الموسوعة الفقهية

المطلب السَّادس: تخليل الشَّعر


يُسنُّ في الغُسل تخليلُ الشَّعرِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة والشَّافعيَّة ، والحنابلة ، واختاره ابنُ حَزمٍ
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا اغتَسل من الجَنابة بدأ فغَسل يديه، ثمَّ يتوضَّأ كما يتوضَّأ للصَّلاة، ثم يُدخِلُ أصابَعه في الماء، فيُخلِّلُ بها أصولَ شَعْرِه ، ثمَّ يصبُّ على رأسه ثلاثَ غُرَف بيديه، ثمَّ يُفيضُ الماءَ على جِلدِه كلِّه ))
فرع: حكمُ نَقضِ الضَّفائِرِ في غُسلِ الجنابة أو الحَيضِ
المسألة الأولى: حكمُ نَقضِ الضَّفائِرِ في غُسلِ الجنابة
لا يجِبُ على المرأةِ نَقض ضفائِرِها في غُسلِ الجنابةِ، وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحنابلة
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن أمِّ سَلمةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قلت: ((يا رسولَ الله، إنِّي امرأةٌ أشدُّ ضَفْرَ رأسي فأنقضُه لغُسلِ الجَنابةِ؟ قال: لا، إنَّما يكفيك أن تَحثِي على رأسِك ثلاثَ حَثَيات، ثمَّ تُفيضين عليك الماءَ فتَطهُرينَ ))
2-عن عُبيد بن عُمير قال: ((بلَغ عائشةَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عَمرٍو يأمُر النِّساءَ إذا اغتسلْنَ أن ينقضُنَ رؤوسهنَّ! فقالت: يا عجبًا لابن عمرٍو هذا! يأمُرُ النِّساءَ إذا اغتسلْنَ أن ينقُضنَ رؤوسَهنَّ، أفلا يأمُرُهنَّ أن يحلقْنَ رؤوسهنَّ! لقد كنتُ أغتسِلُ أنا ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من إناءٍ واحدٍ، ولا أَزيد على أن أُفرِغَ على رأسي ثلاثَ إفراغاتٍ ))

المسألة الثانية: حكمُ نَقضِ الضَّفائِرِ في غُسلِ الحَيضِ
لا يجِبُ على المرأةِ نَقضَ ضفائِرِها في غُسلِ الحَيضِ؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن عُبيد بن عُمير قال: ((بلَغ عائشةَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عَمرٍو يأمُر النِّساءَ إذا اغتسلْنَ أن ينقضُنَ رؤوسهنَّ! فقالت: يا عجبًا لابن عمرٍو هذا! يأمُرُ النِّساءَ إذا اغتسلْنَ أن ينقُضنَ رؤوسَهنَّ، أفلا يأمُرُهنَّ أن يحلقْنَ رؤوسهنَّ! لقد كنتُ أغتسِلُ أنا ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من إناءٍ واحدٍ، ولا أَزيد على أن أُفرِغَ على رأسي ثلاثَ إفراغاتٍ ))
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ أسماءَ بنت شَكَل سألت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن غُسلِ المحيضِ؟ فقال: ((تأخُذ إحداكنَّ ماءَها وسِدرَتَها، فتَطَهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهورَ، ثمَّ تصبُّ على رأسِها فتَدلُكُه دلكًا شديدًا، حتى تبلغَ شؤونَ رأسِها، ثمَّ تصبُّ عليها الماءَ، ثمَّ تأخُذ فِرْصةً مُمسَّكةً فتطَهَّرُ بها. فقالت أسماء: وكيف تطهَّر بها؟ فقال: سبحانَ الله! تطَهَّرينَ بها، فقالت عائشة: كأنَّها تُخِفي ذلك: تَتَّبَعينَ أثَرَ الدَّمِ، وسألَتْه عن غُسلِ الجنابة، فقال: تأخُذُ ماءً فتطَهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهورَ- أو تبلُغ الطُّهورَ- ثم تصبُّ على رأسهِا فتَدلُكُه حتى تبلُغَ شؤونَ رأسها، ثمَّ تُفيضُ عليها الماءَ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّه لو كان النَّقضُ واجبًا لذَكَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ الموضِعَ موضعُ بيانٍ

انظر أيضا:

  1. (1) ((حاشية ابن عابدين)) (1/156)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34)، ((شرح فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/59).
  2. (2) ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/173)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) (ص23).
  3. (3) ((روضة الطالبين)) للنووي (1/89)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/221).
  4. (4) ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/152)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/160)، ((الشرح الكبير)) شمس الدين ابن قدامة (1/213).
  5. (5) قال ابن حزم: (أمَّا غُسل الجَنابة فيُختار دون أنْ يجب ذلك فرضًا أن.... يُخلِّل أصول شعره، حتى يوقنَ أنَّه قد بلَّ الجِلد). ((المحلى)) (1/275).
  6. (6) قال ابن رجب: (هذه سُنَّة عظيمة من سُنن غَسل الجنابة، ثابتة عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم ينتبه لها أكثرُ الفقهاء، مع توسُّعهم للقول في سُنن الغُسلِ وآدابِهـ). ((فتح الباري)) (1/312).
  7. (7) رواه البخاري (248) واللفظ له، ومسلم (316).
  8. (8) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/14 )، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 45)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/58).
  9. (9) ((حاشية الدسوقي)) (1/134)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/212)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/313).
  10. (10) ((المجموع)) للنووي (2/187،186)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/56)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/225).
  11. (11) ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/86)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/154)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/166).
  12. (12) رواه مسلم (330).
  13. (13) رواه مسلم (331).
  14. (14) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/14 )، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 45)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/58).
  15. (15) ((حاشية الدسوقي)) (1/134)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/212)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/313).
  16. (16) ((المجموع)) للنووي (2/186)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/56)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/225).
  17. (17) رواه مسلم (331).
  18. (18) رواه البخاري (314)، ومسلم (332) واللفظ له.
  19. (19) ((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/19).