الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الأولُ: حُكمُ هِبةِ الدَّينِ


تَجوزُ هِبةُ الدَّينِ للمَدينِ.
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِنَ الكتابِ
قالَ تَعالى: وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء: 4]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى جوَّز هِبةَ المَرأةِ للمَهرِ -وهو دَينٌ-؛ فدلَّ على جَوازِ هِبةِ الدَّينِ كذلك
ثانيًا: مِن السُّنةِ
عن جابِرٍ رضِيَ اللهُ عنه: ((قُتِل أبي وعليه دَينٌ، فسَألَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غُرَماءَه أن يَقبَلوا ثَمَرَ حائِطي، ويُحلِّلوا أبي ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُفرِّقْ بيْنَ العَطيَّةِ لجابِرٍ رضِيَ اللهُ عنه وبيْنَ الإبراءِ، فلمْ يَشترِطْ قبْضًا فيها
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذرِ ، وابنُ حزمٍ ، وابنُ بطَّالٍ ، وابنُ المُلَقِّنِ ، والعَينيُّ

انظر أيضا:

  1. (1) الإبراءُ: هو هِبةُ الدَّينِ ممَّن عليه دَينٌ، بأن يُسقِطَه عنه يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (5/197)، ((عمدة القاري)) للعَيْني (13/125)
  2. (2) ((أحكام القرآن)) للجَصَّاص (2/352).
  3. (3) أخرجه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبلَ حديث (2601).
  4. (4) ((فتح الباري)) لابن حجر (5/224).
  5. (5) قال ابنُ المُنذرِ: (فأمَّا إذا وهَبَ الرجُلُ مالَه على الرجُلِ، وقَبِلَه منه، وأبْرَأَه، وقَبِلَ البراءةَ؛ فذلك جائزٌ، لا أعلَمُ فيه اختلافًا). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (7/85).
  6. (6) قال ابنُ حزْمٍ: (اتَّفَقوا أنَّ مَن كان له عندَ آخَرَ حقٌّ واجبٌ، معروفُ القَدْرِ، غيرُ مُشاعٍ، فأسْقَطَه عنه بلَفظِ الوضعِ والإبراءِ؛ أنَّ ذلك جائزٌ لازمٌ للواضعِ المبْرِئِ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 96).
  7. (7) قال ابن بطَّالٍ: (لا خِلافَ بيْنَ العلماءِ أنَّ مَن كان عليه دَينٌ لرجُلٍ، فوهَبَه له ربُّه، أو أبْرَأَه منه، وقَبِل البراءةَ؛ أنَّه لا يَحتاجُ فيه إلى قبْضٍ؛ لأنه مَقبوضٌ في ذِمَّتِهـ). ((شرح صحيح البخاري)) (7/119).
  8. (8) قال ابنُ الملقِّنِ: (لا خِلافَ بيْنَ العلماءِ أنَّ مَن كان عليه دَينٌ لرجُلٍ، فوهَبَه له ربُّه، أو أبْرَأَه منه، وقَبِلَ البراءةَ؛ أنَّه لا يَحتاجُ فيه إلى قبْضٍ؛ لأنَّه مَقبوضٌ في ذِمَّتِهـ). ((التوضيح لشرح الجامع الصحيح)) (16/368).
  9. (9) قال العَينيُّ: (وهَبَ الحسنُ بنُ علِيٍّ لرجُلٍ دَينَه... قوله: «لرجُلٍ دَينَه»، أي: دَينَه الذي عليه، وهذا لا خِلافَ فيه؛ لأنَّه في نفْسِ الأمرِ إبراءٌ). ((عمدة القاري)) (13/160).