الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالثُ: بَيعُ البُرِّ بالدَّقيقِ أوِ السَّويقِ مِن جِنسِه السَّويقُ: هو القمحُ -أوِ الشَّعيرُ- يُحمَّصُ، ثمَّ يُطحَنُ، ثمَّ يُخلَطُ بتَمرٍ أو شِبهِه يُنظَر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/135)، ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (9/423)


اختلَفَ العُلماءُ في حُكمِ بَيعِ البُرِّ بالدَّقيقِ أوِ السَّويقِ مِن جِنسِه على قَولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: لا يَجوزُ بَيعُ البُرِّ بالدَّقيقِ أوِ السَّويقِ مِن جِنسِه، ولو تَساوَيا وَزنًا، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّةِ ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/14)، ((الفتاوى الهندية)) (3/118). ، والشَّافعيَّةِ ((فتح العزيز)) للرافعي (8/180)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/387). ، والحَنابِلةِ ((الفروع)) لابن مفلح (6/303)، ((كشَّاف القناع)) للبُهُوتي (3/255). ، وقَولٌ للمالِكيَّةِ ((منح الجليل)) لعُلَيش (5/23)، ويُنظَر: ((تهذيب الفروق)) لعلي بن حسين المالكي (3/270).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ بَيعَ البُرِّ بالدَّقيقِ بَيعٌ للبُرِّ بجِنسِه مُتفاضِلًا، فحرُمَ؛ لأنَّ الطَّحنَ قدْ فرَّقَ أجْزاءَها، فيَحصُلُ في مِكْيالِ الدَّقيقِ دونَ ما يَحصُلُ في مِكْيالِ البُرِّ، وإنْ لم يَتحقَّقِ التَّفاضُلُ، فقدْ جُهِلَ التَّماثُلُ، والجَهلُ بالتَّماثُلِ كالعِلمِ بالتَّفاضُلِ فيما يُشترَطُ فيه التَّماثُلُ يُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21).
ثانيًا: أنَّ بَيعَ البُرِّ بالسَّويقِ بَيعٌ للبُرِّ بجنسِه مُتفاضِلًا، فحرُمَ؛ لأنَّ النَّارَ قدْ أخَذَتْ مِن أحَدِهما دونَ الآخَرِ، فلم يَتحقَّقِ التَّماثُلُ يُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21).
القولُ الثَّاني: يَجوزُ بَيعُ البُرِّ بالدَّقيقِ والسَّويقِ من جِنسِه مُتماثِلًا إذا تَساوَيا في الوَزنِ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ ((منح الجليل)) لعُلَيش (5/23)، ويُنظَر: ((تهذيب الفروق)) لعلي بن حسين المالكي (3/270). ، ورِوايةٌ عن أحمَدَ ((الإنصاف)) للمرداوي (5/23)، ويُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21). ، وهو قَولُ بعضِ السَّلفِ يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21). ، واخْتارَه ابنُ عُثَيمينَ قال ابنُ عُثيمين: (قولُه: «ولا يَجوزُ بَيعُ حَبٍّ بدَقيقِه» ولو تَساوَيا وَزنًا... وقال بعضُ العلماءِ: إنَّه إذا تَساوَيا في الوَزنِ فلا حرَجَ؛ لأنَّ تَساويَهما في الوزنِ يدُلُّ على تَساويهما في الكَيلِ حَبًّا... وهذا القولُ هو الصَّحيحُ؛ لأنَّ التَّماثُلَ حاصلٌ، والحاجةَ داعيةٌ إلى إبْدالِ هذا بهذا، أو يُحوَّلُ الدَّقيقُ إلى حَبٍّ، وذلك بالميزانِ) ((الشرح الممتع)) (8/414). ؛ وذلك لأنَّ الدَّقيقَ نفْسُ الحِنْطةِ، وإنَّما تَكسَّرَتْ أجْزاؤُها، فجازَ بَيعُ بعضِها ببَعضٍ، كالحِنطةِ المُكسَّرةِ بالصِّحاحِ يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/21).

انظر أيضا: