الموسوعة الحديثية


- غَزَوْنا غَزْوةً إلى طَرَفِ الشامِ، فأُمِّرَ علينا خالِدُ بنُ الوَليدِ، قال: فانضَمَّ إلينا رَجُلٌ مِن أمْدادِ حِمْيَرَ، فأوَى إلى رَحْلِنا ليس معَه شَيءٌ إلَّا سَيفٌ، ليس معَه سِلاحٌ غَيرَه، فنَحَرَ رَجُلٌ مِن المُسلِمينَ جَزورًا، فلم يَزَلْ يَحْتالُ حتى أخَذَ مِن جِلْدِه كهَيْئةِ المِجَنِّ حتى بَسَطَه على الأرضِ، ثُمَّ وَقَدَ عليه، حتى جَفَّ، فجَعَلَ له مُمْسِكًا كهَيْئةِ التُّرْسِ، فقُضِيَ أنْ لَقينا عَدُوَّنا فيهم أخْلاطٌ مِن الرُّومِ والعَرَبِ مِن قُضاعةَ، فقاتَلونا قِتالًا شَديدًا، وفي القَومِ رَجُلٌ مِن الرُّومِ على فَرَسٍ له أشْقَرَ وسَرْجٍ مُذَهَّبٍ، ومِنْطَقةٍ مُلَطَّخةٍ ذَهَبًا، وسَيفٍ مِثلِ ذلك، فجَعَلَ يَحمِلُ على القَومِ، ويُغْري بهم ، فلم يَزَلْ ذلك المَدَديُّ يَحْتالُ لذلك الرُّوميِّ حتى مَرَّ به فاسْتَقْفاه، فضَرَبَ عُرْقوبَ فَرَسِه بالسَّيفِ فوَقَعَ، ثُمَّ أتْبَعَه ضَرْبًا بالسَّيفِ حتى قَتَلَه، فلمَّا فَتَحَ اللهُ الفَتحَ، أقْبَلَ يَسألُ للسَّلَبِ، وقد شَهِدَ له الناسُ بأنَّه قاتِلُه، فأعْطاه خالِدٌ بَعضَ سَلَبِه، وأمْسَكَ سائِرَه، فلمَّا رَجَعَ إلى رَحْلِ عَوفٍ ذَكَرَه، فقال له عَوْفٌ: ارْجِعْ إليه فليُعْطِكَ ما بَقِيَ، فرَجَعَ إليه، فأبَى عليه، فمَشى عَوْفٌ حتى أتى خالِدًا، فقال: أمَا تَعلَمُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قَضى بالسَّلَبِ للقاتِلِ؟ قال: بَلى، قال: فما يَمنَعُكَ أنْ تَدفَعَ إليه سَلَبَ قَتيلِه؟ قال خالِدٌ: استَكْثَرْتُه له، قال عَوفٌ: لَئنْ رَأيْتَ وَجْهَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ لَأذْكُرَنَّ ذلك له، فلمَّا قَدِمَ المَدينةَ بَعَثَه عَوْفٌ، فاسْتَعْدى إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فدَعا خالِدًا وعَوْفٌ قاعِدٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: ما يَمنَعُكَ يا خالِدُ أنْ تَدفَعَ إلى هذا سَلَبَ قَتيلِه؟ قال: استَكْثَرْتُه له يا رسولَ اللهِ، فقال: ادْفَعْه إليه. قال: فمَرَّ بعَوْفٍ، فَجَرَّ عَوْفٌ بِرِدائِه، فقال: أنْجَزْتُ لكَ ما ذَكَرتُ لكَ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فسَمِعَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فاستَغْضَبَ، فقال: لا تُعْطِه يا خالِدُ، هل أنتُم تارِكو أُمَرائي؟ إنَّما مَثَلُكُم ومَثَلُهم كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرى إبِلًا، وغَنَمًا فرَعاها، ثُمَّ تحَيَّنَ سَقْيَها فأوْرَدَها حَوْضًا، فشَرَعَتْ فيه، فشَرِبَتْ صَفْوةَ الماءِ، وتَرَكَتْ كَدَرَه، فصَفْوُه أمْرُهُم لكُم، وكَدَرُه عليهم.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم.
الراوي : عوف بن مالك الأشجعي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب الصفحة أو الرقم : 23987
التخريج : أخرجه أبو داود (2719) باختلاف يسير، وأخرجه مسلم (1753) مختصراً
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - وجوب طاعة الإمام جهاد - السلب والنفل سرايا - تأمير الأمراء على البعوث والسرايا ووصيتهم اعتصام بالسنة - تباين الصحابة في تحمل السنة كل بقدر ما علمه غنائم - السلب للقاتل

أصول الحديث:


[سنن أبي داود] (3/ 71)
2719- حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثني صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة فرافقني مدد من أهل اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورا فسأله المددي طائفة من جلده فأعطاه إياه، فاتخذه كهيئة الدرق ومضينا فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، فقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله عز وجل للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ من السلب. قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته. قلت: لتردنه عليه أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أن يرد عليه قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا خالد ما حملك على ما صنعت؟)) قال: يا رسول الله لقد استكثرته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا خالد رد عليه ما أخذت منه)). قال عوف: فقلت له: دونك يا خالد، ألم أف لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما ذلك؟)) فأخبرته قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا خالد لا ترد عليه، هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره))

[صحيح مسلم] (3/ 1373 )
((43- (1753) وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح. أخبرنا عبد الله بن وهب. أخبرني معاوية ين صالح عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن عوف بن مالك. قال: قتل رجل من حمير رجلا من العدو. فأراد سلبه. فمنعه خالد بن الوليد. وكان واليا عليهم. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك. فأخبره. فقال لخالد (ما منعك أن تعطيه سلبه؟) قال: استكثرته. يا رسول الله! قال (ادفعه إليه) فمر خالد بعوف فجر بردائه. ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب. فقال (لا تعطه. يا خالد! لا تعطه. يا خالد! هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ إنما أنا مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعي إبلا أو غنما فرعاها. ثم تحين سقيها. فأوردها حوضا. فشرعت فيه. فشربت صفوه وتركت كدره. فصفوه لكم وكدره عليهم)))

[صحيح مسلم] (3/ 1374 )
((44- (1753) وحدثني زهير بن حرب. حدثنا الوليد بن مسلم. حدثنا صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي. قال: خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة، في غزوة مؤتة. ورافقني مددي من اليمن. وساق الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. غير أنه قال في الحديث: قال عوف: فقلت: يا خالد! أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟ قل: بلى. ولكني استكثرته))