الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: حُكْمُ الإجارةِ


يَجوزُ عَقْدُ الإجارةِ.
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الكِتابِ
1- قَوْلُه تَعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [الطلاق: 6] .
2- قَوْلُه تَعالى: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ الآية [القصص: 26] .
3- قَوْلُه تَعالى: فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا [الكهف: 77] .
ثانِيًا: مِن السُّنَّةِ
1 - عن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((قالَ اللهُ: ثَلاثةٌ أنا خَصْمُهم يَوْمَ القِيامةِ، وذَكَرَ مِنهم رَجُلًا اسْتَأجَرَ أجيرًا فاسْتَوْفى مِنه، ولم يُعْطِ أجْرَه)) [4] أخرجه مسلم (2227). .
2 - عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها -زَوْجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قالَتْ: ((واسْتَأجَرَ رَسولُ اللهِ وأبو بَكْرٍ رَجُلًا مِن بَني الدِّيلِ هادِيًا خِرِّيتًا [5] بَنو الدِّيلِ: بَطْنٌ مِن بَني بَكْرٍ؛ إحدى القَبائِلِ العَربيَّةِ. وقولُه: هادِيًا، أي: مُرشِدًا إلى طَريقِ المَدينةِ. والخِرِّيتُ: الماهِرُ في إرْشادِه العارِفُ بالطُّرُقِ الخَفِيَّةِ ومَضايِقِها، والجِهاتِ كلِّها. يُنظَرُ: ((الكواكب الدراري)) للكرماني (10/97)، ((منار القاري)) لحمزة قاسم (4/308). ، وهو على دينِ كُفَّارِ قُرَيشٍ، فدَفَعا إليه راحِلتَيهما، وواعَداه غارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيالٍ براحِلتَيهما صُبْحَ ثَلاثٍ)) [6] أخرجه البُخارِيُّ (2264). .
3- عن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((ما بَعَثَ اللهُ نَبيًّا إلَّا رَعى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُه: وأنت؟ فقالَ: نَعمْ، كُنْتُ أرْعاها على قَراريطَ [7] القَراريطُ: جَمْعُ قيراطٍ، وهو سُدُسُ دِرْهَمٍ. يُنظَرُ: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) للمظهري (3/500)، ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (5/1991). لأهْلِ مَكَّةَ)) [8] أخرجه البُخارِيُّ (2262). .
ثالِثًا: مِن الإجْماعِ
نَقَلَ الإجْماعَ على ذلك [9] خالَفَ في ذلك الأَصَمُّ وابنُ عُلَيَّةَ، ولم يَعتَبِرِ العُلَماءُ خِلافَهما، قالَ القاضي عَبْدُ الوَهَّابِ (جوازُ الإجارةِ في الجُمْلةِ مُجمَعٌ عليه إلَّا ما يُحْكى عن ابنِ عُلَيَّةَ والأَصَمِّ، وهؤلاء لا يَعُدُّ أهْلُ العِلمِ خِلافَهم خِلافًا... ولأنَّ هذا إجْماعٌ مِن السَّلَفِ قَبْلَ خَرْقِ هؤلاء المُبْتَدِعةِ). ((الإشراف على نكت مسائل الخلاف)) (2/652). وقالَ الكاسانيُّ: (الأمَّةُ أجْمَعَتْ على ذلك قَبْلَ وُجودِ الأَصَمِّ؛ حيثُ يَعقِدونَ عَقْدَ الإجارةِ مِن زَمَنِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم إلى يَوْمِنا هذا مِن غَيْرِ نَكيرٍ، فلا يُعبَأُ بخِلافِه؛ إذ هو خِلافُ الإجْماعِ). ((بدائع الصنائع)) (4/174). وقالَ عُلَيشٌ: (خِلافُ الأَصَمِّ فيها لَغْوٌ؛ لأنَّه مُبْتَدِعٌ). ((منح الجليل)) (7/432). : الشَّافِعيُّ [10] قالَ الشَّافِعيُّ عن الإجارةِ: (فمَضَتْ بها السُّنَّةُ وعَمِلَ بها غَيْرُ واحِدٍ مِن أصْحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولا يَخْتلِفُ أهْلُ العِلمِ ببَلَدِنا عَلِمْناه في إجازتِها، وعَوامُّ فُقَهاءِ الأمْصارِ). ((الأم)) (4/26). ، وابنُ المُنذِرِ [11] قالَ ابنُ المُنذِرِ: (اتَّفَقَ على إجازتِها كلُّ مَن نَحفَظُ عنه قَوْلَه مِن عُلَماءِ الأمَّةِ). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (6/286). ، والقاضي عَبْدُ الوَهَّابِ [12] قالَ القاضي عَبْدُ الوَهَّابِ: (جَوازُ الإجارةِ في الجُمْلةِ مُجمَعٌ عليه إلَّا ما يُحْكى عن ابنِ عُلَيَّةَ والأَصَمِّ، وهؤلاء لا يَعُدُّ أهْلُ العِلمِ خِلافَهم خِلافًا، فدَليلُنا قَوْلُه تَعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ... ولأنَّ هذا إجْماعٌ مِن السَّلَفِ قَبْلَ خَرْقِ هؤلاء المُبْتَدِعةِ). ((الإشراف على نكت سائل الخلاف)) (2/652). ، والكاسانيُّ [13] قالَ الكاسانيُّ: (الأمَّةُ أَجمَعَتْ على ذلك قَبْلَ وُجودِ الأَصَمِّ؛ حيثُ يَعقِدونَ عَقْدَ الإجارةِ مِن زَمَنِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم إلى يَوْمِنا هذا مِن غَيْرِ نَكيرٍ، فلا يُعبَأُ بخِلافِه؛ إذ هو خِلافُ الإجْماعِ). ((بدائع الصنائع)) (4/174). ، وابنُ رُشْدٍ [14] قالَ ابنُ رُشْدٍ: (الإجارةُ جائِزةٌ عنْدَ جَميعِ فُقَهاءِ الأمْصارِ، والصَّدْرِ الأوَّلِ. وحُكِيَ عن الأَصَمِّ وابنِ عُلَيَّةَ مَنْعُها). ((بداية المجتهد)) (4/5). ، والعِمْرانيُّ [15] قالَ العِمْرانيُّ: (يَجوزُ عَقْدُ الإجارةِ على المَنافِعِ المُباحةِ، مِثلُ: أن يُؤاجِرَ نفْسَه أو عَبْدَه للخِدْمةِ، أو دارَه للسُّكْنى... ودَليلُنا: الكِتابُ، والسُّنَّةُ، والإجْماعُ، والقِياسُ). ((البيان)) (7/285). ، وابنُ قُدامةَ [16] قالَ ابنُ قُدامةَ: (أَجمَعَ أهْلُ العِلمِ في كلِّ عَصْرٍ وكلِّ مِصْرٍ على جوازِ الإجارةِ، إلَّا ما يُحْكى عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ الأَصَمِّ أنَّه قالَ: لا يَجوزُ ذلك؛ لأنَّه غَرَرٌ. يَعْني أنَّه يَعقِدُ على مَنافِعَ لم تُخلَقْ، وهذا غَلَطٌ لا يَمنَعُ انْعِقادَ الإجْماعِ الَّذي سَبَقَ في الأعْصارِ، وسارَ في الأمْصارِ). ((المغني)) (5/321). ، والمَجْدُ ابنُ تَيْمِيَّةَ [17] قالَ المَجْدُ ابنُ تَيْمِيَّةَ: (وبالإجْماعِ تَجوزُ الإجارةُ). ((المنتقى من أخبار المصطفى)) (2/382). والزَّيلَعيُّ [18] قال الزَّيْلَعيُّ في الإجارةِ: (وهي جائِزةٌ بإجماعٍ الأُمَّةِ). ((تبيين الحقائق)) (5/105). .

انظر أيضا: