الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: حُكْمُ الشَّرِكةِ


تَجوزُ الشَّرِكةُ في الجُمْلةِ.
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الكِتابِ
1 - قَوْلُه سبحانه تَعالى: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ [الكهف: 19] .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
الآيةُ تَدُلُّ بمُقْتضاها على جَوازِ الشَّرِكةِ؛ لأنَّ الطَّعامَ المُشْتَرى بالوَرِقِ (الدَّراهِمِ مِن الفِضَّةِ) كانَ لجَميعِهم، وقدْ أُضيفَ إليهم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ .
2 - قَولُه تعالى: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ص: 24] .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الخُلَطاءَ هُمُ الشُّرَكاءُ ، والآيةُ فيها دَلالةٌ على جَوازِ الشَّرِكةِ؛ لأنَّ فيها تَقْريرَ الخُلْطةِ، وإنَّما كانَ الذَّمُّ على ما يَتَرَتَّبُ على ذلك مِن بَغْيِ كَثيرٍ مِن الشُّرَكاءِ على بَعْضِهم.
ثانِيًا: مِن السُّنَّةِ
عن سُلَيمانَ بنِ أبي مُسلِمٍ، قالَ: ((سَألْتُ أبا المِنْهالِ عن الصَّرْفِ يَدًا بيَدٍ، فقالَ: اشْتَريْتُ أنا وشَريكٌ لي شَيئًا يَدًا بيَدٍ ونَسيئةً، فجاءَنا البَراءُ بنُ عازِبٍ فسَألْناه، فقالَ: فَعَلْتُ أنا وشَريكي زَيدُ بنُ أَرْقَمَ، وسَألْنَا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك، فقالَ: ما كانَ يَدًا بيَدٍ فخُذوه، وما كانَ نَسيئةً فذَروهـ)) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ دَلالةٌ على جَوازِ الشَّرِكةِ؛ لإقْرارِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَراءَ وزَيدًا على الاشْتِراكِ .
ثالِثًا: مِن الإجْماعِ
نَقَلَ الإجْماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ ، وابنُ مَوْدودٍ المُوصِليُّ ، والزَّرْكَشِيُّ ، وخَليلُ بنُ إسْحاقَ ، وبُرْهانُ الدِّينِ ابنُ مُفْلِحٍ ، والشَّوْكانيُّ .

انظر أيضا:

  1. (1) ((الذخيرة)) للقرافي (8/18).
  2. (2) يُنظَرُ: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/267).
  3. (3) أخرجه البُخارِيُّ (2497، 2498).
  4. (4) يُنظَرُ: ((الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البُخارِيّ)) لأحمد بن إسماعيل الكوراني (5/160)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (3/233).
  5. (5) قالَ ابنُ قُدامةَ: (وأَجمَعَ المُسلِمونَ على جَوازِ الشَّرِكةِ في الجُمْلةِ، وإنَّما اخْتَلَفوا في أنْواعٍ مِنها نُبَيِّنُها إن شاءَ اللهُ تَعالى). ((المغني)) (5/3).
  6. (6) قالَ ابنُ مَوْدودٍ الموصِلِيُّ: (وهي في الشَّرْعِ: الخُلْطةُ وثُبوتُ الحِصَّةِ، وهي مَشْروعةٌ...، وبُعِثَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّاسُ يَتَعامَلونَها فلم يُنكِرْ عليهم، وتَعامَلوا بِها إلى يَوْمِنا هذا مِن غَيْرِ نَكيرٍ، فكانَ إجْماعًا). ((الاختيار لتعليل المختار)) (3/12).
  7. (7) قالَ الزَّرْكَشِيُّ: (الشَّرِكةُ بوَزْنِ نِعْمةٍ، وبوَزْنِ سَرِقةٍ، وحَكى بعضُهم شَرَكةً، بوَزْنِ ثَمَرةٍ، وهي: الاجْتِماعُ في اسْتِحْقاقٍ أو تَصرُّفٍ، وهي جائِزةٌ بالإجْماعِ). ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (4/124).
  8. (8) قالَ خَليلُ بنُ إسْحاقَ: (الشِّرْكةُ: إذْنٌ في التَّصرُّفِ لهما معَ أنْفُسِهما، هي بكَسْرِ الشِّينِ وسُكونِ الرَّاءِ، والإجْماعُ على جَوازِها مِن حيثُ الجُمْلةُ). ((التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب)) (6/335).
  9. (9) قالَ بُرْهانُ الدِّينِ ابنُ مُفْلِحٍ: (كِتابُ الشَّرِكةِ ، شِرْكة بوَزْنِ نِعْمةٍ وبوَزْنِ سَرِقةٍ، زادَ بعضُهم: وبوَزْنِ تمْرةٍ، وهي ثابِتةٌ بالإجْماعِ). ((المبدع)) (4/267).
  10. (10) قالَ الشَّوْكانيُّ: (اعْلَمْ أنَّ أصْلَ الشَّرِكةِ ثابِتٌ بالسُّنَّةِ المُطَهَّرةِ، وعليه أَجمَعَ المُسلِمونَ). ((السيل الجرار)) (ص 602).