الموسوعة الفقهية

المطْلبُ الثَّاني: مِن شُروطِ الحِنْثِ الاختِيارُ


يُشتَرَطُ في الحِنْثِ الاختيارُ؛ فلا يَقَعُ حِنْثُ المُكْرَهِ [538] قال ابنُ القيِّم: (أن يَفعَلَ المحلوفَ عليه ذاهِلًا أو ناسيًا، أو مُخطِئًا أو جاهِلًا، أو مُكرَهًا أو مُتأوِّلًا، أو مُعتَقِدًا أنَّه لا يَحنَثُ به تقليدًا لِمن أفتاه بذلك، أو مغلوبًا على عَقلِه، أو ظنًّا منه أنَّ امرأته طَلَقَت فيَفعَلُ المحلوفَ عليه بِناءً على أنَّ المرأةَ أجنبيَّةٌ؛ فلا يؤثِّرُ فِعلُ المحلوفِ عليه في طلاقِها شَيئًا). ((إعلام الموقعين)) (3/106). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ على تفْصيلٍ عندهم [539] المالِكيَّةُ لهم تفصيلٌ وتفريقٌ بين يمينِ الحِنْثِ ويمينِ البِرِّ؛ فيَقَعُ الحِنْثُ بالإكراهِ في يمينِ الحِنْثِ، ولا يقَعُ في يمينِ البِرِّ، لكِنْ بشُروطٍ. يُنظر: ((شرح الزُّرقاني على مختصر خليل)) (3/106)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/134). ، والشَّافِعيَّةِ -في الأظهَرِ- [540] ((روضة الطالبين)) للنووي (11/78). ، والحَنابِلةِ [541] ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/334)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/237).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
1- قال الله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ [المائدة: 89]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المُكرَهَ غَيرُ قاصِدٍ للحَلِفِ؛ فلا حِنْثَ عليه؛ إذ لم يتعَمَّدْه بقَلبِه [542] ((المحلى)) لابن حزم (6/287).
2- قال تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ [النحل: 106]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ سُبحانَه قد رَفَع الخِطابَ على مَن تكَلَّمَ بكَلِمةِ الكُفرِ مُكرَهًا، وأيضَا خِطابُ المُكْرَهِ بيَمينِه التي أُكرِهَ عليها هو مِن تَكليفِ ما لا يُطيقُه العَبدُ، وقد رَفَعَه اللهُ عن عِبادِه [543] ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 683).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ اللهَ وَضَع عن أمَّتي الخَطَأَ، والنِّسيانَ، وما استُكرِهوا عليه )) [544] تقدَّم تخريجُه (ص: 102).

انظر أيضا: