موسوعة الفرق

المَطلبُ الأوَّلُ: اعتِقادُ أنَّ اللهَ تعالى ليس له مَكانٌ


منَ العَقائِدِ التي تَضَمَّنَتها (الغوثيَّةُ والتي زَعَموا أنَّ اللهَ تعالى أوحاها إلى عَبدِ القادِرِ الجيلانيِّ ما جاءَ في قَولِه: (سَألتُ: يا رَبِّ، هَل لك مَكانٌ؟ قال لي: يا غَوثُ الأعظَمُ، أنا مُكَوِّنُ المَكانِ وليس لي مَكانٌ) .
وقال القادِريُّ: (هذه عَقيدةُ الغَوثِ الأعظَمِ قدَّسَ اللهُ تعالى سِرَّه: الحَمدُ للَّهِ الذي كَيَّف الكَيفَ وتَنَزَّهَ عنِ الكَيفيَّةِ، وأيَّنَ الأينَ وتَعَزَّز عنِ الأينيَّةِ، ووُجِدَ في كُلِّ شَيءٍ وتَقدَّسَ عنِ الظَّرفيَّةِ، وحَضَرَ عِند كُلِّ شَيءٍ وتعالى عنِ العِنديَّةِ) .
وهذا خِلافُ الوارِدِ عنِ الشَّيخِ عَبدِ القادِرِ نَفسِه في بَعضِ كُتُبه.
قال الجيلانيُّ في بَيانِ اعتِقادِه في صِفاتِ اللهِ تعالى: (وهو بايِنٌ مِن خَلقِه، ولا يَخلو مِن عِلمِه مَكانٌ، ولا يَجوزُ وصفُه بأنَّه في كُلِّ مَكانٍ، بل يُقالُ: إنَّه في السَّماءِ على العَرشِ، كما قال جَلَّ ثَناؤُه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] ، وقَولِه: ثمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ [الفرقان: 59] ، وقال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر: 10] ) .
قال ابنُ تيميَّةَ في سياقِ عَرضِه لكَلامِ عُلماءِ أهلِ السُّنَّةِ حَولَ صِفاتِ اللهِ تعالى: (ومن مُتَأخِّريهم: الإمامُ أبو مُحَمَّدٍ عَبدُ القادِرِ بنُ أبي صالحٍ الجيليُّ، قال في كِتابِ الغُنيةِ: «أمَّا مَعرِفةُ الصَّانِعِ بالآياتِ والدَّلالاتِ على وَجهِ الاختِصارِ فهو أن يَعرِفَ ويَتَيَقَّنَ أنَّ اللهَ واحِدٌ أحَدٌ». إلى أن قال: «وهو بجِهةِ العُلوِّ، مُستَوٍ على العَرشِ، مُحتَوٍ على المُلكِ، مُحيطٌ عِلمُه بالأشياءِ... ولا يَجوزُ وصفُه بأنَّه في كُلِّ مَكانٍ، بل يُقالُ: إنَّه في السَّماءِ على العَرشِ، كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] ». وذَكَرَ آياتٍ وأحاديثَ، إلى أن قال: «ويَنبَغي إطلاقُ صِفةِ الاستِواءِ من غَيرِ تَأويلٍ، وأنَّه استِواءُ الذَّاتِ على العَرشِ». قال: «وكَونُه على العَرشِ مَذكورٌ في كُلِّ كِتابٍ أنزِلَ على كُلِّ نَبيٍّ أرسِلَ بلا كَيفٍ». وذَكَرَ كَلامًا طَويلًا لا يَحتَمِلُه هذا المَوضِعُ، وذَكَر في سائِرِ الصِّفاتِ نَحوَ هذا) .

انظر أيضا:

  1. (1) الغَوثيَّةُ عبارةٌ عن كُشوفاتٍ مَعنويَّةٍ وإلهاماتٍ قَلبيَّةٍ في صورةِ خِطاباتٍ ربَّانيَّةٍ منسوبةٍ لعبدِ القادِرِ الجيلانيِّ. وقد جعلها إسماعيلُ القادريُّ مُقدِّمةً لكتابِه (الفُيوضاتُ الرَّبَّانيَّةُ).
  2. (2) يُنظر: ((الفيوضات الربانية)) للقادري (ص: 4).
  3. (3) ((الفيوضات الربانية)) (ص: 32).
  4. (4) ((الغنية لطالبي طريق الحق)) (1/124).
  5. (5) يُنظر: ((الفتوى الحموية الكبرى)) (ص: 477).