الموسوعة الفقهية

المطلب الخامس: الحثو على الرَّأس ثلاثًا


يُستحبُّ أن يحثُوَ على رأسِه ثلاثًا في الغُسلِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحنابلة ، واختاره ابنُ حَزمٍ
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أدنيتُ لرسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غُسلَه من الجَنابة، فغسَلَ كفَّيه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ أدخَلَ يدَه في الإناءِ، ثمَّ أفرغ على فرْجِه وغَسَله بشِمالِه، ثمَّ ضرب بشِمالِه الأرض فدلَكها دلكًا شديدًا، ثمَّ توضَّأ وضوءَه للصَّلاة، ثم َّأفرغ على رأسِه ثلاثَ حَفَنات مِلءَ كفِّه، ثمَّ غَسلَ سائِرَ جَسدِه ))
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها في صِفة غُسل النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثمَّ يأخُذُ الماء فيُدخِلُ أصابعَه في أصول الشَّعرِ حتَّى إذا رأى أنْ قدِ استبرَأَ حفَن على رأسِه ثَلاثَ حَفَناتٍ ))
3- عن جُبير بن مُطعِم رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أمَّا أنا فأُفِيضُ على رأسي ثلاثًا، وأشارَ بيديه كِلتَيهما ))
4- عن جابرِ بنِ عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُفرِغُ على رأسِه ثلاثًا))
فرعٌ: تثليث إفاضةِ الماءِ على سائِرِ الجَسَدِ
لا يُستحبُّ التَّثليثُ في إفاضةِ الماءِ على سائرِ الجَسد عدَا الرَّأس ؛ وهو المشهورُ مِن مذهب المالكيَّة ، وروايةٌ عن أحمد ، واختاره الخِرقيُّ ، وابنُ تيميَّة ، والزَّركشيُّ ، وابنُ رجب ، والسَّعديُّ وابنُ باز
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأ بالمُدِّ، ويَغتسِلُ بالصَّاعِ إلى خمسةِ أمدادٍ ))
وجه الدَّلالة:
 أنَّه لو كانت السُّنة في الغُسلِ غَسْلَ البدنِ ثلاثَ مرَّات؛ لمَا كفَى في ذلك الصَّاعُ
2- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((وضعتُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ماءً للغُسلِ، فغَسَل يديه مرَّتين- أو ثلاثًا- ثمَّ أفرغَ على شِماله فغسَلَ مذاكيرَه، ثم مسَحَ يدَه بالأرضِ، ثمَّ مضمَضَ واستنشَقَ وغسَلَ وجهَه ويديه، ثمَّ أفاض على جسدِه، ثمَّ تحوَّل مِن مكانِه، فغسَلَ قَدَميه ))
وجه الدَّلالة:
 أنَّ ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها روت صِفةَ غُسل النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم تذكُرْ في غَسلِ شيءٍ من أعضائِه عددًا؛ إلَّا في غَسلِ يديه في ابتداءِ الغُسلِ- مع شكِّ الرَّاوي: هل كانَ غَسَلَهما مرَّتين أو ثلاثًا؟- وأطلَقَت الغَسلَ في الباقي
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا اغتسل من الجَنابة بدأ فغَسلَ يديه، ثمَّ يتوضَّأ كما يتوضَّأ للصَّلاةِ، ثمَّ يُدخِلُ أصابعَه في الماء، فيُخلِّل بها أصولَ شَعْره، ثمَّ يصبُّ على رأسِه ثلاثَ غُرَفٍ بيدَيه، ثمَّ يُفيض الماءَ على جِلدِه كلِّه ))
وجه الدَّلالة:
 أنَّ عائشة رَضِيَ اللهُ عنها ذكرَت أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كان يصبُّ على رأسِه ثلاثَ حَثَياتٍ، ولم تذكُر في غَسل شيءٍ من أعضائِه الأخرى عَددًا.

انظر أيضا:

  1. (1) ((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (1/14)، ((العناية شرح الهداية)) (1/58).
  2. (2) ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/137)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/406).
  3. (3) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/220)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/227).
  4. (4) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/213)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/152).
  5. (5) قال ابن حزم: (يُفيضُ الماءَ على رأسِه ثلاثًا بِيَدهـ). ((المحلى)) (1/275).
  6. (6) رواه البخاري (259)، ومسلم (317) واللفظ له.
  7. (7) رواه البخاري (272)، ومسلم (316) واللفظ له.
  8. (8) رواه البخاري (254) واللفظ له، ومسلم (327).
  9. (9) رواه البخاري (255) واللفظ له، ومسلم (329).
  10. (10) وممَّا ينبغي للمُغتسل مراعاتُه: الاقتصادُ في ماء الغُسلِ. وقد نقَل بعضُ أهلِ العِلم الإجماعَ على النَّهي عن الإسرافِ في الماء؛ قال النووي: (أجمَعَ العُلَماءُ على النَّهيِ عن الإسرافِ في الماء، ولو كان على شاطئِ البَحر). ((شرح النووي على مسلم)) (4/2).
  11. (11) ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/330)، ((الشرح الكبير)) للدردير (1/306-307).
  12. (12) ((الإنصاف)) للماوردي (1/185)، وينظر: ((فتح الباري)) لابن رجب (1/267).
  13. (13) ((فتح الباري)) لابن رجب (1/267).
  14. (14) قال ابن تيميَّة: (إنَّ مَن نقل غُسلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، كعائشةَ وميمونةَ، لم ينقُل أنَّه غسَل بدَنَه كلَّه ثلاثًا، بل ذكَر أنَّه بعد الوُضوءِ وتخليلِ أصولِ الشَّعرِ حثَا حَثيةً على شِقِّ رأسِه، وأنَّه أفاضَ الماءَ بعد ذلك على سائِرِ بدنهـ). ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (20/369-370).
  15. (15) قال الزَّركشيُّ: (هو ظاهر الأحاديث). ((الإنصاف)) للمرداوي (1/185).
  16. (16) قال ابن رجب: (ظاهر هذه الأحاديث يدلُّ على أنَّ النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اكتفى بإفاضةِ الماء على جسَدِه من غير ذلك). ((فتح الباري)) (1/268).
  17. (17) قال السعديُّ: (لهذا شُرع في هذا النَّوع: العددُ، والتَّثليثُ في الوضوء وفي الغُسلِِ كلِّه؛ على المذهب، وعلى الصَّحيح: لا يُشرَعُ إلَّا تثليثُ إفاضةِ الماء على الرَّأس). ((إرشاد أولي البصائر والألباب لنيل الفقه بأيسر الطرق والأسباب)) (ص: 17).
  18. (18) قال ابن باز: (لا يعمُّ بدَنَه غَسلًا، ثلاثًا؛ لا دليلَ عليه، وخلافُ ظاهِرِ النُّصوص). ((اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية وآراؤه في قضايا معاصرة- منقول من شرح الروض المربع)) لخالد آل حامد (1/248).
  19. (19) رواه البخاري (201)، ومسلم (325) واللفظ له.
  20. (20) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (20/370).
  21. (21) رواه البخاري (257) واللفظ له، ومسلم (317).
  22. (22) ((فنح الباري)) لابن رجب (1/264).
  23. (23) رواه البخاري (248) واللفظ له، ومسلم (316).