الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الثَّانيةُ: أن يتَّصِلَ الاستِثناءُ باليَمينِ في صيغةِ اليَمينِ


يُشتَرَطُ أن يتَّصِلَ الاستِثناءُ باليَمينِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ : الحَنفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قولُ الله تعالى في قِصَّةِ أيُّوبَ: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ [ص: 44]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لو جاز الاستِثناءُ غيرَ مَوصولٍ بالكلامِ، لأمَرَه بالاستِثناء: فلا يَحنَثُ
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا عبدَ الرَّحمنِ بنَ سَمُرةَ، لا تَسألِ الإمارةَ... وإذا حلَفْتَ على يمينٍ، فرأَيتَ غَيرَها خيرًا منها، فكَفِّرْ عن يمينِك وَأْتِ الذي هو خيرٌ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لو جاز الاستِثناءُ غيرَ مَوصولٍ باللَّفظِ، لأمَرَه بالاستِثناءِ، وإتيانِ الذي هو خيرٌ
2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن حَلَف فاستَثنى، فإنْ شاء رَجَع، وإنْ شاء تَرَكَ غيرَ حَنِثٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه عَقَّب بالفاءِ في قَولِه: ((فاستَثنى))، وهذا يَقتَضي كَوْنَه عَقِيبَه
ثالثًا: أنَّ الاستِثناءَ مِن تمامِ الكلامِ، فاعتُبِرَ اتِّصالُه، كالشَّرطِ وجوابِه، وخَبَرِ المبتدأِ
رابِعًا: أنَّ الحالِفَ إذا سكَتَ ثَبَت حُكمُ يَمينِه، وانعَقَدت مُوجِبةً لحُكمِها، وبعد ثُبوتِه لا يُمكِنُ دَفعُه ولا تَغييرُه
خامِسًا: أنَّ جوازَ الاستِثناءِ مُنفَصِلًا يُفضي إلى إخراجِ العُقودِ كُلِّها -مِن البُيوعِ والأنكِحةِ وغَيرِهما- مِن أن تكونَ مُلزِمةً، وفي ذلك من الفَسادِ ما لا يَخفى

انظر أيضا:

  1. (1) قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمعوا أنَّ الاستِثناءَ إن كان في نَسَقِ الكلامِ دونَ انقِطاعٍ بَيِّنٍ في اليمينِ باللهِ: أنَّه جائزٌ، واختلفوا فيه إذا كان بعد سكوتٍ وطُولٍ). ((التمهيد)) (14/374).
  2. (2) ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/115، 116)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/742).
  3. (3) ((الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي)) (2/129 ،130). ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (2/207).
  4. (4) ((روضة الطالبين)) للنووي (11/4). ويُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (3/20)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (4/241).
  5. (5) ((الفروع)) لابن مفلح (10/447)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/238).
  6. (6) ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (7/423).
  7. (7) أخرجه البخاري (7146)، ومسلم (1652).
  8. (8) ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (7/423).
  9. (9) أخرجه أبو داود (3262) واللَّفظُ له، والنسائي (3793)، وابن ماجه (2105)، وأحمد (4510). صححه ابن حِبَّان في ((الصحيح)) (4342)، وقال البيهقي في ((السنن الكبرى)) (10/46): رُوِيَ مرفوعًا، وشَكَّك في رَفعِه. وقال ابنُ حجر في ((التلخيص الحبير)) (4/1531): رُوِيَ موقوفًا، وله متابعةٌ على رَفعِه. وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (7/115)، وصحَّحَ الحديثَ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3262).
  10. (10) ((المغني)) لابن قدامة (9/522).
  11. (11) (المغني)) لابن قدامة (9/522)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/238).
  12. (12) (المغني)) لابن قدامة (9/522).
  13. (13) ((العناية)) للبابرْتي (5/94).