الموسوعة الفقهية

المطلب الرَّابعُ: الإكراهُ على شُربِ الخَمرِ


يُباحُ للمُكرَهِ شُربُ الخَمرِ [50] على اختلاف بين العلماء في حَدِّ الإكراه الذي يجوز معه فِعلُ ذلك. ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة [51] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (8/442)، ((الهداية)) للمرغيناني (3/277)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/181)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/176). ، والمالِكيَّة [52] ((منح الجليل)) لعليش (9/353)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (8/109). ، والشَّافِعيَّة [53] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (9/168)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/187). ، والحَنابِلةِ [54] ((المبدع)) لابن مفلح (9/91)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/117).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
1- قَولُه تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الاستثناءَ مِن التَّحريمِ إباحةٌ، وقد تحقَّقَ الاضطرارُ بالإكراهِ، فيُباحُ له التناوُلُ، بل لا يُباحُ له الامتِناعُ عنه، ولو امتنع عنه حتى قُتِلَ، يؤاخَذُ به، كما في حالةِ المَخمَصةِ؛ لأنَّه بالامتِناعِ عنه صار مُلقِيًا نفسَه في التَّهلُكةِ [55] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/176).
2- قَولُه تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة: 173]
3- قَولُه تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة: 3]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المُكَرَه مُضطَرٌّ، وهذه الآياتُ نَصٌّ في أنَّ المُضطَّرَ لا يَحرُمُ عليه شيءٌ مِمَّا اضطُرَّ إليه مِن طعامٍ أو شَرابٍ [56] ((المحلى)) لابن حزم (12/376).
ثانيًا: أنَّ المُكرَهَ غَيرُ مُكَلَّفٍ، كالمجنونِ؛ فلا يتعَلَّقُ بفِعلِه جوازٌ ولا غيرُه مِنَ الأحكامِ التَّكليفيَّةِ [57] ((منح الجليل)) لعليش (9/353).

انظر أيضا: