه القُرآنَ حتى يُصبِحوا، فإذا أصبَحوا، فمَن كانت له قوَّةٌ استَعذَب منَ الماءِ، وأَصابَ منَ الحَطَبِ، ومَن كانت عنده سَعةٌ اجتَمَعوا، فاشتَرَوُا الشَّاةَ، فأَصلَحوها، فيُصبِحُ ذلك مُعلَّقًا بحُجَرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا أُصيبَ خُبَيبٌ، بعَثَهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَتَوْا على حيٍّ من بَني سُلَيمٍ، وفيهم خالي حَرامٌ، فقال حَرامٌ لأَميرِهم: دَعْني فلْأُخبِرْ هؤلاء أنَّا لسْنا إيَّاهم نُريدُ، حتى يُخْلوا وجْهَنا، -وقال عَفَّانُ: فيُخْلونَ وجْهَنا- فقال لهم حَرامٌ: إنَّا لسْنا إيَّاكم نُريدُ، فاستَقبَلَه رجُلٌ بالرُّمحِ، فأنفَذَه منه، فلمَّا وجَدَ الرُّمحَ في جوْفِه قال: اللهُ أكبرُ، فُزْتُ وربِّ الكَعبةِ، قال: فانطَوَوْا عليهم فما بقِيَ منهم أَحَدٌ، فقال أَنَسٌ: فما رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَدَ على شيءٍ قَطُّ وَجْدَه عليهم، فلقد رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلمَّا صلَّى الغَداةَ رفَعَ يدَيْه فدَعا عليهم، فلمَّا كان بعدَ ذلك، إذا أبو طَلْحةَ يقولُ لي: هل لكَ في قاتلِ حَرامٍ؟ قال: قُلتُ له: ما له فعَلَ اللهِ به وفعَلَ، قال: مَهلًا، فإنَّه قد أَسلَمَ، وقال عَفَّانُ: رفَعَ يَدَه يَدْعو عليهم، وقال أبو النَّضْرِ: رفَعَ يدَيْه.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 12402 التخريج : أخرجه البخاري (4092)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8297) بنحوه مختصراً، وأحمد (12402) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: قرآن - تعلم القرآن وتعليمه قرآن - فضل القرآن على سائر الكلام مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جنائز وموت - فضل موت الشهادة مناقب وفضائل - القراء
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

10 - أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقَتْلى بَدْرٍ فسُحِبوا إلى القَليبِ فطُرِحوا فيه ثمَّ جاء حتَّى وقَف عليهم فقال : ( يا أهلَ القَليبِ هل وجَدْتُم ما وعَد ربُّكم حقًّا ؟ فإنِّي وجَدْتُ ما وعَدني ربِّي حقًّا ) قالوا : يا رسولَ اللهِ تُكلِّمُ قومًا مَوْتى ؟ ! قال : ( لقد علِموا أنَّ ما وعَدْتُهم حقًّا ) فلمَّا رأى أبو حُذَيفةَ بنُ عُتبةَ بنِ ربيعةَ أباه يُسحَبُ إلى القَليبِ عرَف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الكراهيةَ في وجهِه فقال : ( كأنَّكَ كارهٌ لِما ترى ) فقال : يا رسولَ اللهِ إنَّ أبي كان رجُلًا سيِّدًا حليمًا فرجَوْتُ أنْ يهديَه اللهُ إلى الإسلامِ فلمَّا وقَع بالموقعِ الَّذي وقَع به أحزَنني ذلك فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي حُذيفةَ بخيرٍ
خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 7088 التخريج : أخرجه ابن حبان (7088) واللفظ له، والحاكم (4995)، وإسحاق في ((مسنده)) (1148) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: مغازي - غزوة بدر مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جنائز وموت - دفن الميت الكافر فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - دعاء النبي لبعض الناس مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
|أصول الحديث

11 - مدَديًّا في غزوةِ تبوكَ رافَقهم وأنَّ روميًّا كان يسمو على المسلِمينَ ويُغري عليهم فتلطَّف المدَديُّ فقعَد تحتَ صخرةٍ فلمَّا مرَّ به عَرْقَب فرَسَه وخرَّ الرُّوميُّ لقفاه وعلاه المدَديُّ بالسَّيفِ فقتَله وأقبَل بسَرجِه ولجامِه وسيفِه ومِنطَقتِه وسلاحِه فذهَبا بالذَّهبِ والجوهرِ إلى خالدِ بنِ الوليدِ فأخَذ خالدٌ منه طائفةً ونفَّله بقيَّتَه فقُلْتُ له : يا خالدُ ما هذا ؟ أما تعلَمُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نفَّل السَّلبَ كلَّه للقاتلِ ؟ قال: بلى ولكنِّي استكثَرْتُه فقُلْتُ: أمَا لَعَمْرُ اللهِ لَأُعرِّفَنَّها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلمَّا قدِمْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَرْتُه خبرَه فدعاه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأمَره أنْ يدفَعَ إلى المدديِّ بقيَّةَ سلبِه فولَّى خالدٌ لِيفعَلَ فقُلْتُ له: فكيف رأَيْتَ يا خالدُ ألم أَفِ لك بما وعَدْتُك ؟ فغضِب رسولُ اللهِ قال: ( يا خالدُ لا تُعطِه ) وأقبَل علَيَّ فقال: ( هل أنتم تاركو لي أُمَرائي ؟ لكم صفوةُ أمرِهم وعليهم كدَرُه ) قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( يا خالدُ لا تُعطِه ) أراد به في ذلك الوقتِ ثمَّ أمَره فأعطاه
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : عوف بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 4842 التخريج : أخرجه ابن حبان (4842) بلفظه، وأخرجه أبو داود (2719)، وأحمد (23997)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (5206) جميعًا بلفظ مقارب، وأخرجه مسلم (1753) بنحوه مختصرًأ
التصنيف الموضوعي: جهاد - السلب والنفل جهاد - الشجاعة في الحرب والجبن غنائم - الغنائم وتقسيمها مغازي - غزوة تبوك غنائم - السلب للقاتل
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

12 - خرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في جيشٍ، فلمَّا كان في بعضِ الطريقِ تخَلَّفَ لبعضِ حاجَتِه، وتخلَّفتُ معَه بمِيضأةٍ، وهي الإداوةُ، قال أبو قَتادةَ: فقَضى حاجَتَه، ثم جاءَني، فسكَبتُ عليه مِنَ المِيضأةِ، فتوَضَّأ، وقال لي: احفَظْها فلَعَلَّه أنْ يَكونَ لبَقيَّتِها شأنٌ، قال: وسارَ الجيشُ، فقال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إن يُطيعوا أبا بَكرٍ وعُمَرَ يَرفُقوا بأنفُسِهم، وإن يَعصوهما، يَشُقُّوا على أنفُسِهم، قال: فكان أبو بَكرٍ وعُمَرُ أشارا عليهم ألَّا يَنزِلوا حتى يَبلُغوا الماءَ، وقال بَقيَّةُ الناسِ: بل نَنزِلُ حتى يَأتيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: فنَزَلوا، قال: فجِئناهم في نَحرِ الظهيرةِ ، وقد هَلَكوا مِنَ العَطَشِ، فدَعا النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمِيضأةِ، فأتَيتُه بها، فاستَأبَطَها، ثم جعَلَ يصُبُّ لهم، فشَرِبوا حتى رَوَوْا وتَوَضَّؤوا، ومَلَؤوا كلَّ إناءٍ كان معَهم حتى جعَلَ يقولُ: هل مِن مالٍ؟ قال: فخُيِّلَ إليَّ أنَّها كما أخَذَها، وكانوا يومَئذٍ اثنينِ وسَبعينَ رجُلًا.

13 -  أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَثَ خالَه حَرامًا أخَا أُمِّ سُلَيمٍ في سَبعينَ إلى بني عامِرٍ، فلمَّا قَدِموا قال لهم خالي: أتَقَدَّمُكم، فإنْ أَمَّنوني حتى أُبَلِّغَهم عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإلَّا كنتم مِنِّي قريبًا، قال: فتَقَدَّمَ، فأَمَّنوه، فبيْنما هو يُحَدِّثُهم عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذْ أَوْمَؤُوا إلى رجُلٍ فطَعَنَه فأْنفَذَه، فقال: اللهُ أكبَرُ، فُزْتُ وربِّ الكعبةِ. ثمَّ مالُوا على بقيَّةِ أصحابِه فقَتَلوهم، إلَّا رجُلًا أَعرَجَ منهم كان قد صَعِد الجبَلَ. قال هَمَّامٌ: فأُراه قد ذكَرَ مع الأعرجِ آخَرَ معه على الجبَلِ. قال: وحدَّثَنا أنسٌ، أنَّ جِبريلَ عليه السلامُ أَتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأَخبَرَه أنَّهم قد لَقُوا ربَّهم، فرَضيَ عنهم وأَرْضاهم. قال أنسٌ: كانوا يَقرَؤونَ: أنْ بَلِّغوا قَومَنا، أنَّا قد لَقِينا ربَّنا، فرَضيَ عَنَّا وأَرْضانا. قال: ثمَّ نُسِخ بعْدَ ذلك. فدَعا عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثينَ صباحًا؛ على رِعْلٍ ، وذَكْوانَ، وبني لِحْيانَ، وعُصَيَّةَ الذين عَصَوُا اللهَ ورسولَه، أو عَصَوُا الرحمنَ.

14 - كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُعجِبُه الرُّؤيا فرُبَّما رأى الرَّجُلُ الرُّؤيا فسأَل عنه إذا لَمْ يكُنْ يعرِفُه فإذا أُثْنِي عليه معروفًا كان أعجَبَ لرؤياه إليه فأتَتْه امرأةٌ فقالت : يا رسولَ اللهِ رأَيْتُ كأنِّي أُتِيتُ فأُخرِجْتُ مِن المدينةِ فأُدخِلْتُ الجنَّةَ فسمِعْتُ وَجْبةً انتحَتْ لها الجنَّةُ فنظَرْتُ فإذا فلانٌ وفلانٌ وفلانٌ - فسمَّتِ اثْنَيْ عشَرَ رجُلًا كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَث سَريَّةً قبْلَ ذلك - فجيء بهم عليهم ثيابٌ طُلْسٌ تشخُبُ أوداجُهم فقيل : اذهَبوا بهم إلى نهرِ البَيْذَخِ قال : فغُمِسوا فيه قال : فخرَجوا ووجوهُهم كالقمرِ ليلةَ البدرِ فأُتُوا بصَحْفةٍ مِن ذهبٍ فيها بُسرةٌ فأكَلوا مِن بُسْرِه ما شاؤوا ما يقلِبونَها مِن وجهٍ إلَّا أكَلوا مِن الفاكهةِ ما أرادوا وأكَلْتُ معهم فجاء البَشيرُ مِن تلك السَّريَّةِ فقال : كان مِن أمرِنا كذا وكذا فأُصيب فلانٌ وفلانٌ وفلانٌ حتَّى عدَّ اثْنَيْ عشَرَ رجُلًا فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمرأةِ فقال : ( قُصِّي رؤياكِ ) فقصَّتْها وجعَلَتْ تقولُ : جيء بفلانٍ وفلانٍ كما قال الرَّجلُ
خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي على شرط مسلم
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6054 التخريج : أخرجه ابن حبان (6054) واللفظ له، وأبو يعلى في ((المسند)) (3289) واللفظ له، وأحمد (12385)، وعبد بن حميد في ((المسند)) (1275) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: جهاد - فضل الجهاد جنة - أنهار الجنة رؤيا - أصدق الناس رؤيا رؤيا - الرؤيا الصالحة من النبوة رؤيا - الرؤيا من الله
|أصول الحديث

15 - عن مسروقٍ قال: حدَّثني رجُلٌ في المسجِدِ، فذكَر: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، فقال: إذا كان يومُ القيامةِ أصاب النَّاسَ دُخَانٌ يأخُذُ بأسماعِ المُنافقِينَ وأبصارِهم، ويأخُذُ المُؤمِنينَ منه كهَيْئةِ الزُّكامِ، فدخَلْتُ على عبدِ اللهِ، فذكَرْتُ ذلك له، وهو مُتَّكئٌ فجلَس غَضْبانَ، ثمَّ قال: يا أَيُّها النَّاسُ، مَن علِم منكم شيئًا فلْيَقُلْ به، ومَن لمْ يعلَمْ فلْيَقُلْ: اللهُ أعلَمُ، فإنَّ منَ العِلمِ إذا سُئِلَ الرَّجُلُ عمَّا لا يعلَمُ، قال: اللهُ عزَّ وجلَّ أعلَمُ، وقدْ قال عزَّ وجلَّ لنَبِيِّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]، وسأُحدِّثُكم عن ذلك: إنَّ قُرَيشًا استَعْصتْ ونفَرتْ، فدعا عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقيل له: {ارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، فأخَذتْهم سَنَةٌ عضَّتْ كلَّ شيءٍ، حتى أكَلوا المَيْتةَ والعِظامَ، وحتَّى كان الرَّجُلُ يرَى ما بيْنَهُ وبيْنَ السَّماءِ كهَيْئةِ الدُّخَانِ منَ الجَهْدِ، فقالوا: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان: 12] ثمَّ قرأ: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 15]، فكُشِفَ عنهم، فعادوا في كُفرِهم: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16]، فعادوا في كُفرِهم، فأخَذهمُ اللهُ في يَوْمِ بَدْرٍ، ولو كان يومَ القِيامةِ لمْ يُكشَفْ عنهم.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار
الصفحة أو الرقم : 963 التخريج : أخرجه البخاري (4774)، ومسلم (2798) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - أمارات الساعة وأشراطها تفسير آيات - سورة الدخان أدعية وأذكار - دعاء النبي على بعض الأشخاص والأشياء والأمور أشراط الساعة - علامات الساعة الكبرى قيامة - أهوال يوم القيامة
|أصول الحديث

16 - أنَّ أصحابَ الصُّفَّةِ كانوا أُناسًا فُقَراءَ، وأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال مَرَّةً: مَن كان عِندَهُ طَعامُ اثنَيْنِ، فلْيَذهَبْ بِثالِثٍ، مَن كان عِندَهُ طَعامُ أربَعةٍ، فلْيَذهَبْ بِخامِسٍ، بِسادِسٍ. أو كما قال، وإنَّ أبا بَكرٍ جاءَ بِثَلاثةٍ، فانطلَقَ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِعَشَرةٍ، وأبو بَكرٍ بِثَلاثةٍ، قال: فهو أنا، وأبي، وأُمِّي -ولا أدْري هل قال: وامرَأتي- وخادِمٌ بَينَ بَيتِنا وبَيتِ أبي بَكرٍ؟ وإنَّ أبا بَكرٍ تعَشَّى عِندَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثم لبِثَ حتى صُلِّيَتِ العِشاءُ، ثم رجَعَ، فلبِثَ حتى نعَسَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجاءَ بَعدَما مضى مِنَ اللَّيلِ ما شاءَ اللهُ، قالت له امرَأتُهُ: ما حبَسَكَ عن أضيافِكَ؟ -أو قالتْ: ضَيفِكَ- قال: أوَمَا عَشَّيتِهم؟ قالتْ: أبَوْا حتى تَجيءَ، قد عرَضوا عليهم فغَلَبوهم. قال: فذهَبتُ أنا فاختَبَأْتُ، قال: وقال: يا عَنتَرُ -أو يا غُنثَرُ- فجَدَّعَ وسَبَّ، وقال: كُلوا، لا هَنيًّا. وقال: واللهِ لا أطعَمُهُ أبَدًا. قال: وحلَفَ الضَّيفُ ألَّا يَطعَمَهُ حتى يَطعَمَهُ أبو بَكرٍ، قال: فقال أبو بَكرٍ: هذه مِنَ الشَّيطانِ. قال: فدَعَا بالطَّعامِ، فأكَلَ. قال: فايْمُ اللهِ ما كُنَّا نَأخُذُ مِن لُقمةٍ إلَّا رَبا مِن أسفَلِها أكثَرُ منها. قال: حتى شبِعوا، وصارت أكثَرَ ممَّا كانت قَبلَ ذلك، فنظَرَ إليها أبو بَكرٍ، فإذا هي كما هي، أو أكثَرُ، فقال لامرَأتِهِ: يا أُختَ بَني فِراسٍ، ما هذا؟ قالتْ: لا وقُرَّةِ عَيْني، لَهيَ الآنَ أكثَرُ منها قَبلَ ذلك بِثَلاثِ مِرارٍ. فأكَلَ منها أبو بَكرٍ، وقال: إنَّما كان ذلك مِنَ الشَّيطانِ -يَعني يَمينَهُ-. ثم أكَلَ لُقمةً، ثم حمَلَها إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأصبَحَتْ عِندَهُ، قال: وكان بَينَنا وبَينَ قَومٍ عَقدٌ، فمضى الأجَلُ، فعرَّفْنا اثنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، مع كُلِّ رَجُلٍ أُناسٌ، اللهُ أعلَمُ كم مع كُلِّ رَجُلٍ؟ غَيرَ أنَّهُ بعَثَ معهم، فأكَلوا منها أجمَعونَ. أو كما قال.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين
الراوي : عبدالرحمن بن أبي بكر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 1712 التخريج : أخرجه البخاري (602)، ومسلم (2057)، وأحمد (1712) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: أطعمة - طعام الضيف أطعمة - طعام الواحد يكفي الاثنين رقائق وزهد - معيشة النبي صلى الله عليه وسلم إيمان - الكرامات والأولياء مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

17 - كنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سفرٍ وإنَّا سِرْنا ليلةً حتَّى إذا كان مِن آخِرِ اللَّيلِ وقَعْنا تلك الوقعةَ - ولا وقعةَ أحلى عند المسافرِ منها - فما أيقَظَنا إلَّا حرُّ الشَّمسِ قال: وكان أوَّلَ مَن استيقَظ فلانٌ ثمَّ فلانٌ ثمَّ فلانٌ - وكان يُسمِّيهم أبو رجاءٍ ونسيهم عوفٌ - ثمَّ عمرُ بنُ الخطَّابِ الرَّابعُ قال: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا نام لم نوقِظْه حتَّى يكونَ هو يستيقظُ لأنَّا لا ندري ما يحدُثُ له في نومِه قال: فلمَّا استيقَظ عمرُ ورأى ما أصاب النَّاسَ قال: وكان رجلًا أجوفَ جليدًا قال: فكبَّر ورفَع صوتَه فما زال يُكبِّرُ ويرفَعُ صوتَه بالتَّكبيرِ حتَّى استيقَظ بصوتِه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلمَّا استيقَظ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شكَوُا الَّذي أصابهم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( لا ضيرَ - أو لا يضيرُ - ارتحِلوا ) فسار غيرَ بعيدٍ ثمَّ نزَل فدعا بماءٍ فتوضَّأ ونودي بالصَّلاةِ فصلَّى بالنَّاسِ فلمَّا انفتَل مِن صلاتِه إذا هو برجلٍ معتزلٍ لم يُصَلِّ مع القومِ قال: ( ما منَعك يا فلانُ أنْ تُصلِّيَ مع القومِ ) ؟ قال: يا رسولَ اللهِ أصابتني جنابةٌ ولا ماءَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( عليك بالصَّعيدِ فإنَّه يكفيكَ ) ثمَّ سار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاشتكى إليه النَّاسُ العطشَ قال: فنزَل فدعا فلانًا - وكان يُسمِّيه أبو رجاءٍ ونسيه عوفٌ - ودعا عليًّا فقال: ( اذهَبا فابغيا لنا الماءَ ) فلقيا امرأةً بينَ مَزادتينِ أو سَطيحتينِ مِن ماءٍ على بعيرٍ لها فقالا لها: أين الماءُ ؟ قالت: عهدي بالماءِ أمسِ هذه السَّاعةَ، ونفَرُنا خُلوفٌ قال: فقالا لها: انطلِقي إذًا، قالت: إلى أين ؟ قالا: إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: هذا الَّذي يُقالُ له: الصَّابي ؟ قالا: هو الَّذي تعنينَ فانطلِقي إذًا، فجاءا بها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحدَّثاه الحديثَ قال: فاستنزِلوها عن بعيرِها ودعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإناءٍ فأُفرِغ فيه مِن أفواه المَزادَتينِ أو السَّطيحتَينِ وأوكَأ أفواهَهما وأطلَق العَزاليَ ونودي في النَّاسِ أنِ استَقوا واسقوا قال: فسقى مَن شاء واستقى مَن شاء وكان آخِرَ ذلك أنْ أعطى الَّذي أصابته الجنابةُ إناءً مِن ماءٍ فقال: ( اذهَبْ فأفرِغْه عليك ) قال: وهي قائمةٌ تنظُرُ إلى ما يُفعَلُ بمائِها قال: وايمُ اللهِ لقد أُقلِع عنها حينَ أُقلِع وإنَّه لَيُخيَّلُ لنا أنَّها أشدُّ مَلْأً منها حين ابتُدِئ فيها، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( اجمَعوا لها طعامًا ) قال: فجُمِع لها مِن بينِ عجوةٍ ودقيقةٍ وسويقةٍ حتَّى جمَعوا لها طعامًا كثيرًا وجعَلوه في ثوبٍ وحمَلوها على بعيرِها ووضَعوا الثَّوبَ بينَ يدَيْها قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( تعلَمينَ أنَّا واللهِ ما رَزِئْنا مِن مائِك شيئًا ولكنَّ اللهَ هو سقانا ) قال: فأتَتْ أهلَها وقد احتَبَست عليهم فقالوا: ما حبَسكِ يا فلانةُ ؟ قالت: العجبُ، لقيني رجلانِ فذهَبا بي إلى هذا الَّذي يُقالُ له: الصَّابي ففعَل بي كذا وكذا الَّذي قد كان، فواللهِ إنَّه لأسحَرُ مَن بينَ هذه إلى هذه، أو إنَّه لَرسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حقًّا قال: فكان المسلمونَ بعدَ ذلك يُغيرون على مَن حولَها مِن المشركينَ ولا يُصيبونَ الصِّرْمَ الَّذي هي فيه فقالت لقومِها: واللهِ هؤلاء القومُ يدَعونَكم عمدًا فهل لكم في الإسلامِ ؟ فأطاعوها فدخَلوا في الإسلامِ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرطهما
الراوي : عمران بن الحصين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 1301 التخريج : أخرجه ابن حبان (1301) واللفظ له، وأحمد (19898) باختلاف يسير، وأبو عوانة (2143) بنحوه، ومسلم (682) مختصرًا بنحوه.
التصنيف الموضوعي: تيمم - تيمم الجنب صلاة - من نام عن صلاة أو نسيها فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي تيمم - من أدركته الصلاة ولا ماء عنده تيمم سفر - إذا ناموا في سفر عن صلاة الفجر
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

18 - غَزَوْنا غَزْوةً إلى طَرَفِ الشامِ، فأُمِّرَ علينا خالِدُ بنُ الوَليدِ، قال: فانضَمَّ إلينا رَجُلٌ مِن أمْدادِ حِمْيَرَ، فأوَى إلى رَحْلِنا ليس معَه شَيءٌ إلَّا سَيفٌ، ليس معَه سِلاحٌ غَيرَه، فنَحَرَ رَجُلٌ مِن المُسلِمينَ جَزورًا، فلم يَزَلْ يَحْتالُ حتى أخَذَ مِن جِلْدِه كهَيْئةِ المِجَنِّ حتى بَسَطَه على الأرضِ، ثُمَّ وَقَدَ عليه، حتى جَفَّ، فجَعَلَ له مُمْسِكًا كهَيْئةِ التُّرْسِ، فقُضِيَ أنْ لَقينا عَدُوَّنا فيهم أخْلاطٌ مِن الرُّومِ والعَرَبِ مِن قُضاعةَ، فقاتَلونا قِتالًا شَديدًا، وفي القَومِ رَجُلٌ مِن الرُّومِ على فَرَسٍ له أشْقَرَ وسَرْجٍ مُذَهَّبٍ، ومِنْطَقةٍ مُلَطَّخةٍ ذَهَبًا، وسَيفٍ مِثلِ ذلك، فجَعَلَ يَحمِلُ على القَومِ، ويُغْري بهم ، فلم يَزَلْ ذلك المَدَديُّ يَحْتالُ لذلك الرُّوميِّ حتى مَرَّ به فاسْتَقْفاه، فضَرَبَ عُرْقوبَ فَرَسِه بالسَّيفِ فوَقَعَ، ثُمَّ أتْبَعَه ضَرْبًا بالسَّيفِ حتى قَتَلَه، فلمَّا فَتَحَ اللهُ الفَتحَ، أقْبَلَ يَسألُ للسَّلَبِ، وقد شَهِدَ له الناسُ بأنَّه قاتِلُه، فأعْطاه خالِدٌ بَعضَ سَلَبِه، وأمْسَكَ سائِرَه، فلمَّا رَجَعَ إلى رَحْلِ عَوفٍ ذَكَرَه، فقال له عَوْفٌ: ارْجِعْ إليه فليُعْطِكَ ما بَقِيَ، فرَجَعَ إليه، فأبَى عليه، فمَشى عَوْفٌ حتى أتى خالِدًا، فقال: أمَا تَعلَمُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قَضى بالسَّلَبِ للقاتِلِ؟ قال: بَلى، قال: فما يَمنَعُكَ أنْ تَدفَعَ إليه سَلَبَ قَتيلِه؟ قال خالِدٌ: استَكْثَرْتُه له، قال عَوفٌ: لَئنْ رَأيْتَ وَجْهَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ لَأذْكُرَنَّ ذلك له، فلمَّا قَدِمَ المَدينةَ بَعَثَه عَوْفٌ، فاسْتَعْدى إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فدَعا خالِدًا وعَوْفٌ قاعِدٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: ما يَمنَعُكَ يا خالِدُ أنْ تَدفَعَ إلى هذا سَلَبَ قَتيلِه؟ قال: استَكْثَرْتُه له يا رسولَ اللهِ، فقال: ادْفَعْه إليه. قال: فمَرَّ بعَوْفٍ، فَجَرَّ عَوْفٌ بِرِدائِه، فقال: أنْجَزْتُ لكَ ما ذَكَرتُ لكَ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فسَمِعَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فاستَغْضَبَ، فقال: لا تُعْطِه يا خالِدُ، هل أنتُم تارِكو أُمَرائي؟ إنَّما مَثَلُكُم ومَثَلُهم كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرى إبِلًا، وغَنَمًا فرَعاها، ثُمَّ تحَيَّنَ سَقْيَها فأوْرَدَها حَوْضًا، فشَرَعَتْ فيه، فشَرِبَتْ صَفْوةَ الماءِ، وتَرَكَتْ كَدَرَه، فصَفْوُه أمْرُهُم لكُم، وكَدَرُه عليهم.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم.
الراوي : عوف بن مالك الأشجعي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 23987 التخريج : أخرجه أبو داود (2719) باختلاف يسير، وأخرجه مسلم (1753) مختصراً
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - وجوب طاعة الإمام جهاد - السلب والنفل سرايا - تأمير الأمراء على البعوث والسرايا ووصيتهم اعتصام بالسنة - تباين الصحابة في تحمل السنة كل بقدر ما علمه غنائم - السلب للقاتل
|أصول الحديث

19 - «خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الحُدَيبيةِ يُريدُ زيارةَ البَيتِ، لا يُريدُ قِتالًا، وساقَ مَعَه الهَديَ سَبعينَ بَدَنةً، وكان النَّاسُ سَبعَ مِائةِ رَجُلٍ، فكانَت كُلُّ بَدَنةٍ عن عَشَرةٍ، قال: وخَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى إذا كان بعُسفانَ لَقيَه بشرُ بنُ سُفيانَ الكَعبيُّ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، هذه قُرَيشٌ قد سَمِعَت بمَسيرِكَ، فخَرَجَت مَعَها العوذُ المَطافيلُ، قد لَبِسوا جُلودَ النُّمورِ، يُعاهِدونَ اللهَ أن لا تَدخُلَها عليهم عَنوةً أبَدًا، وهذا خالِدُ بنُ الوليدِ في خَيلِهم قَدِموا إلى كُراعِ الغَميمِ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «يا وَيحَ قُرَيشٍ، لَقد أكَلَتهمُ الحَربُ، ماذا عليهم لَو خَلَّوا بَيني وبَينَ سائِرِ النَّاسِ، فإن أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهَرَني اللهُ عليهم دَخَلوا في الإسلامِ وهُم وافِرونَ، وإن لم يَفعَلوا قاتَلوا وبهم قوَّةٌ، فماذا تَظُنُّ قُرَيشٌ، واللهِ إنِّي لا أزالُ أُجاهِدُهم على الذي بَعَثَني اللهُ له حَتَّى يُظهرَه اللهُ له أو تَنفَرِدَ هذه السَّالِفةُ»، ثُمَّ أمَرَ النَّاسَ، فسَلَكوا ذاتَ اليَمينِ بَينَ ظَهرَيِ الحَمضِ على طَريقٍ تُخرِجُه على ثَنيَّةِ المُرارِ والحُدَيبيةِ مِن أسفَلِ مَكَّةَ، قال: فسَلَكَ بالجَيشِ تلك الطَّريقَ، فلَمَّا رَأت خَيلُ قُرَيشٍ قَترةَ الجَيشِ قد خالَفوا عن طَريقِهم، نَكَصوا راجِعينَ إلى قُرَيشٍ، فخَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى إذا سَلَكَ ثَنيَّةَ المُرارِ بَرَكَت ناقَتُه، فقال النَّاسُ: خَلَأت. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «ما خَلَأت، وما هو لها بخُلُقٍ، ولَكِن حَبَسَها حابِسُ الفيلِ عن مَكَّةَ، واللهِ لا تَدعوني قُرَيشٌ اليَومَ إلى خُطَّةٍ يَسألوني فيها صِلةَ الرَّحِمِ إلَّا أعطَيتُهم إيَّاها» ثُمَّ قال للنَّاسِ: «انزِلوا» فقالوا: يا رَسولَ اللهِ، ما بالوادي مِن ماءٍ يَنزِلُ عليه النَّاسُ. فأخرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَهمًا مِن كِنانَتِه، فأعطاه رَجُلًا مِن أصحابِه، فنَزَلَ في قَليبٍ مِن تلك القُلُبِ، فغَرَزَه فيه، فجاشَ الماءُ بالرِّواءِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عنه بعَطَنٍ، فلَمَّا اطمَأنَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا بُدَيلُ بنُ ورقاءَ في رِجالٍ مِن خُزاعةَ، فقال لهم كَقَولِه لبَشيرِ بنِ سُفيانَ، فرَجَعوا إلى قُرَيشٍ فقالوا: يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، إنَّكُم تَعجَلونَ على مُحَمَّدٍ، وإنَّ مُحَمَّدًا لم يَأتِ لقِتالٍ، إنَّما جاءَ زائِرًا لهذا البَيتِ، مُعَظِّمًا لحَقِّه. فاتَّهَموهُم. قال مُحَمَّدٌ يَعني ابنَ إسحاقَ: قال الزُّهريُّ: وكانَت خُزاعةُ في عَيبةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُسلِمُها ومُشرِكُها، لا يُخفونَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شَيئًا كان بمَكَّةَ، قالوا: وإن كان إنَّما جاءَ لذلك، فلا واللهِ لا يَدخُلُها أبَدًا علينا عَنوةً، ولا تَتَحَدَّثُ بذلك العَرَبُ. ثُمَّ بَعَثوا إليه مِكرَزَ بنَ حَفصِ بنِ الأخيَفِ، أحَدَ بَني عامِرِ بنِ لُؤَيٍّ، فلَمَّا رَآهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: «هذا رَجُلٌ غادِرٌ». فلَمَّا انتَهى إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَلَّمَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بنَحوٍ مِمَّا كَلَّمَ به أصحابَه، ثُمَّ رَجَعَ إلى قُرَيشٍ، فأخبَرَهم بما قال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال: فبَعَثوا إليه الحِلْسَ بنَ عَلقَمةَ الكِنانيَّ، وهو يَومَئِذٍ سَيِّدُ الأحابِشِ، فلَمَّا رَآهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «هذا مِن قَومٍ يَتَألَّهونَ، فابعَثوا الهَديَ في وَجههِ». فبَعَثوا الهَديَ، فلَمَّا رَأى الهَديَ يَسيلُ عليه مِن عُرضِ الوادي في قَلائِدِه، قد أُكِلَ أوبارُه مِن طولِ الحَبسِ عن مَحِلِّه، رَجَعَ، ولَم يَصِلْ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إعظامًا لما رَأى، فقال: يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، قد رَأيتُ ما لا يَحِلُّ صَدُّه: الهَديَ في قَلائِدِه قد أُكِلَ أوبارُه مِن طولِ الحَبسِ عن مَحِلِّه. فقالوا: اجلِسْ، إنَّما أنتَ أعرابيٌّ لا عِلمَ لَكَ، فبَعَثوا إليه عُروةَ بنَ مَسعودٍ الثَّقَفيَّ، فقال: يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، إنِّي قد رَأيتُ ما يَلقى مِنكُم مَن تَبعَثونَ إلى مُحَمَّدٍ إذا جاءَكُم، مِنَ التَّعنيفِ وسوءِ اللَّفظِ، وقد عَرَفتُم أنَّكُم والِدٌ وأنِّي ولَدٌ، وقد سَمِعتُ بالذي نابَكُم، فجَمَعتُ مَن أطاعَني مِن قَومي، ثُمَّ جِئتُ حَتَّى آسَيتُكُم بنَفسي. قالوا: صَدَقتَ، ما أنتَ عِندَنا بمُتَّهَمٍ. فخَرَجَ حَتَّى أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجَلَسَ بَينَ يَدَيه، فقال: يا مُحَمَّدُ، جَمَعتَ أوباشَ النَّاسِ، ثُمَّ جِئتَ بهم لبَيضَتِكَ لتَفُضَّها، إنَّها قُرَيشٌ قد خَرَجَت مَعَها العُوذُ المَطافيلُ، قد لَبِسوا جُلودَ النُّمورِ، يُعاهِدونَ اللهَ أن لا تَدخُلَها عليهم عَنوةً أبَدًا، وأيمُ اللهِ لَكَأنِّي بهؤلاء قدِ انكَشَفوا عنكَ غَدًا. قال: وأبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ خَلفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قاعِدٌ، فقال: امصُصْ بَظرَ اللَّاتِ، أنَحنُ نَنكَشِفُ عنه؟! قال: مَن هذا يا مُحَمَّدُ؟ قال: «هذا ابنُ أبي قُحافةَ» قال: واللهِ لَولا يَدٌ كانَت لَكَ عِندي لَكافَأتُكَ بها، ولَكِن هذه بها. ثُمَّ تَناولَ لحيةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والمُغيرةُ بنُ شُعبةَ واقِفٌ على رَأسِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحَديدِ، قال: يَقرَعُ يَدَه، ثُمَّ قال: أمسِكْ يَدَكَ عن لحيةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَبلَ واللهِ لا تَصِلُ إليكَ. قال: ويحَكَ، ما أفظَّكَ وأغلَظَكَ! قال: فتَبَسَّمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: مَن هذا يا مُحَمَّدُ؟ قال: «هذا ابنُ أخيكَ المُغيرةُ بنُ شُعبةَ» قال: أَغُدَرُ! هَل غَسَلتُ سَوأتَكَ إلَّا بالأمسِ؟! قال: فكَلَّمَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمِثلِ ما كَلَّمَ به أصحابَه، فأخبَرَه أنَّه لم يَأتِ يُريدُ حَربًا. قال: فقامَ مِن عِندِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقد رَأى ما يَصنَعُ به أصحابُه، لا يَتَوضَّأُ وُضوءًا إلَّا ابتَدَروهُ، ولا يَبسُقُ بُساقًا إلَّا ابتَدَروهُ، ولا يَسقُطُ مِن شَعرِه شَيءٌ إلَّا أخَذوهُ، فرَجَعَ إلى قُرَيشٍ، فقال: يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، إنِّي جِئتُ كِسرى في مُلكِه، وجِئتُ قَيصَرَ والنَّجاشيَّ في مُلكِهما، واللهِ ما رَأيتُ مَلِكًا قَطُّ مِثلَ مُحَمَّدٍ في أصحابِه، ولَقد رَأيتُ قَومًا لا يُسلِمونَه لشَيءٍ أبَدًا، فرُوا رَأيَكُم. قال: وقد كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَبلَ ذلك بَعَثَ خِراشَ بنَ أُمَيَّةَ الخُزاعيَّ إلى مَكَّةَ، وحَمَلَه على جَمَلٍ له يُقالُ له: الثَّعلَبُ، فلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ عَقَرَت به قُرَيشٌ، وأرادوا قَتلَ خِراشٍ، فمَنَعَهمُ الأحابِشُ حَتَّى أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدَعا عُمَرَ ليَبعَثَه إلى مَكَّةَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أخافُ قُرَيشًا على نَفسي، وليس بها مِن بَني عَديٍّ أحَدٌ يَمنَعُني، وقد عَرَفَت قُرَيشٌ عَداوتي إيَّاها، وغِلظَتي عليها، ولَكِن أدُلُّكَ على رَجُلٍ هو أعَزُّ مِنِّي: عُثمانَ بنِ عَفَّانَ. قال: فدَعاه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبَعَثَه إلى قُرَيشٍ يُخبِرُهم أنَّه لم يَأتِ لحَربٍ، وأنَّه جاءَ زائِرًا لهذا البَيتِ، مُعَظِّمًا لحُرمَتِه، فخَرَجَ عُثمانُ حَتَّى أتى مَكَّةَ، ولَقيَه أبانُ بنُ سَعيدِ بنِ العاصِ، فنَزَلَ عن دابَّتِه وحَمَلَه بَينَ يَدَيه، ورَدِفَ خَلفَه، وأجارَه حَتَّى بَلَّغَ رِسالةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فانطَلَقَ عُثمانُ حَتَّى أتى أبا سُفيانَ وعُظَماءَ قُرَيشٍ، فبَلَّغَهم عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أرسَلَه به، فقالوا لعُثمانَ: إن شِئتَ أن تَطوفَ بالبَيتِ فطُفْ به. فقال: ما كُنتُ لأفعَلَ حَتَّى يَطوفَ به رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال: فاحتَبَسَته قُرَيشٌ عِندَها، فبَلَغَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والمُسلِمينَ أنَّ عُثمانَ قد قُتِلَ. قال مُحَمَّدٌ: فحَدَّثَني الزُّهريُّ: أنَّ قُرَيشًا بَعَثوا سُهَيلَ بنَ عَمرٍو، أحَدَ بَني عامِرِ بنِ لُؤَيٍّ، فقالوا: ائتِ مُحَمَّدًا فصالِحْه، ولا يَكونُ في صُلحِه إلَّا أن يَرجِعَ عنَّا عامَه هذا، فواللهِ لا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّه دَخَلَها علينا عَنوةً أبَدًا، فأتاه سُهَيلُ بنُ عَمرٍو، فلَمَّا رَآهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «قد أرادَ القَومُ الصُّلحَ حينَ بَعَثوا هذا الرَّجُلَ»، فلَمَّا انتَهى إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَكَلَّما، وأطالا الكَلامَ، وتَراجَعا حَتَّى جَرى بَينَهما الصُّلحُ، فلَمَّا التَأمَ الأمرُ ولَم يَبقَ إلَّا الكِتابُ وثَبَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فأتى أبا بَكرٍ، فقال: يا أبا بَكرٍ، أوَليس برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ أولَسنا بالمُسلِمينَ؟ أولَيسوا بالمُشرِكينَ؟ قال: بَلى. قال: فعَلامَ نُعطي الذِّلَّةَ في دينِنا. فقال أبو بَكرٍ: يا عُمَرُ، الزَمْ غَرزَه حَيثُ كان، فإنِّي أشهَدُ أنَّه رَسولُ اللهِ. قال عُمَرُ: وأنا أشهَدُ، ثُمَّ أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أولَسنا بالمُسلِمينَ؟ أولَيسوا بالمُشرِكينَ؟ قال: «بَلى»، قال: فعَلامَ نُعطي الذِّلَّةَ في دينِنا؟ فقال: «أنا عَبدُ اللهِ ورَسولُه، لَن أُخالِفَ أمرَه، ولَن يُضَيِّعَني» ثُمَّ قال عُمَرُ: ما زِلتُ أصومُ وأتَصَدَّقُ وأُصَلِّي وأُعتِقُ مِنَ الذي صَنَعتُ؛ مَخافةَ كَلامي الذي تَكَلَّمتُ به يَومَئِذٍ حَتَّى رَجَوتُ أن يَكونَ خَيرًا، قال: ودَعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَليَّ بنَ أبي طالِبٍ، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «اكتُبْ بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ» فقال سُهَيلُ بنُ عَمرٍو: لا أعرِفُ هذا، ولَكِنِ اكتُبْ: باسمِكَ اللهُمَّ، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «اكتُبْ: باسمِكَ اللهُمَّ، هذا ما صالَحَ عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ سُهَيلَ بنَ عَمرٍو» فقال سُهَيلُ بنُ عَمرٍو: لَو شَهِدتُ أنَّكَ رَسولُ اللهِ لم أُقاتِلْك، ولَكِنِ اكتُبْ: هذا ما اصطَلَحَ عليه مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ وسُهَيلُ بنُ عَمرٍو على وضعِ الحَربِ عَشرَ سِنينَ، يَأمَنُ فيها النَّاسُ، ويَكُفُّ بَعضُهم عن بَعضٍ، على أنَّه مَن أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أصحابِه بغَيرِ إذنِ وليِّه رَدَّه عليهم، ومَن أتى قُرَيشًا مِمَّن مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَرُدُّوهُ عليه، وإنَّ بَينَنا عَيبةً مَكفوفةً، وإنَّه لا إسلالَ ولا إغلالَ. وكان في شَرطِهم حينَ كَتَبوا الكِتابَ أنَّه مَن أحَبَّ أن يَدخُلَ في عَقدِ مُحَمَّدٍ وعَهدِه دَخَلَ فيه، ومَن أحَبَّ أن يَدخُلَ في عَقدِ قُرَيشٍ وعَهدِهم دَخَلَ فيه، فتَواثَبَت خُزاعةُ فقالوا: نَحنُ مَعَ عَقدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعَهدِه، وتَواثَبَت بَنو بَكرٍ، فقالوا: نَحنُ في عَقدِ قُرَيشٍ وعَهدِهم. وأنَّكَ تَرجِعُ عنَّا عامَنا هذا، فلا تَدخُلْ علينا مَكَّةَ، وأنَّه إذا كان عامُ قابِلٍ خَرَجنا عنكَ، فتَدخُلُها بأصحابِكَ، وأقَمتَ فيهم ثَلاثًا مَعَكَ سِلاحُ الرَّاكِبِ، لا تَدخُلها بغَيرِ السُّيوفِ في القُرُبِ. فبَينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَكتُبُ الكِتابَ إذ جاءَه أبو جَندَلِ بنُ سُهَيلِ بنِ عَمرٍو في الحَديدِ قدِ انفَلَتَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال: وقد كان أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَرَجوا وهُم لا يَشُكُّونَ في الفَتحِ لرُؤيا رَآها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلَمَّا رَأوا ما رَأوا مِنَ الصُّلحِ والرُّجوعِ، وما تَحَمَّلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على نَفسِه، دَخَلَ النَّاسَ مِن ذلك أمرٌ عَظيمٌ حَتَّى كادوا أن يَهلِكوا، فلَمَّا رَأى سُهَيلٌ أبا جَندَلٍ، قامَ إليه، فضَرَبَ وجهَه، ثُمَّ قال: يا مُحَمَّدُ، قد لَجَّتِ القَضيَّةُ بَيني وبَينَكَ قَبلَ أن يَأتيَكَ هذا. قال: «صَدَقتَ». فقامَ إليه، فأخَذَ بتَلبيبِه، قال: وصَرَخَ أبو جَندَلٍ بأعلى صَوتِه: يا مَعاشِرَ المُسلِمينَ، أتَرُدُّونَني إلى أهلِ الشِّركِ، فيَفتِنوني في ديني. قال: فزادَ النَّاسُ شَرًّا إلى ما بهم. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «يا أبا جَندَلٍ اصبِرْ واحتَسِبْ؛ فإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ جاعِلٌ لَكَ ولمَن مَعَكَ مِنَ المُستَضعَفينَ فرَجًا ومَخرَجًا، إنَّا قد عَقدنا بَينَنا وبَينَ القَومِ صُلحًا، فأعطَيناهُم على ذلك، وأعطَونا عليه عَهدًا، وإنَّا لَن نَغدِرَ بهم». قال: فوثَبَ إليه عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مَعَ أبي جَندَلٍ، فجَعَلَ يَمشي إلى جَنبِه وهو يَقولُ: اصبِرْ أبا جَندَلٍ؛ فإنَّما هُمُ المُشرِكونَ، وإنَّما دَمُ أحَدِهم دَمُ كَلبٍ. قال: ويُدني قائِمَ السَّيفِ مِنه. قال: يَقولُ: رَجَوتُ أن يَأخُذَ السَّيفَ، فيَضرِبَ به أباه. قال: فضَنَّ الرَّجُلُ بأبيه، ونَفَذَتِ القَضيَّةُ، فلَمَّا فرَغا مِنَ الكِتابِ، وكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي في الحَرَمِ وهو مُضطَرِبٌ في الحِلِّ. قال: فقامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: «يا أيُّها النَّاسُ، انحَروا واحلِقوا» قال: فما قامَ أحَدٌ، قال: ثُمَّ عادَ بمِثلِها، فما قامَ رَجُلٌ، حَتَّى عادَ بمِثلِها، فما قامَ رَجُلٌ، فرَجَعَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدَخَلَ على أُمِّ سَلَمةَ، فقال: «يا أُمَّ سَلَمةَ، ما شَأنُ النَّاسِ؟» قالت: يا رَسولَ اللهِ، قد دَخَلَهم ما قد رَأيتَ، فلا تُكَلِّمَنَّ مِنهم إنسانًا، واعمِدْ إلى هَديِكَ حَيثُ كان فانحَرْه واحلِقْ، فلَو قد فعَلتَ ذلك فعَلَ النَّاسُ ذلك. فخَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُكَلِّمُ أحَدًا حَتَّى أتى هَديَه فنَحَرَه، ثُمَّ جَلَسَ فحَلَقَ، فقامَ النَّاسُ يَنحَرونَ ويَحلِقونَ. قال: حَتَّى إذا كان بَينَ مَكَّةَ والمَدينةِ في وسَطِ الطَّريقِ، فنَزَلَت سورةُ الفَتحِ
خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
الراوي : المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 18910 التخريج : -
التصنيف الموضوعي: أضاحي - الاشتراك في الأضحية وعن كم تجزئ حج - الهدي مغازي - صلح الحديبية مغازي - غزوة الحديبية شركة - الاشتراك في الهدي والبدن

20 - دخَلْنا على جابرِ بنِ عبدِ اللهِ فسأَل عن القومِ حتَّى انتهى إليَّ فقُلْتُ: أنا محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ الحسينِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ فأهوى بيدِه إلى رأسي فنزَع زِرِّي الأعلى ثمَّ نزَع زِرِّي الأسفلَ ثمَّ وضَع كفَّه بينَ ثدييَّ وأنا غلامٌ يومَئذٍ شابٌّ فقال: مرحبًا يا ابنَ أخي سَلْ عمَّا شِئْتَ فسأَلْتُه وهو أعمى وجاء وقتُ الصَّلاةِ فقام في نِسَاجةٍ ملتحف بها كلَّما وضَعها على مَنكِبيه رجَع طرَفاها إليه مِن صِغَرِها ورداؤُه إلى جنبِه على المِشجَبِ فصلَّى بنا فقُلْتُ: أخبِرْني عن حجَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال بيدِه وعقَد تسعًا وقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مكَث تسعَ سنينَ لم يحُجَّ ثمَّ أذَّن في النَّاسِ في العاشرِ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حاجٌّ فقدِم المدينةَ بشَرٌ كثيرٌ كلُّهم يلتمِسُ أنْ يأتَمَّ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويعمَلَ مِثلَ عملِه فخرَجْنا معه حتَّى أتَيْنا ذا الحُليفةِ فولَدَتْ أسماءُ بنتُ عُميسٍ محمَّدَ بنَ أبي بكرٍ فأرسَلَتْ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كيف أصنَعُ ؟ فقال: ( اغتسلي واستَثْفِري بثوبٍ وأحرِمي ) فصلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجدِ ثمَّ ركِب القصواءَ حتَّى إذا استَوَت به ناقتُه على البيداءِ نظَرْتُ إلى مَدِّ بصري بينَ يديه مِن راكبٍ وماشي، وعن يمينِه مثلُ ذلك، وعن يسارِه مثلُ ذلك، ومِن خلفِه مثلُ ذلك ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بينَ أظهُرِنا وعليه ينزِلُ القرآنُ وهو يعرِفُ تأويلَه وما عمِل به مِن شيءٍ عمِلْنا به فأهَلَّ بالتَّوحيدِ: ( لبَّيْكَ اللَّهمَّ لبَّيْكَ، لبَّيْكَ لا شريكَ لك لبَّيْكَ إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لك والمُلكَ لا شريكَ لك ) وأهَلَّ النَّاسُ بهذا الَّذي يُهِلُّونَ به فلم يرُدَّ عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منه شيئًا ولزِم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تلبيتَه قال جابرٌ: لسنا ننوي إلَّا الحجَّ لسنا نعرِفُ العمرةَ حتَّى أتَيْنا البيتَ معه، استَلَم الرُّكنَ فرمَل ثلاثًا ومشى أربعًا ثمَّ تقدَّم إلى مقامِ إبراهيمَ فقرَأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فجعَل المقامَ بينَه وبينَ البيتِ فكان أبي يقولُ: - ولا أعلَمُه ذكَره [ إلَّا عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ] - إنَّه كان يقرَأُ في الرَّكعتينِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ثمَّ رجَع إلى الرُّكنِ فاستلَمه ثمَّ خرَج مِن البابِ إلى الصَّفا فلمَّا دنا مِن الصَّفا قرَأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] ( أبدَأُ بما بدَأ اللهُ به ) فبدَأ بالصَّفا فرقِي عليه حتَّى رأى البيتَ فاستقبَل القِبلةَ ووحَّد اللهَ وكبَّره وقال: ( لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه نجَز وعدَه ونصَر عبدَه وهزَم الأحزابَ وحدَه ) ثمَّ دعا بينَ ذلك، قال مِثْلَ هذا ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ نزَل إلى المروةِ، حتَّى انصبَّت قدماه إلى بطنِ الوادي، سعى، حتَّى إذا صعِد مشى، حتَّى أتى المروةَ ففعَل على المروةِ كما فعَل على الصَّفا حتَّى إذا كان آخِرُ طوافٍ على المروةِ قال: ( لو أنِّي استقبَلْتُ مِن أمري ما استدبَرْتُ لم أسُقِ الهَديَ وجعَلْتُها عمرةً فمَن كان منكم ليس معه هَديٌ فلْيحِلَّ ولْيجعَلْها عمرةً ) فقام سُراقةُ بنُ جُعشُمٍ فقال: يا رسولَ اللهِ ألعامِنا هذا أم للأبدِ ؟ قال: فشبَّك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصابعَه واحدةً في الأخرى وقال: ( دخَلتِ العمرةُ في الحجِّ ( مرَّتينِ ) لا بل لأبدِ الأبدِ لا بل لأبدِ الأبدِ ) وقدِم عليٌّ مِن اليمنِ ببُدْنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فوجَد فاطمةَ ممَّن قد حلَّ ولبِسَت ثيابَ صِبغٍ واكتحَلَت فأنكَر ذلك عليها فقالت: أبي أمَرني بهذا قال: فكان عليٌّ يقولُ بالعراقِ: فذهَبْتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُحرِّشًا على فاطمةَ للَّذي صنَعَتْ وأخبَرْتُه أنِّي أنكَرْتُ ذلك عليها فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( صدَقَتْ، ما قُلْتَ حينَ فرَضْتَ الحجَّ ؟ ) قال: قُلْتُ: اللَّهمَّ إنِّي أُهِلُّ بما أهَلَّ به رسولُك قال: ( فإنَّ معي الهَديَ فلا تحِلَّ ) قال: فكان جماعةُ الهَديِ الَّذي قدِم به عليٌّ مِن اليَمنِ والَّذي أتى به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مئةً قال: فحلَّ النَّاسُ كلُّهم وقصَّروا إلَّا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَن كان معه هَديٌ فلمَّا كان يومُ التَّرويةِ توجَّهوا إلى منًى فأهَلُّوا بالحجِّ، ركِب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فصلَّى بها الظُّهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والصُّبحَ ثمَّ مكَث قليلًا حتَّى طلَعتِ الشَّمسُ وأمَر بقبَّةٍ مِن شَعَرٍ فضُرِبت له بنَمِرةَ ، فسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا تشُكُّ قريشٌ إلَّا أنَّه واقفٌ عندَ المشعَرِ الحرامِ كما كانت قريشٌ تصنَعُ في الجاهليَّةِ فأجاز رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى أتى عرفةَ فوجَد القُبَّةَ قد ضُرِبت له بنَمِرةَ فنزَل بها حتَّى إذا زاغتِ الشَّمسُ أمَر بالقصواءِ فرُحِلت له فأتى بطنَ الوادي يخطُبُ النَّاسَ ثمَّ قال: ( إنَّ دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم كحُرمةِ يومِكم هذا في شهرِكم هذا في بلدِكم هذا ألَا كلُّ شيءٍ مِن أمرِ الجاهليَّةِ تحتَ قدَميَّ موضوعٌ ودماءُ الجاهليَّةِ موضوعةٌ وإنَّ أوَّلَ دمٍ أضَعُ مِن دمائِنا دمُ ابنِ ربيعةَ بنِ الحارثِ وكان مسترضَعًا في بني ليثٍ فقتَلَتْه هُذيلٌ، وربا الجاهليَّةِ موضوعٌ وأوَّلُ ربًا أضَعُ ربا العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ فإنَّه موضوعٌ كلُّه فاتَّقوا اللهَ في النِّساءِ فإنَّكم أخَذْتُموهنَّ بأمانِ اللهِ واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ اللهِ ولكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرشَكم أحدًا تكرَهونَه فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مُبرِّحٍ ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروفِ وقد ترَكْتُ فيكم ما لنْ تضِلُّوا بعدَه إنِ اعتصَمْتُم به: كتابَ اللهِ، وأنتم تُسأَلونَ عنِّي فما أنتم قائلونَ ؟ ) قالوا: نشهَدُ أنْ قد بلَّغْتَ وأدَّيْتَ ونصَحْتَ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأُصبُعِه السَّبَّابةِ يرفَعُها إلى السَّماءِ وينكُتُها إلى النَّاسِ: ( اللَّهمَّ اشهَدْ ) - ثلاثَ مرَّاتٍ - ثمَّ أذَّن ثمَّ أقام فصلَّى الظُّهرَ ثمَّ أقام فصلَّى العصرَ ولم يُصَلِّ بينهما شيئًا ثمَّ ركِب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى أتى الموقفَ فجعَل باطنَ ناقتِه القصواءِ إلى الصَّخَراتِ وجعَل حبلَ المُشاةِ بينَ يديه فاستقبَل القِبلةَ فلم يزَلْ واقفًا حتَّى غرَبتِ الشَّمسُ وذهَبتِ الصُّفرةُ قليلًا وغاب القرصُ أردَف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسامةَ خلْفَه ودفَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقد شنَق للقصواءِ الزِّمامَ حتَّى إنَّ رأسَها لَيُصيبُ مَورِكَ رَحلِه ويقولُ بيدِه اليُمنى: ( أيُّها النَّاسُ السَّكينةَ السَّكينةَ ) كلَّما أتى حبلًا مِن الحبالِ أرخى لها قليلًا حتَّى تصعَدَ حتى أتى المزدَلِفةَ فصلَّى بها المغربَ والعشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ ولم يُسبِّحْ بينهما شيئًا ثم اضطجَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى طلَع الفجرُ فصلَّى الفجرَ حتَّى تبيَّن له الصُّبحُ بأذانٍ وإقامةٍ ثمَّ ركِب القصواءَ حتَّى أتى المشعَرَ الحرامَ فاستقبَل القِبلةَ فدعاه وكبَّره وهلَّله ووحَّده فلم يزَلْ واقفًا حتَّى أسفَر جدًّا، دفَع قبْلَ أنْ تطلُعَ الشَّمسُ وأردَف الفضلَ بنَ العبَّاسِ وكان رجُلًا حسَنَ الشَّعرِ أبيضَ وسيمًا فلمَّا دفَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّت ظُعُنٌ يجرينَ فطفِق الفضلُ ينظُرُ إليهنَّ فوضَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدَه على وجهِ الفضلِ فحوَّل الفضلُ وجهَه مِن الشِّقِّ الآخَرِ فحوَّل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدَه إلى الشِّقِّ الآخَرِ على وجهِ الفضلِ فصرَف وجهَه مِن الشِّقِّ الآخَرِ حتَّى أتى محسِّرًا فحرَّك قليلًا ثمَّ سلَك الطَّريقَ الوسطى الَّتي تخرُجُ إلى الجمرةِ الكبرى حتَّى أتى الجمرةَ فرماها بسبعِ حصَياتٍ يُكبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها، مثلِ حصا الخَذْفِ ، رمى مِن بطنِ الوادي ثمَّ انصرَف إلى المنحَرِ فنحَر ثلاثًا وستِّينَ بيدِه ثمَّ أعطى عليًّا رضوانُ اللهِ عليه فنحَر ما غبَر منها وأشرَكه في هَديِه وأمَر مِن كلِّ بدَنةٍ ببَضعةٍ فجُعِلت في قِدرٍ فطُبِخت فأكَلا مِن لحمِها وشرِبا مِن مرَقِها ثمَّ ركِب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأفاض إلى البيتِ فصلَّى بمكَّةَ الظُّهرَ فأتى بني عبدِ المطَّلبِ يستَقُون على زمزمَ فقال: ( انزِعوا يا بني عبدِ المطَّلبِ فلولا أنْ يغلِبَكم النَّاسُ على سقايتِكم لنزَعْتُ معكم ) فناوَلوه دلوًا فشرِب منه
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 3944 التخريج : أخرجه ابن حبان (3944) بلفظه، ومسلم (1218)، وأبو داود (1905)، وابن ماجه (3074) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: حج - إحرام النفساء والحائض حج - حج المرأة الحائض حج - حجة النبي صلى الله عليه وسلم صلاة - لباس الرجل في الصلاة مناقب وفضائل - فضائل قرابة النبي صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

21 - خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بضعَ عشر مئةً مِن أصحابِه حتَّى إذا كانوا بذي الحُليفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشعَر ثمَّ أحرَم بالعمرةِ وبعَث بيْنَ يدَيْهِ عينًا له رجُلًا مِن خُزاعةَ يجيئُه بخبرِ قريشٍ وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ أتاه عينُه الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لُؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جموعًا كثيرةً وهم مقاتِلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أشيروا علَيَّ أترَوْنَ أنْ نميلَ إلى ذراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوتورين محزونين وإنْ نجَوْا يكونوا عُنقًا قطَعها اللهُ أم ترَوْنَ أنْ نؤُمَّ البيتَ فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه ) ؟ فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: اللهُ ورسولُه أعلمُ يا نبيَّ اللهِ إنَّما جِئْنا مُعتمرينَ ولم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنْ مَن حال بينَنا وبيْنَ البيتِ قاتَلْناه فقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فرُوحوا إذًا ) قال الزُّهريُّ في حديثِه: وكان أبو هُريرةَ يقولُ: ما رأَيْتُ أحدًا أكثرَ مشاورةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الزُّهريُّ في حديثِه عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ في حديثِهما: فراحوا حتَّى إذا كانوا ببعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّ خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقريشٍ طليعةً فخُذوا ذاتَ اليمينِ ) فواللهِ ما شعَر بهم خالدُ بنُ الوليدِ حتَّى إذا هو بقَترةِ الجيشِ فأقبَل يركُضُ نذيرًا لقريشٍ وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يُهبَطُ عليهم منها فلمَّا انتهى إليها برَكتْ راحلتُه فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ فألحَّتْ فقالوا: خلَأتِ القصواءُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما خلَأتِ القصواءُ وما ذلك لها بخُلُقٍ ولكنْ حبَسها حابسُ الفيلِ ) ثمَّ قال: ( والَّذي نفسي بيدِه لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها ) ثمَّ زجَرها فوثَبتْ به قال: فعدَل عنهم حتَّى نزَل بأقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبرُّضًا فلم يلبَثْ بالنَّاسِ أنْ نزَحوه فشُكي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العطشُ فانتزَع سهمًا مِن كِنانتِه ثمَّ أمَرهم أنْ يجعَلوه فيه قال: فما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه: فبينما هم كذلك إذ جاءه بُدَيْلُ بنُ ورقاءَ الخزاعيُّ في نفرٍ مِن قومِه مِن خُزاعةَ وكانت عَيْبَةَ نُصحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ معهم العُوذُ المَطافيلُ وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّا لم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنَّا جِئْنا مُعتمرينَ فإنَّ قريشًا قد نهَكَتْهم الحربُ وأضرَّت بهم فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مدَّةً ويُخلُّوا بيني وبيْنَ النَّاسِ فإنْ ظهَرْنا وشاؤوا أنْ يدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا وقد جَمُّوا وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نفسي بيدِه لأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حتَّى تنفرِدَ سالفتي أو لَيُبْدِيَنَّ اللهُ أمرَه ) قال بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ: سأُبلِغُهم ما تقولُ: فانطلَق حتَّى أتى قريشًا فقال: إنَّا قد جِئْناكم مِن عندِ هذا الرَّجُلِ وسمِعْناه يقولُ قولًا فإنْ شِئْتم أنْ نعرِضَه عليكم فعَلْنا فقال سفهاؤُهم: لا حاجةَ لنا في أنْ تُخبِرونا عنه بشيءٍ وقال ذو الرَّأيِ: هاتِ ما سمِعْتَه يقولُ قال: سمِعْتُه يقولُ كذا وكذا فأخبَرْتُهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام عندَ ذلك أبو مسعودٍ عُروةُ بنُ مسعودٍ الثَّقفيُّ فقال: يا قومِ ألَسْتُم بالولدِ ؟ قالوا: بلى قال: ألَسْتُ بالوالدِ ؟ قالوا: بلى قال: فهل تتَّهموني ؟ قالوا: لا قال: ألَسْتُم تعلَمون أنِّي استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئْتُكم بأهلي وولَدي ومَن أطاعني ؟ قالوا: بلى قال: فإنَّ هذا امرؤٌ عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها ودعوني آتِهِ قالوا: ائتِه فأتاه قال: فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحوًا مِن قولِه لبُدَيْلِ بنِ وَرْقاءَ فقال عروةُ بنُ مسعودٍ عندَ ذلك يا محمَّدُ أرأَيْتَ إنِ استأصَلْتَ قومَك هل سمِعْتَ أحدًا مِن العربِ اجتاح أصلَه قبْلَك وإنْ تكُنِ الأخرى فواللهِ إنِّي أرى وجوهًا وأرى أشوابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يفِرُّوا ويدَعوك فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: امصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ أنحنُ نفِرُّ وندَعُه ؟ فقال أبو مسعودٍ: مَن هذا ؟ قالوا: أبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ فقال: أمَا والَّذي نفسي بيدِه لولا يدٌ كانت لك عندي لم أَجْزِك بها لأجَبْتُك وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكلَّما كلَّمه أخَذ بلِحيتِه والمغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ قائمٌ على رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه السَّيفُ والمِغفَرُ فكلَّما أهوى عُروةُ بيدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يدَك عن لحيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرفَع عروةُ رأسَه وقال: مَن هذا ؟ فقالوا: المغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ فقال: أيْ غُدَرُ، أولَسْتُ أسعى في غَدرَتِك وكان المغيرةُ بنُ شُعبةَ صحِب قومًا في الجاهليَّةِ فقتَلهم وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ وأمَّا المالُ فلَسْتُ منه في شيءٍ ) قال: ثمَّ إنَّ عروةَ جعَل يرمُقُ صحابةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعينِه فواللهِ ما يتنخَّمُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعتْ في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلدَه وإذا أمَرهم انقادوا لأمرِه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له فرجَع عروةُ بنُ مسعودٍ إلى أصحابِه فقال: أيْ قومِ واللهِ لقد وفَدْتُ إلى الملوكِ ووفَدْتُ إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيِّ واللهِ ما رأَيْتُ ملِكًا قطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ محمَّدًا وواللهِ إنْ يتنخَّمُ نُخامةً إلَّا وقَعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلْدَه وإذا أمَرهم ابتدَروا أمرَه وإذا توضَّأ اقتتلوا على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها فقال رجُلٌ مِن بني كِنانةَ دعوني آتِه فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فلانٌ مِن قومٍ يُعظِّمون البُدنَ فابعَثوها له قال: فبُعِثَتْ واستقبَله القومُ يُلَبُّون فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ لا ينبغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فلمَّا رجَع إلى أصحابِه قال: رأَيْتُ البُدْنَ قد قُلِّدتْ وأُشعِرَتْ فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فقام رجُلٌ منهم يُقالُ له: مِكرَزٌ فقال: دعوني آتِهِ فقالوا: ائتِه فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا مِكرَزٌ وهو رجُلٌ فاجرٌ ) فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبينما هو يُكلِّمُه إذ جاءه سُهيلُ بنُ عمرٍو قال مَعْمَرٌ: فأخبَرني أيُّوبُ السَّخْتِيانيُّ عن عِكرمةَ قال: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا سُهيلٌ قد سهَّل اللهُ لكم أمرَكم ) قال مَعْمَرٌ في حديثِه عن الزُّهريِّ عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال: هاتِ اكتُبْ بينَنا وبينَكم كتابًا فدعا الكاتبَ فقال: اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فقال سُهيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ فلا أدري واللهِ ما هو ولكِنِ اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( اكتُبْ هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ ) فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لو كنَّا نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ ولا قاتَلْناك ولكِنِ اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( واللهِ إنِّي لَرسولُ اللهِ وإنْ كذَّبْتُموني اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ ) قال الزُّهريُّ: وذلك لقولِه: لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها وقال في حديثِه عن عُروةَ عنِ المِسوَرِ ومَروانَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( على أنْ تُخَلُّوا بينَنا وبيْنَ البيتِ فنطوفَ به فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: إنَّه لا يتحدَّثُ العربُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً ، ولكِنْ لك مِن العامِ المقبِلِ، فكتَب، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإنْ كان على دِينِك أو يُريدُ دينَك إلَّا ردَدْتَه إلينا فقال المسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ كيف يُرَدُّ إلى المشركينَ وقد جاء مسلِمًا فبينما هم على ذلك إذ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو يرسُفُ في قيودِه قد خرَج مِن أسفلِ مكَّةَ حتى رمى بنفسِه بيْنَ المسلمينَ فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: يا محمَّدُ هذا أوَّلُ مَن نُقاضيك عليه أنْ ترُدَّه إليَّ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نُمضِ الكتابَ بعدُ فقال: واللهِ لا أُصالِحُك على شيءٍ أبدًا فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فأَجِزْه لي ) فقال: ما أنا بمُجيزِه لك قال: فافعَلْ قال: ما أنا بفاعلٍ قال مِكرَزٌ: بل قد أجَزْناه لك فقال أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو: يا معشرَ المسلمينَ أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئْتُ مسلِمًا ألا ترَوْنَ إلى ما قد لقيتُ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ - فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه: واللهِ ما شكَكْتُ منذُ أسلَمْتُ إلَّا يومَئذٍ فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: ألَسْتَ رسولَ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننِا إذًا ؟ قال: ( إنِّي رسولُ اللهِ ولَسْتُ أعصي ربِّي وهو ناصري ) قُلْتُ: أوليسَ كُنْتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ به ؟ قال ( بلى فخبَّرْتُك أنَّك تأتيه العامَ ؟ ) قال: لا قال: ( فإنَّك تأتيه فتطوفُ به قال: فأتَيْتُ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضوانُ اللهِ عليه فقُلْتُ: يا أبا بكرٍ أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: أولَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا ؟ قال: أيُّها الرَّجلُ إنَّه رسولُ اللهِ وليس يعصي ربَّه وهو ناصرُه فاستمسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ فواللهِ إنَّه على الحقِّ قُلْتُ: أوليس كان يُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ به ؟ قال: بلى قال فأخبَرك أنَّا نأتيه العامَ ؟ قُلْتُ: لا قال: فإنَّك آتيه وتطوفُ به قال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه فعمِلْتُ في ذلك أعمالًا - يعني في نقضِ الصَّحيفةِ - فلمَّا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الكتابِ أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه فقال: ( انحَروا الهَدْيَ واحلِقوا ) قال: فواللهِ ما قام رجُلٌ منهم رجاءَ أنْ يُحدِثَ اللهُ أمرًا فلمَّا لم يقُمْ أحَدٌ منهم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدخَل على أمِّ سلَمةَ فقال: ما لقيتُ مِن النَّاسِ قالت أمُّ سلَمةَ: أوَتُحِبُّ ذاك، اخرُجْ ولا تُكلِّمَنَّ أحدًا منهم كلمةً حتَّى تنحَرَ بُدنَكَ وتدعوَ حالقَك فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخرَج ولم يُكلِّمْ أحدًا منهم حتَّى نحَر بُدْنَه ثمَّ دعا حالقَه فحلَقه فلمَّا رأى ذلك النَّاسُ جعَل بعضُهم يحلِقُ بعضًا حتَّى كاد بعضُهم يقتُلُ بعضًا قال: ثمَّ جاء نِسوةٌ مؤمناتٌ فأنزَل اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلى آخِرِ الآيةِ قال: فطلَّق عمرُ رضوانُ اللهِ عليه امرأتينِ كانتا له في الشِّركِ فتزوَّج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ والأخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ قال: ثمَّ رجَع صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ مِن قريشٍ وهو مسلِمٌ فأرسَلوا في طلبِه رجُلينِ وقالوا: العهدَ الَّذي جعَلْتَ لنا فدفَعه إلى الرَّجُلينِ فخرَجا حتَّى بلَغا به ذا الحليفةِ فنزَلوا يأكُلون مِن تمرٍ لهم فقال أبو بَصيرٍ لأَحدِ الرَّجُلينِ: واللهِ لَأرى سيفَك هذا يا فلانُ جيِّدًا فقال: أجَلْ واللهِ إنَّه لَجيِّدٌ لقد جرَّبْتُ به ثمَّ جرَّبْتُ فقال أبو بَصيرٍ: أَرِني أنظُرْ إليه فأمكَنه منه فضرَبه حتَّى برَد وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ فدخَل المسجدَ يعدو فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد رأى هذا ذُعْرًا فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحبي وإنِّي لَمقتولٌ فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ قد واللهِ أوفى اللهُ ذمَّتَك قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه لو كان معه أحَدٌ فلمَّا سمِع بذلك عرَف أنَّه سيرُدُّه إليهم مرَّةً أخرى فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البحرِ قال: وتفلَّت منهم أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو فلحِق بأبي بَصيرٍ فجعَل لا يخرُجُ مِن قريشٍ رجُلٌ أسلَم إلَّا لحِق بأبي بَصيرٍ حتَّى اجتمَعت منهم عصابةٌ قال: فواللهِ ما يسمَعون بِعِيرٍ خرَجتْ لقريشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقتَلوهم وأخَذوا أموالَهم فأرسَلتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَمَا أرسَل إليهم ممَّن أتاه فهو آمِنٌ فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهم فأنزَل اللهُ جلَّ وعلا: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] حتَّى بلَغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] وكانت حميَّتُهم أنَّهم لم يُقِرُّوا أنَّه نبيُّ اللهِ ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

22 - خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زَمَنَ الحُدَيبيةِ في بضعَ عَشرةَ مِائةً فذَكَرَ الحَديثَ [يَعني حَديثَ: خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زَمانَ الحُدَيبيةِ في بضعِ عَشرةَ مِائةً مِن أصحابِه، حَتَّى إذا كانوا بذي الحُلَيفةِ قَلَّدَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الهَديَ وأشعَرَه، وأحرَمَ بالعُمرةِ، وبَعَثَ بَينَ يَدَيه عَينًا له مِن خُزاعةَ يُخبِرُه عن قُرَيشٍ، وسارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قَريبٍ مِن عُسفانَ، أتاه عَينُه الخُزاعيُّ، فقال: إنِّي قد تَرَكتُ كَعبَ بنَ لُؤَيٍّ وعامِرَ بنَ لُؤَيٍّ قد جَمَعوا لَكَ الأحابِشَ -وقال يَحيى بنُ سَعيدٍ عنِ ابنِ المُبارَكِ وقال: قد جَمَعوا لَكَ الأحابيشَ- وجَمَعوا لَكَ جُموعًا، وهُم مُقاتِلوكَ وصادُّوكَ عنِ البَيتِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أشيروا عليَّ، أتَرَونَ أن نَميلَ إلى ذَراريِّ هؤلاء الذينَ أعانوهُم فنُصيبَهم، فإن قَعَدوا قَعَدوا مَوتورينَ مَحروبينَ، وإن نَجَوا. وقال يَحيى بنُ سَعيدٍ: عنِ ابنِ المُبارَكِ: مَحزونينَ، وإن يَحنونَ تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَها اللهُ، أو تَرَونَ أن نَؤُمَّ البَيتَ، فمَن صَدَّنا عنه قاتَلناه، فقال أبو بَكرٍ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، يا نَبيَّ اللهِ، إنَّما جِئنا مُعتَمِرينَ، ولَم نَجِئْ نُقاتِلُ أحَدًا، ولَكِن مَن حالَ بَينَنا وبَينَ البَيتِ قاتَلناه. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فروحوا إذًا. قال الزُّهريُّ: وكان أبو هُرَيرةَ يَقولُ: ما رَأيتُ أحَدًا قَطُّ كان أكثَرَ مَشورةً لأصحابِه مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال الزُّهريُّ في حَديثِ المِسوَرِ بنِ مَخرَمةَ، ومَروانَ: فراحوا حَتَّى إذا كانوا ببَعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ خالِدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خَيلٍ لقُرَيشٍ طَليعةٌ، فخُذوا ذاتَ اليَمينِ، فواللهِ ما شَعَرَ بهم خالِدٌ حَتَّى إذا هو بقَترةِ الجَيشِ، فانطَلَقَ يَركُضُ نَذيرًا لقُرَيشٍ، وسارَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ التي يَهبِطُ عليهم مِنها بَرَكَت به راحِلَتُه، وقال يَحيى بنُ سَعيدٍ، عنِ ابنِ المُبارَكِ: بَرَكَت بها راحِلَتُه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حَلْ حَلْ، فألَحَّت، فقالوا: خَلَأتِ القَصواءُ! خَلَأتِ القَصواءُ! فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما خَلَأتِ القَصواءُ، وما ذاكَ لها بخُلُقٍ، ولَكِن حَبَسَها حابِسُ الفيلِ. ثُمَّ قال: والذي نَفسي بيَدِه، لا يَسألوني خُطَّةً يُعَظِّمونَ فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطَيتُهم إيَّاها. ثُمَّ زَجَرَها، فوثَبَت به، قال: فعَدَلَ عنها حَتَّى نَزَلَ بأقصى الحُدَيبيةِ على ثَمَدٍ قَليلِ الماءِ، إنَّما يَتَبَرَّضُه النَّاسُ تَبَرُّضًا، فلَم يُلبِثْه النَّاسُ أن نَزَحوهُ، فشُكيَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العَطَشُ، فانتَزَعَ سَهمًا مِن كِنانَتِه، ثُمَّ أمَرَهم أن يَجعَلوهُ فيه، قال: فواللهِ ما زالَ يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حَتَّى صَدَروا عنه. قال: فبَينَما هُم كَذلك إذ جاءَ بُدَيلُ بنُ ورقاءَ الخُزاعيُّ في نَفَرٍ مِن قَومِه، وكانوا عَيبةَ نُصحٍ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ، وقال: إنِّي تَرَكتُ كَعبَ بنَ لُؤَيٍّ وعامِرَ بنَ لُؤَيٍّ نَزَلوا أعدادَ مياهِ الحُدَيبيةِ، مَعَهمُ العوذُ المَطافيلُ، وهُم مُقاتِلوكَ وصادُّوكَ عنِ البَيتِ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نَجِئْ لقِتالِ أحَدٍ، ولَكِنَّا جِئنا مُعتَمِرينَ، وإنَّ قُرَيشًا قد نَهَكَتهمُ الحَربُ، فأضَرَّت بهم، فإن شاؤوا مادَدتُهم مُدَّةً ويُخَلُّوا بَيني وبَينَ النَّاسِ، فإن أظهَرْ فإن شاؤوا أن يَدخُلوا فيما دَخَلَ فيه النَّاسُ فعَلوا، وإلَّا فقد جَمُّوا، وإن هُم أبَوا فوالذي نَفسي بيَدِه لَأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حَتَّى تَنفَرِدَ سالِفَتي أو لَيُنفِذَنَّ اللهُ أمرَه. قال يَحيى، عنِ ابنِ المُبارَكِ: حَتَّى تَنفَرِدَ، قال: فإن شاؤوا مادَدناهُم مُدَّةً. قال بُدَيلٌ: سَأُبَلِّغُهم ما تَقولُ. فانطَلَقَ حَتَّى أتى قُرَيشًا فقال: إنَّا قد جِئناكُم مِن عِندِ هذا الرَّجُلِ، وسَمِعناه يَقولُ قَولًا، فإن شِئتُم نَعرِضْه عليكُم. فقال سُفَهاؤُهم: لا حاجةَ لَنا في أن تُحَدِّثَنا عنه بشَيءٍ، وقال ذو الرَّأيِ مِنهم: هاتِ ما سَمِعتَه يَقولُ. قال: قد سَمِعتُه يَقولُ كَذا وكَذا، فحَدَّثَهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فقامَ عُروةُ بنُ مَسعودٍ الثَّقَفيُّ، فقال: أيْ قَومِ، ألَستُم بالوالِدِ؟ قالوا: بَلى. قال: أولَستُ بالولَدِ؟ قالوا: بَلى. قال: فهَل تَتَّهِموني؟ قالوا: لا. قال: ألَستُم تَعلَمونَ أنِّي استَنفَرتُ أهلَ عُكاظَ، فلَمَّا بَلَّحوا عليَّ جِئتُكُم بأهلي ومَن أطاعَني؟ قالوا: بَلى، فقال: إنَّ هذا قد عَرَضَ عليكُم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها، ودَعوني آتِه. فقالوا: ائتِه، فأتاه، قال: فجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له نَحوًا مِن قَولِه لبُدَيلٍ، فقال عُروةُ عِندَ ذلك: أي مُحَمَّدُ، أرَأيتَ إنِ استَأصَلتَ قَومَكَ، هَل سَمِعتَ بأحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجتاحَ أصلَه قَبلَكَ؟ وإن تَكُنِ الأُخرى، فواللهِ إنِّي لَأرى وُجوهًا، وأرى أوباشًا مِنَ النَّاسِ خَليقًا أن يَفِرُّوا ويَدَعوكَ. فقال له أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ تَعالى عنه: امصُصْ بَظرَ اللَّاتِ، نَحنُ نَفِرُّ عنه ونَدَعُه؟ فقال: مَن ذا؟ قالوا: أبو بَكرٍ. قال: أما والذي نَفسي بيَدِه لَولا يَدٌ كانَت لَكَ عِندي لم أَجِزكَ بها لَأجَبتُكَ. وجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكُلَّما كَلَّمَه أخَذَ بلِحيَتِه، والمُغيرةُ بنُ شُعبةَ قائِمٌ على رَأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَعَه السَّيفُ وعليه المِغفَرُ، وكُلَّما أهوى عُروةُ بيَدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضَرَبَ يَدَه بنَصلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يَدَكَ عن لحيةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرَفَعَ عُروةُ رَأسَه، فقال: مَن هذا؟ قالوا: المُغيرةُ بنُ شُعبةَ. قال: أي غُدَرُ، أولَستُ أسعى في غَدرَتِكَ. وكان المُغيرةُ صَحِبَ قَومًا في الجاهِليَّةِ فقَتَلَهم، وأخَذَ أموالَهم، ثُمَّ جاءَ فأسلَمَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ، وأمَّا المالُ فلَستُ مِنه في شَيءٍ. ثُمَّ إنَّ عُروةَ جَعَلَ يَرمُقُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَينِه، قال: فواللهِ ما تَنَخَّمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعَت في كَفِّ رَجُلٍ مِنهم، فدَلَكَ بها وجهَه وجِلدَه، وإذا أمَرَهم ابتَدَروا أمرَه، وإذا تَوضَّأ كادوا يَقتَتِلونَ على وَضوئِه، وإذا تَكَلَّموا خَفَضوا أصواتَهم عِندَه، وما يُحِدُّونَ إليه النَّظَرَ تَعظيمًا له. فرَجَعَ إلى أصحابِه، فقال: أيْ قَومِ، واللهِ لَقد وفَدتُ على المُلوكِ، ووفَدتُ على قَيصَرَ وكِسرى والنَّجاشيِّ، واللهِ إن رَأيتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُه أصحابُه ما يُعَظِّمُ أصحابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واللهِ إن يَتَنَخَّمْ نُخامةً إلَّا وقَعَت في كَفِّ رَجُلٍ مِنهم، فدَلَكَ بها وجهَه وجِلدَه، وإذا أمَرَهم ابتَدَروا أمرَه، وإذا تَوضَّأ كادوا يَقتَتِلونَ على وَضوئِه، وإذا تَكَلَّموا خَفَضوا أصواتَهم عِندَه، وما يُحِدُّونَ إليه النَّظَرَ تَعظيمًا له، وإنَّه قد عَرَضَ عليكُم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها. فقال رَجُلٌ مِن بَني كِنانةَ: دَعوني آتِه، فقالوا: ائتِه. فلَمَّا أشرَفَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فُلانٌ، وهو مِن قَومٍ يُعَظِّمونَ البُدنَ، فابعَثوها له. فبُعِثَت له، واستَقبَلَه القَومُ يُلَبُّونَ، فلَمَّا رَأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ، ما يَنبَغي لهؤلاء أن يُصَدُّوا عنِ البَيتِ. قال: فلَمَّا رَجَعَ إلى أصحابِه، قال: رَأيتُ البُدنَ قد قُلِّدَت وأُشعِرَت، فلَم أرَ أن يُصَدُّوا عنِ البَيتِ. فقامَ رَجُلٌ مِنهم يُقالُ له مِكرَزُ بنُ حَفصٍ، فقال: دَعوني آتِه. فقالوا: ائتِه. فلَمَّا أشرَفَ عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا مِكرَزٌ، وهو رَجُلٌ فاجِرٌ. فجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبَينا هو يُكَلِّمُه إذ جاءَه سُهَيلُ بنُ عَمرٍو. قال مَعمَرٌ: وأخبَرَني أيُّوبُ، عن عِكرِمةَ، أنَّه لَمَّا جاءَ سُهَيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: سَهُلَ مِن أمرِكُم، قال الزُّهريُّ في حَديثِه: فجاءَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو، فقال: هاتِ اكتُبْ بَينَنا وبَينَكُم كِتابًا. فدَعا الكاتِبَ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اكتُبْ بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ، فقال سُهَيلٌ: أمَّا الرَّحمَنُ، فواللهِ ما أدري ما هو -وقال ابنُ المُبارَكِ: ما هو- ولَكِنِ اكتُبْ: باسمِكَ اللهُمَّ كما كُنتَ تَكتُبُ. فقال المُسلِمونَ: واللهِ ما نَكتُبُها إلَّا بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اكتُب باسمِكَ اللهُمَّ، ثُمَّ قال: هذا ما قاضى عليه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ، فقال سُهَيلٌ: واللهِ لَو كُنَّا نَعلَمُ أنَّكَ رَسولُ اللهِ ما صَدَدناكَ عنِ البَيتِ ولا قاتَلناكَ، ولَكِنِ اكتُب: مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: واللهِ إنِّي لَرَسولُ اللهِ وإن كَذَّبتُموني، اكتُبْ: مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ. قال الزُّهريُّ: وذلك لقَولِه: لا يَسألوني خُطَّةً يُعَظِّمونَ فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطَيتُهم إيَّاها. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: على أن تُخَلُّوا بَينَنا وبَينَ البَيتِ فنَطوفَ به، فقال سُهَيلٌ: واللهِ لا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً، ولَكِن لَكَ مِنَ العامِ المُقبِلِ. فكَتَبَ، فقال سُهَيلٌ: على أنَّه لا يَأتيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وإن كان على دينِكَ، إلَّا رَدَدتَه إلينا. فقال المُسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ، كَيفَ يُرَدُّ إلى المُشرِكينَ وقد جاءَ مُسلِمًا؟ فبَينا هُم كَذلك إذ جاءَ أبو جَندَلِ بنُ سُهَيلِ بنِ عَمرٍو يَرسُفُ -وقال يَحيى عنِ ابنِ المُبارَكِ: يَرصُفُ- في قُيودِه، وقد خَرَجَ مِن أسفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمى بنَفسِه بَينَ أظهُرِ المُسلِمينَ. فقال سُهَيلٌ: هذا يا مُحَمَّدُ أوَّلُ ما أُقاضيكَ عليه أن تَرُدَّه إليَّ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نَقضِ الكِتابَ بَعدُ، قال: فواللهِ إذًا لا نُصالِحُكَ على شَيءٍ أبَدًا. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فأجِزْه لي، قال: ما أنا بمُجيزِه لَكَ. قال: بَلى، فافعَلْ، قال: ما أنا بفاعِلٍ. قال مِكرَزٌ: بَلى قد أجَزناه لَكَ. فقال أبو جَندَلٍ: أي مَعاشِرَ المُسلِمينَ، أُرَدُّ إلى المُشرِكينَ وقد جِئتُ مُسلِمًا، ألا تَرَونَ ما قد لَقِيتُ؟ وكان قد عُذِّبَ عَذابًا شَديدًا في اللهِ. فقال عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه: فأتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلتُ: ألَستَ نَبيَّ اللهِ؟ قال: بَلى، قُلتُ: ألَسنا على الحَقِّ وعَدوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بَلى، قال: قُلتُ: فلمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دينِنا إذًا؟ قال: إنِّي رَسولُ اللهِ، ولَستُ أعصيه، وهو ناصِري. قُلتُ: أولَستَ كُنتَ تُحَدِّثُنا أنَّا سَنَأتي البَيتَ فنطوفُ به؟ قال: بَلى، قال: أفَأخبَرتُكَ أنَّكَ تَأتيه العامَ؟ قُلتُ: لا. قال: فإنَّكَ آتيه ومُتَطَوِّفٌ به، قال: فأتَيتُ أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقُلتُ: يا أبا بَكرٍ، أليس هذا نَبيَّ اللهِ حَقًّا؟ قال: بَلى. قُلتُ: ألَسنا على الحَقِّ وعَدوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بَلى. قُلتُ: فلمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دينِنا إذًا؟ قال: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّه رَسولُ اللهِ، ولَن يَعصيَ رَبَّه عَزَّ وجَلَّ، وهو ناصِرُه، فاستَمسِكْ بغَرزِه -وقال يَحيى بنُ سَعيدٍ: تَطَوَّفْ بغَرزِه حَتَّى تَموتَ، فواللهِ إنَّه لَعَلى الحَقِّ- قُلتُ: أوليس كان يُحَدِّثُنا أنَّا سَنَأتي البَيتَ ونُطوِّفُ به؟ قال: بَلى. قال: أفَأخبَرَكَ أنَّه يَأتيه العامَ؟ قُلتُ: لا. قال: فإنَّكَ آتيه ومُتَطَوِّفٌ به. قال الزُّهريُّ: قال عُمَرُ: فعَمِلتُ لذلك أعمالًا. قال: فلَمَّا فرَغَ مِن قَضيَّةِ الكِتابِ، قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِه: قوموا فانحَروا ثُمَّ احلِقوا، قال: فواللهِ ما قامَ مِنهم رَجُلٌ، حَتَّى قال ذلك ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فلَمَّا لم يَقُمْ مِنهم أحَدٌ قامَ فدَخَلَ على أُمِّ سَلَمةَ، فذَكَرَ لها ما لَقيَ مِنَ النَّاسِ، فقالت أُمُّ سَلَمةَ: يا رَسولَ اللهِ، أتُحِبُّ ذلك؟ اخرُجْ، ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا مِنهم كَلِمةً حَتَّى تَنحَرَ بُدْنَكَ، وتَدعوَ حالِقَكَ فيَحلِقَكَ. فقامَ فخَرَجَ، فلَم يُكَلِّمْ أحَدًا مِنهم حَتَّى فعَلَ ذلك: نَحَرَ هَديَه، ودَعا حالِقَه. فلَمَّا رَأوا ذلك قاموا فنَحَروا، وجَعَلَ بَعضُهم يَحلِقُ بَعضًا حَتَّى كادَ بَعضُهم يَقتُلُ بَعضًا غَمًّا. ثُمَّ جاءَه نِسوةٌ مُؤمِناتٌ، فأنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {يا أيُّها الذينَ آمَنوا إذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجِراتٍ} [الممتحنة: 10] حَتَّى بَلَغَ {بعِصَمِ الكَوافِرِ} [الممتحنة: 10]، قال: فطَلَّقَ عُمَرُ يَومَئِذٍ امرَأتَينِ كانَتا له في الشِّركِ، فتَزَوَّجَ إحداهُما مُعاويةُ بنُ أبي سُفيانَ، والأُخرى صَفوانُ بنُ أُمَيَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ إلى المَدينة فجاءَه أبو بَصيرٍ -رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ- وهو مُسلِمٌ، وقال يَحيى، عنِ ابنِ المُبارَكِ: فقدِمَ عليه أبو بَصيرِ بنُ أُسَيدٍ الثَّقَفيُّ مُسلِمًا مُهاجِرًا، فاستَأجَرَ الأخنَسُ بنُ شُرَيقٍ رَجُلًا كافِرًا مِن بَني عامِرِ بنِ لُؤَيٍّ ومَولًى مَعَه، وكَتَبَ مَعَهما إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسألُه الوفاءَ، فأرسَلوا في طَلَبِه رَجُلَينِ، فقالوا: العَهدُ الذي جَعَلتَ لَنا فيه. فدَفَعَه إلى الرَّجُلَينِ، فخَرَجا به حَتَّى بَلَغا به ذا الحُلَيفةِ، فنَزَلوا يَأكُلونَ مِن تَمرٍ لهم]، ومِن هاهُنا مُلصَقٌ بحَديثِ الزُّهريِّ، عنِ القاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، قال: وقال أبو بَصيرٍ للعامِريِّ ومَعَه سَيفُه، إنِّي أرى سَيفَكَ هذا يا أخا بَني عامِرٍ جَيِّدًا؟ قال: نَعَم أجَلْ، قال: أرِني أنظُرْ إليه، قال: فأنطاه إيَّاه، فاستَلَّه أبو بَصيرٍ ثُمَّ ضَرَبَ العامِريَّ حَتَّى قَتَلَه، وفَرَّ المَولى يَجمِزُ قِبَلَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدَخَلَ –زَعَموا- على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو في المَسجِدِ يَطِنُّ الحَصى مِن شِدَّةِ سَعيِه، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ رَآهُ: لَقد رَأى هذا ذُعرًا، فذَكَرَ نَحوًا مِن حَديثِ عَبدِ الرَّزَّاقِ [فلَمَّا انتَهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِلَ واللهِ صاحِبي، وإنِّي لَمَقتولٌ. فجاءَ أبو بَصيرٍ، فقال: يا نَبيَّ اللهِ، قد واللهِ أوفى اللهُ ذِمَّتَكَ قد رَدَدتَني إليهم، ثُمَّ أنجاني اللهُ مِنهم. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه مِسعَرَ حَربٍ! لَو كان له أحَدٌ. فلَمَّا سَمِعَ ذلك عَرَفَ أنَّه سَيَرُدُّه إليهم، فخَرَجَ حَتَّى أتى سِيفَ البَحرِ، قال: ويَنفَلِتُ أبو جَندَلِ بنُ سُهَيلٍ، فلَحِقَ بأبي بَصيرٍ، فجَعَلَ لا يَخرُجُ مِن قُرَيشٍ رَجُلٌ قد أسلَمَ إلَّا لَحِقَ بأبي بَصيرٍ حَتَّى اجتَمَعَت مِنهم عِصابةٌ، قال: فواللهِ ما يَسمَعونَ بعيرٍ خَرَجَت لقُرَيشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعتَرَضوا لها، فقَتَلوهُم، وأخَذوا أموالَهم]، قال: فلَمَّا رَأى ذلك كُفَّارُ قُرَيشٍ رَكِبَ نَفَرٌ مِنهم إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالوا: إنَّها لا تُغني مُدَّتُكَ شَيئًا، ونَحنُ نُقتَلُ وتُنهَبُ أموالُنا، وإنَّا نَسألُكَ أن تُدخِلَ هؤلاء الذينَ أسلَموا مِنَّا في صُلحِكَ، وتَمنَعَهم وتَحجُزَ عنَّا قِتالَهم، ففَعَلَ ذلك رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وهو الذي كَفَّ أيديَهم عنكُم وأيديَكُم عنهم} [الفتح: 24]، فقَرَأ حَتَّى بَلَغَ {حَميَّةَ الجاهِليَّةِ} [الفتح: 26]
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 18929 التخريج : -
التصنيف الموضوعي: حج - تقليد الهدي وإشعاره حج - مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية جهاد - مشورة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه مغازي - صلح الحديبية مغازي - غزوة الحديبية