الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّالثُ: كونُ المَبِيعِ طاهِرًا


يُشتَرَطُ في صِحَّةِ البَيعِ كَونُ المَبيعِ طاهِرًا، فلا يَجوزُ بَيعُ نَجِسِ العَينِ كالمَيْتةِ والخِنْزيرِ. ورخَّص بعضُ العُلَماءِ في بَيعِ النجاسةِ التي تدعو إليها الحاجةُ، كالزِّبْلِ والعَذِرةِ لتسميدِ الزَّرعِ والنَّباتِ، وجِلْدِ الميتةِ إذا كان يَطْهُرُ بالدِّباغِ. ينظر: ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (5/58)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (3/10)، ((المحلى)) لابن جزم (7/524)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (8/114). ، وما لا يمكِنُ تطهيرُه من المتنَجِّسِ كالزَّيتِ المُختَلِطِ بالنَّجاسةِ. ، وهو مَذْهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ ((التاج والإكليل)) للمواق (4/258)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (4/452). ، والشَّافِعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (9/149)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص 94)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (2/197). ، والمشهورُ عند الحَنابِلةِ ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/352)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/156).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة: 3]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى حرَّم أكْلَ المَيْتةِ، وهي نَجِسةٌ، وإذا حَرُمَ ما مُعظَمُ مَنفَعَتِه الأكلُ، فإنَّه يَحرُمُ أكْلُ ثَمَنِه ((المنتقى)) للباجي (7/246).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضِيَ الله عنهما أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ عامَ الفَتحِ وهو بمَكَّةَ: ((إنَّ اللهَ ورَسولَه حَرَّمَ بَيعَ الخَمرِ، والمَيْتةِ، والخِنزيرِ والأصنامِ ، فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أرأيتَ شُحومَ المَيْتةِ، فإنَّها يُطلَى بها السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بها الجُلودُ، ويَستَصبِحُ بها النَّاسُ؟ فقال: لا، هو حَرامٌ، ثُمَّ قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عند ذلك: قاتَلَ اللهُ اليَهودَ؛ إنَّ اللهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحومَها جَمَلوه، ثُمَّ باعوه فأكَلوا ثَمَنَه )) أخرجه البخاري (2236) واللَّفظُ له، ومسلم (1581).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ ورَسولَه حَرَّمَ بَيعَ الخَمرِ، والمَيْتةِ، والخِنزيرِ والأصنامِ )) التَّصريحُ بالنَّهيِ عن بَيعِ الخَمرِ والمَيْتةِ والخِنزيرِ؛ وذلك لكَونِها نَجِسةً، ويَتعَدَّى ذلك النَّهيُ إلى كُلِّ نَجاسةٍ ((فتح الباري)) لابن حجر (4/425).
2 - عن أبي مَسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن ثَمَنِ الكَلبِ، ومَهْرِ البَغيِّ، وحُلوانِ الكاهِنِ )) [531] أخرجه البخاري (2237)، ومسلم (1567).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن بَيعِ الكَلبِ، والعِلَّةُ في تَحريمِ بَيعِه هيَ نَجاسَتُه ((فتح الباري)) لابن حجر (4/426).

انظر أيضا: