الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّاني: فضائلُ الأذانِ، والمفاضلةُ بَيْنَ الأذانِ والإمامةِ


الفَرْعُ الأوَّلُ: فضائلُ الأذانِ
للأذانِ فَضائلُ جليلةٌ، وفوائدُ عظيمةٌ، منها:
أوَّلًا: استحبابُ المنافسةِ فيه لشَرفِهِ وفضلِه
فعن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لو يَعلَمُ الناسُ ما في النِّداءِ والصفِّ الأوَّلِ، ثم لم يَجِدوا إلَّا أن يَستهِموا عليه، لاستَهَموا ))
ثانيًا: فِرارُ الشَّيطانِ من الأذانِ
فعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا نُودِيَ للصَّلاةِ أَدْبَرَ الشيطانُ وله ضُراطٌ؛ حتى لا يَسمَعَ التأْذينَ))
ثالثًا: المؤذِّنونَ أطولُ النَّاسِ أعناقًا يومَ القِيامةِ
فعَن مُعاويةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((المؤذِّنونَ أطولُ الناسِ أعناقًا يومَ القِيامَةِ ))
رابعًا: المؤذِّنُ يُغفَرُ له مدَى صوتِه، ويشْهَد له كلُّ رَطْبٍ ويابسٍ
فعن أبي هُريَرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((المؤذِّنُ يُغفَرُ له مدى صَوتِه ويَشهَدُ له كلُّ رَطبٍ ويابسٍ، وشاهِدُ الصَّلاةِ يُكتَبُ له خمسٌ وعِشرونَ صلاةً، ويُكَفَّرُ عنه ما بينهما ))
خامسًا: المؤذِّنُ يَشهَدُ له كلُّ مَن سمِعَ صوتَه من إنسٍ أو جِنٍّ
فعن عبدِ اللهِ بن عبد الرَّحمنِ بن أبي صَعْصعَةَ، أنَّ أبا سعيدٍ الخدريَّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال له: إنِّي أراك تحبُّ الغنمَ والباديةَ، فإذا كنتَ في غنمِكَ أو باديتِكَ، فأذَّنتَ للصَّلاةِ، فارفعْ صوتَك بالنِّداء؛ فإنَّه: ((لا يَسمَعُ مدَى صوتِ المؤذِّنِ جِنٌّ ولا إنسٌ، ولا شيءٌ، إلَّا شهِدَ له يومَ القِيامَةِ ))، قال أبو سعيد: سمعتُه من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
الفَرْعُ الثاني: المفاضلَةُ بين الأذانِ والإمامةِ
الأذانُ أفضلُ من الإمامةِ، وهو مذهبُ الشافعيَّة ، والحنابلة ، وقول للحنفيَّة وقولٌ للمالكيَّة ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة ، وابنِ عُثَيمين
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِن الكتابِ
قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ... [فصلت: 33]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الاستفهامَ هنا للإنكارِ والنَّفي؛ فمعنى قوله: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا...: لا أحَدَ أحسنُ قولًا ممَّن دعَا إلى اللهِ، وهم المؤذِّنُون على قول بعضِ المفسِّرين
ثانيًا: من السُّنَّة
وُرودُ أحاديثَ كثيرةٍ في فَضْلِ المؤذِّنينَ لم يرِدْ مِثلُها في فضلِ الإمامةِ، منها:
1- عن معاويةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((المؤذِّنونَ أطولُ الناسِ أعناقًا يومَ القِيامَةِ ))
2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((لا يَسمَعُ مدَى صوتِ المؤذِّنِ جِنٌّ ولا إنسٌ ولا شيءٌ إلَّا شهِدَ له يومَ القيامَة )) - سمعتُه من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
3- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا نُودِي للصَّلاةِ أدْبَرَ الشيطانُ له ضُراطٌ؛ حتى لا يسمعَ التأذينَ، فإذا قُضِيَ النِّداءَ أقْبَلَ، حتى إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ أدْبَر، حتى إذا قُضِيَ التثويبُ أقْبَل، حتى يَخطُرَ بين المرءِ ونفْسِه؛ يقول: اذكر كذا، واذكر كذا، لِمَا لم يكُن يَذكُر؛ حتى يظلَّ الرجلُ لا يَدْري كمْ صلَّى ))

انظر أيضا:

  1. (1) رواه البخاري (615)، ومسلم (437).
  2. (2) رواه البخاري (608) ومسلم (389).
  3. (3) رواه مسلم (387).
  4. (4) أخرجه أبو داود (515) واللفظ له، والنسائي (645)، وابن ماجه (724)، وأحمد (7611) باختلاف يسير بينهم صحح إسناده ابن كثير في ((الأحكام الكبير)) (1/145)، وحسن الحديث ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/312)، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (515)
  5. (5) رواه البخاري (3296).
  6. (6) ((المجموع)) للنووي (3/79)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/204).
  7. (7) ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/231)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/288).
  8. (8) ((حاشية ابن عابدين)) (1/551).
  9. (9) ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/70).
  10. (10) قال ابنُ تيميَّة: (وهو أفضلُ من الإمامةِ، وهو أصحُّ الرِّوايتينِ عن أحمد، واختيارُ أكثَرِ أصحابهـ). ((الفتاوى الكبرى)) (5/321).
  11. (11) قال ابنُ عُثَيمين: (اختَلَف العلماءُ أيُّها أفضلُ؛ الأذان، أم الإقامة، أم الإمامة؟ والصَّحيح: أنَّ الأفضل الأذان؛ لورودِ الأحاديث الدالَّة على فضلهـ). ((الشرح الممتع)) (2/41).
  12. (12) ((تفسير القرطبي)) (15/360).
  13. (13) رواه مسلم (387).
  14. (14) رواه البخاري (3296).
  15. (15) رواه البخاري (608)، ومسلم (389).