الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: عَقدُ يَمينٍ واحدةٍ على أمورٍ مُختَلِفةٍ، والحِنْثُ في واحدٍ منها [829] كقَولِه: واللهِ لا كَلَّمتُ زيدًا ولا خالِدًا، ولا دخَلْتُ دارَ عبدِ الله


اختلَف العُلَماءُ في مَن حلَفَ على أمورٍ مُختَلِفةٍ يمينًا واحدةً: هل يَحنَثُ بفِعلِ واحدٍ منها، أم لا يَحنَثُ حتى يَفعَلَ جَميعَ ما حَلَف عليه؟ على قولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: إذا كانت اليَمينُ واحِدةً وحَلَف على أمورٍ مُختَلِفةٍ، فإنْ حَنِثَ في واحدٍ منها، فعليه كفَّارةٌ واحِدةٌ، وانحَلَّ باقي المحلوفِ عليه، وهذا مَذهَبُ المالِكيَّةِ [830] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (3/277)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/35). ، والحَنابِلةِ [831] ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/339)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/244). ؛ وذلك قياسًا على قَولِه: واللهِ لا أفعَلُ هذه الأشياءَ [832] ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/136).
القَولُ الثَّاني: إذا كانت اليَمينُ واحِدةً وحَلَف على أمورٍ مُختَلِفةٍ، فحَنِثَ في واحدٍ منها، فهي يمينٌ واحِدةٌ، ولا يَحنَثُ إنْ أتَى واحِدًا منها حتى يأتيَ بها جميعًا، وهذا مَذهَبُ الشافعيَّةِ [833] ((روضة الطالبين)) للنووي (8/237)، ((تحفة المحتاج للهيتمي وحواشي الشرواني والعبادي)) (10/19). ، وهو قَولٌ عندَ المالِكيَّةِ [834] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/447). ، وبه قال ابنُ حَزمٍ [835] قال ابنُ حزم: (إنْ حَلَف يمينًا واحدةً على أشياءَ كثيرةٍ، كمن قال: واللهِ لا كَلَّمتُ زيدًا ولا خالدًا، ولا دخلْتُ دارَ عبدِ الله، ولا أعطيتُك شَيئًا؛ فهي يمينٌ واحِدةٌ، ولا يَحنَثُ بفِعلِه شَيئًا مِمَّا حَلَف عليه ولا تَجِبُ عليه كفَّارةٌ حتى يَفعَلَ كُلَّ ما حَلَف عليه). ((المحلى)) (6/311). ؛ وذلك لأنَّ اليَمينَ واحِدةٌ لا تَتجَزَّأُ، فلا يَحنَثُ إلَّا بفِعلِها جميعًا [836] ((المحلى)) لابن حزم (6/312).

انظر أيضا: