الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: كَونُ المَبيعِ مُباحَ الِانتِفاعِ به شَرعًا فلا يجوزُ بَيْعُ المحَرَّمِ: كالخَمرِ، والدُّخَانِ، وأشرِطةِ الفيديو المحرَّمةِ، وآلاتِ اللَّهْوِ المحرَّمِ، وغيرِها من المحَرَّماتِ


يُشْتَرطُ في المَبيعِ أن يكونَ مُباحَ الانتفاعِ به شَرْعًا، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ المالُ المُتَقَوِّمُ عِندَ الحَنفيَّةِ: هوَ ما يُباحُ الِانتِفاعَ به شَرعًا في حالِ السَّعةِ والِاختيارِ، وهوَ التَّقَوُّمُ الشَّرعيُّ.  والمالُ غَيرُ المُتَقوِّمِ: هوَ ما لا يُباحُ الِانتِفاعَ به في حالِ الِاختيارِ، كالخَمْرِ والخِنزيرِ، فهوَ مالٌ غَيرُ مُتَقَوِّمٍ بالنِّسبةِ لِلمُسلِمِ، وأمَّا في حَقِّ الذِّمِّيِّ، فهيَ مالٌ مُتَقَوِّمٌ؛ لِأنَّه لا يَعتَقِدُ حُرمَتَها، ويَتَمَوَّلُها. وقَد يُطلِقُ الحَنفيَّةَ غَيرَ مُتَقَوِّمٍ، ويَقصِدونَ به غَيرَ المُحرَزِ مِنَ المُباحاتِ، كالسَّمَكِ في الماءِ، والطَّيرِ في الهَواءِ، وهوَ التَّقَوُّمُ العُرفيُّ. ((العناية)) للبابرتي (6/405، 406)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/501)، و (5/60). ، والمالِكيَّةِ ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/258: 267)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (4/452، 453)، وينظر: ((شرح حدود ابن عرفة)) (ص 505). ، والشَّافِعيَّةِ ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/395)، ((حاشية الشرواني على تحفة المحتاج)) (4/237). ، والحَنابِلةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/347)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/195).
الأدِلَّةُ:
مِنَ السُّنَّةِ:
1 - عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لعنَ اللهُ اليَهودَ -ثَلاثًا- إنَّ اللهَ تعالى حَرَّمَ عليهمُ الشُّحومَ فباعوها وأكَلوا أثمانَها، وإنَّ اللهَ تعالى إذا حَرَّمَ على قَومٍ أكْلَ شيءٍ حَرَّمَ عليهم ثَمنَه )) أخرجه أبو داود (3488) واللَّفظُ له، وأحمد (2221) صَحَّح إسناده النووي في ((المجموع)) (9/229)، وابن القيم في ((زاد المعاد)) (5/661)، وابن الملقن في ((تحفة المحتاج)) (2/204)، وأحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (4/49)، وصَحَّح الحديث الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3488)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (656).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ تعالى إذا حَرَّمَ على قَومٍ أكْلَ شيءٍ حَرَّمَ عليهم ثَمنَه )) يَدُلُّ على أنَّ اللهَ تعالى إذا حَرَّمَ أكْلَ شَيءٍ ولَم يُبحِ الِانتِفاعَ به، حَرَّمَ ثَمنَه ((التمهيد)) لابن عبد البر (9/46).
2 - عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضِيَ الله عنهما أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ عامَ الفَتحِ وهو بمَكَّةَ: ((إنَّ اللهَ ورَسولَه حَرَّمَ بَيعَ الخَمرِ، والمَيْتةِ، والخِنزيرِ والأصنامِ، فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أرأيتَ شُحومَ المَيْتةِ، فإنَّها يُطلَى بها السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بها الجُلودُ، ويَستَصبِحُ بها النَّاسُ؟ فقال: لا، هو حَرامٌ، ثُمَّ قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عند ذلك: قاتَلَ اللهُ اليَهودَ؛ إنَّ اللهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحومَها جَمَلوه، ثُمَّ باعوه فأكَلوا ثَمَنَه )) أخرجه البخاري (2236) واللَّفظُ له، ومسلم (1581).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((هو حرامٌ )) يعودُ إلى البَيْعِ ((شرح مسلم)) للنووي (11/6)، ((فتح الباري)) لابن حجر (4/425). وينظر: ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/664).

انظر أيضا: