الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: بَيعُ الرِّبويِّ بغَيرِ جِنسِه معَ اتِّحادِ العلَّةِ نَسيئةً


لا يَجوزُ بَيعُ الرِّبويِّ برِبويٍّ مِن غيرِ جِنسِه معَ اتِّحادِ العلَّةِ مُؤجَّلًا، كبَيعِ الذَّهبِ بالفِضَّةِ مُؤجَّلًا، أو بَيعِ التَّمرِ بالحِنطةِ مُؤجَّلًا.
أوَّلًا: منَ السُّنَّةِ
عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((الذَّهبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثلًا بمِثلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اختلَفَتْ هذه الأصْنافُ، فبِيعوا كيف شِئْتُم، إذا كان يَدًا بيَدٍ))
ثانيًا: منَ الإجْماعِ
نقَلَ الإجْماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ ، وابنُ عبدِ البرِّ ، وابنُ قُدامةَ

انظر أيضا:

  1. (1) إذا بِيعَ الرِّبويُّ برِبويٍّ من غيرِ جِنسٍه، اشتُرِطَ فيه شرطٌ واحدٌ؛ وهو التَّقابُضُ قبْلَ التَّفرُّقِ، أمَّا التَّساوي فليس بشَرطٍ، ولهذا يَجوزُ بَيعُهما مُكايَلةً ومُوازَنةً وجِزافًا فإنِ اختَلَفا في المعيارِ الشَّرعيِّ -بأنْ كان أحَدُهما مَكيلًا، والآخَرُ مَوْزونًا- فيجوزُ كلُّ شَيءٍ: الكيلُ، والوزنُ، والجِزافُ، والحُلولُ، والتَّأجيلُ؛ كأنْ يَبيعَ جِرامًا من فِضَّةٍ بصاعَينِ منَ البُرِّ مُؤجَّلَينِ إلى شَهرٍ؛ لأنَّ مِعيارَ الفِضَّةِ الوزنُ، ومِعيارَ البُرِّ الكَيلُ وإذا بِيعَ رِبويٌّ بغيرِ رِبويٍّ، فيَجوزُ التَّفرُّقُ قبْلَ القبضِ، ويجوزُ التَّفاضُلُ، مثلُ أنْ يَبيعَ شَعيرًا بثيابٍ، أو ما أشبَهَ ذلك؛ فهذا يَجوزُ فيه التَّفرُّقُ قبْلَ القبضِ والتَّفاضُلُ يُنظَر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (8/404)
  2. (2) أمَّا إذا اختلَفَتْ فلا يَحرُمُ، كما سيأْتي.
  3. (3) أخرَجَه مسلمٌ (1587).
  4. (4) قال ابنُ حزمٍ: (اتَّفَقوا أنَّ بيعَ هذه الأصنافِ الأربعةِ [القمحِ، الشَّعيرِ، التَّمرِ، المِلحِ] بعضِها ببعضٍ بينَ المسلِمينَ نَسيئةً، وإنِ اختلَفَتْ أنْواعُها؛ حرامٌ، وأنَّ ذلك كلَّه ربًا) ((مراتب الإجماع)) (ص: 85).
  5. (5) قال ابنُ عبدِ البرِّ: (فاستَقرَّ الأمرُ عندَ العلماءِ على أنَّ الرِّبا في الازديادِ في الذَّهبِ بالذَّهبِ، وفي الوَرِقِ بالوَرِقِ، كما هو في النَّسيئةِ؛ سواءٌ في بَيعِ أحدِهما بالآخَرِ، وفي بَيعِ بعضِ كلِّ واحدٍ منهما ببعضٍ، وهذا أمرٌ مجتمَعٌ عليه، لا خِلافَ بينَ العلماءِ فيه، معَ تواتُرِ الآثارِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك) ((التمهيد)) (6/287).
  6. (6) قال ابنُ قُدامةَ: (كلُّ جِنسيَنِ يَجْري فيهما الرِّبا بعلَّةٍ واحدةٍ -كالمَكيلِ بالمَكيلِ، والمَوْزونِ بالمَوْزونِ، والمَطْعومِ بالمَطْعومِ، عندَ مَن يُعلِّلُ به- فإنَّه يحرُمُ بَيعُ أحدِهما بالآخَرِ نَساءً، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُهـ) ((المغني)) (4/9). وخالَفَ في ذلك إسماعيلُ ابنُ عُليَّةَ، ووصَفَه ابنُ عبدِ البرِّ بالشُّذوذِ فقال: (وحُرِّمَ فيه النَّساءُ، سواءٌ كان جِنسًا أو جِنسينِ، قال أبو عُمرَ: وهذا مُجتمَعٌ عليه عندَ العلماءِ: أنَّ الطَّعامَ بالطَّعامِ لا يجوزُ إلَّا يدًا بيَدٍ، مُدَّخَرًا كان أو غيرَ مُدَّخرٍ، إلَّا إسماعيلَ ابنَ عُليَّةَ؛ فإنَّه شذَّ، فأجازَ التفاضُلَ والنَّساءَ في الجِنسينِ إذا اختَلَفا منَ المَكيلِ ومنَ المَوْزونِ، قياسًا على إجماعِهم في إجازةِ بَيعِ الذَّهبِ أوِ الفِضَّةِ بالرَّصاصِ والنُّحاسِ، والحَديدِ والزَّعفَرانِ، والمِسكِ وسائرِ المَوْزوناتِ نَساءً، وأجازَ على هذا القياسِ -نصًّا في كُتبِه- بَيعَ البُرِّ بالشَّعيرِ، والشَّعيرِ بالتَّمرِ، والتَّمرِ بالأُرزِ، وسائرِ ما اختلَفَ اسمُه ونوعُه بما يُخالِفُه منَ المَكيلِ والمَوْزونِ، مُتفاضِلًا، نقدًا ونَسيئةً، سواءٌ كان مأْكولًا أو غيرَ مأْكولٍ، ولم يَجعَلِ الكيلَ والوَزنَ عِلَّةً، ولا الأكْلَ والاقْتياتَ... وليْس قولُه عندَهم ممَّا يُعَدُّ خلافًا، ولا يُعرَّجُ عليه؛ لثُبوتِ السُّنَّةِ بخلافِه مِن حديثِ عُبادةَ وغيرِهـ) ((التمهيد)) (6/295).