الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالثُ: بَيعُ البُرِّ بالدَّقيقِ أوِ السَّويقِ مِن جِنسِه


اختلَفَ العُلماءُ في حُكمِ بَيعِ البُرِّ بالدَّقيقِ أوِ السَّويقِ مِن جِنسِه على قَولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: لا يَجوزُ بَيعُ البُرِّ بالدَّقيقِ أوِ السَّويقِ مِن جِنسِه، ولو تَساوَيا وَزنًا، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّةِ ، والشَّافعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وقَولٌ للمالِكيَّةِ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ بَيعَ البُرِّ بالدَّقيقِ بَيعٌ للبُرِّ بجِنسِه مُتفاضِلًا، فحرُمَ؛ لأنَّ الطَّحنَ قدْ فرَّقَ أجْزاءَها، فيَحصُلُ في مِكْيالِ الدَّقيقِ دونَ ما يَحصُلُ في مِكْيالِ البُرِّ، وإنْ لم يَتحقَّقِ التَّفاضُلُ، فقدْ جُهِلَ التَّماثُلُ، والجَهلُ بالتَّماثُلِ كالعِلمِ بالتَّفاضُلِ فيما يُشترَطُ فيه التَّماثُلُ
ثانيًا: أنَّ بَيعَ البُرِّ بالسَّويقِ بَيعٌ للبُرِّ بجنسِه مُتفاضِلًا، فحرُمَ؛ لأنَّ النَّارَ قدْ أخَذَتْ مِن أحَدِهما دونَ الآخَرِ، فلم يَتحقَّقِ التَّماثُلُ
القولُ الثَّاني: يَجوزُ بَيعُ البُرِّ بالدَّقيقِ والسَّويقِ من جِنسِه مُتماثِلًا إذا تَساوَيا في الوَزنِ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ ، ورِوايةٌ عن أحمَدَ ، وهو قَولُ بعضِ السَّلفِ ، واخْتارَه ابنُ عُثَيمينَ ؛ وذلك لأنَّ الدَّقيقَ نفْسُ الحِنْطةِ، وإنَّما تَكسَّرَتْ أجْزاؤُها، فجازَ بَيعُ بعضِها ببَعضٍ، كالحِنطةِ المُكسَّرةِ بالصِّحاحِ

انظر أيضا:

  1. (1) كدَقيقِ الشَّعيرِ والقمحِ، وكزَيتِ السِّمسمِ وزَيتِ الزَّيتونِ
  2. (2) السَّويقُ: هو القمحُ -أوِ الشَّعيرُ- يُحمَّصُ، ثمَّ يُطحَنُ، ثمَّ يُخلَطُ بتَمرٍ أو شِبهِه يُنظَر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/135)، ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (9/423)
  3. (3) السَّويقُ: هو القمحُ -أوِ الشَّعيرُ- يُحمَّصُ، ثمَّ يُطحَنُ، ثمَّ يُخلَطُ بتَمرٍ أو شِبهِه يُنظَر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/135)، ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (9/423)
  4. (4) ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/14)، ((الفتاوى الهندية)) (3/118).
  5. (5) ((فتح العزيز)) للرافعي (8/180)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/387).
  6. (6) ((الفروع)) لابن مفلح (6/303)، ((كشَّاف القناع)) للبُهُوتي (3/255).
  7. (7) ((منح الجليل)) لعُلَيش (5/23)، ويُنظَر: ((تهذيب الفروق)) لعلي بن حسين المالكي (3/270).
  8. (8) يُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21).
  9. (9) يُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21).
  10. (10) ((منح الجليل)) لعُلَيش (5/23)، ويُنظَر: ((تهذيب الفروق)) لعلي بن حسين المالكي (3/270).
  11. (11) ((الإنصاف)) للمرداوي (5/23)، ويُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21).
  12. (12) يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21).
  13. (13) قال ابنُ عُثيمين: (قولُه: «ولا يَجوزُ بَيعُ حَبٍّ بدَقيقِه» ولو تَساوَيا وَزنًا... وقال بعضُ العلماءِ: إنَّه إذا تَساوَيا في الوَزنِ فلا حرَجَ؛ لأنَّ تَساويَهما في الوزنِ يدُلُّ على تَساويهما في الكَيلِ حَبًّا... وهذا القولُ هو الصَّحيحُ؛ لأنَّ التَّماثُلَ حاصلٌ، والحاجةَ داعيةٌ إلى إبْدالِ هذا بهذا، أو يُحوَّلُ الدَّقيقُ إلى حَبٍّ، وذلك بالميزانِ) ((الشرح الممتع)) (8/414).
  14. (14) يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21).