المبحث الأول: طُرُقُ إثباتِ دُخولِ شَهرِ رمضان
المطلب الأول: رؤيةُ الهِلالِ الفرع الأول: طلَبُ رؤيةِ الهِلالِتَرائِي الهلالِ ليلةَ الثلاثينَ مِن شعبان، فرضٌ على الكفايةِ؛ نصَّ على ذلك الحنفيَّة
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ1- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((صُومُوا لِرُؤيَتِه، وأفطِرُوا لِرُؤيَتِه، فإنْ غُبِّيَ عليكم فأكمِلُوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثينَ ))
2- عن
عائشة رَضِيَ اللهُ عنها أنها قالت:
((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتحَفَّظُ مِن شعبانَ ما لا يتحَفَّظُ مِن غَيرِه، ثم يصومُ لرؤيةِ رَمَضانَ؛ فإن غُمَّ عليه عَدَّ ثلاثينَ يومًا ثم صام ))
ثانيًا: من الآثار قد حرَصَ أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حياتِه وبعد وفاتِه على رؤيةِ هِلالِ رَمَضانَ فكانوا يتراءَونَه
:
1- فعن
ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال:
((تراءى النَّاسُ الهلالَ، فأخبَرْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي رأيتُه، فصامه، وأمَرَ النَّاسَ بِصِيامِه ))
2- وعن
أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال:
((كنَّا مع عُمَرَ بينَ مَكَّةَ والمدينةِ، فتراءَيْنا الهلالَ، وكنتُ رجلًا حديدَ البَصَرِ، فرأيتُه وليس أحدٌ يزعُمُ أنَّه رآه غيرِي- قال- فجعَلْتُ أقولُ لعُمَرَ: أمَا تراه؟ فجعل لا يراهُ- قال- يقولُ عُمَرُ: سأراه وأنا مُستلقٍ على فراشِي ))
الفرع الثاني: ثبوتُ رؤيةِ الهِلالِيجبُ صيامُ رمضانَ إذا رأى النَّاسُ الهِلالَ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِعن
ابن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال:
((تَراءَى النَّاسُ الهلالَ، فأخبَرْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي رأيتُه، فصامَه، وأمَرَ النَّاسَ بصيامِه ))
ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ حزمٍ
، و
ابنُ قُدامة
، والزركشيُّ
الفرع الثالث: العدَدُ المُعتبَرُ في الرؤيةِيكفي في ثبوتِ دُخولِ رَمَضانَ شَهادةُ عدلٍ واحدٍ، وهو مذهَبُ الشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، وطائفةٍ من السَّلَفِ
، وهو اختيارُ
ابنِ بازٍ
، و
ابنِ عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِعن
ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال:
((تراءَى النَّاسُ الهلالَ، فأخبَرْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي رأيتُه، فصامَه، وأمَرَ النَّاسَ بِصِيامِه ))
ثانيًا: قياسًا على الأذانِ، فالنَّاسُ يُفطرونَ بأذانِ الواحِدِ، ويُمسكونَ بأذانِ الواحِدِ، كما قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّ بلالًا يُؤَذِّنُ بليلٍ، فكُلُوا واشرَبُوا حتى يؤذِّنَ ابنُ أمِّ مكتومٍ ))
الفرع الرابع: من رأى الهلالَ وَحْدَهمن رأى هلالَ رَمَضانَ وَحْدَه، ولم يَشهَدْ برؤيَتِه، أو شَهِدَ ولم تُقبَلْ شهادته
، فقد اختلَفَ أهلُ العِلمِ في صيامِه، على قولين:
القول الأول: يصومُ بناءً على رُؤيَتِه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، وهو قَولُ الظَّاهريَّةِ
، وعليه أكثَرُ أهلِ العِلمِ
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتابعمومُ قَولِه تعالى:
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185] ثانيًا: مِن السُّنَّةِعمومُ حَديثِ أبى هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((إذا رأيتُمُ الهِلالَ فصُومُوا.. ))
وجهُ الدَّلالةِ:أنَّه قد أمَرَ بالصِّيامِ عند رؤيةِ الهِلالِ، ومَن رآه لِوَحدِه داخلٌ في عمومِ الأمرِ بذلك
ثالثًا: لأنَّ يقينَ نَفْسِه أبلَغُ من الظَّنِّ الحاصِلِ بالبيِّنةِ
القول الثاني: يصومُ مع النَّاسِ، إذا صامُوا، ولا يَبني على رُؤيَتِه، وهذا قولٌ لبَعضِ السَّلَفِ
، وروايةٌ عن
أحمَدَ
، واختيارُ
ابنِ تيمِيَّةَ
، و
ابنِ باز
الدَّليل منَ السُّنَّة:عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((الصَّومُ يَومَ تَصومونَ، والفِطرُ يومَ تُفطِرونَ، والأضحى يومَ تُضَحُّونَ ))
ثانيًا: لأنَّ الهِلالَ هو ما هَلَّ واشتَهَرَ بينَ النَّاسِ، لا ما رُئِيَ
وجه الدلالة:أن المُعتَبَر في الصِّيامِ أو الإفطارِ هو الذي يثبُتُ عند النَّاسِ، والشَّاهِدُ الواحِدُ إذا رأى الهِلالَ ولم يحكُمِ القاضي بشهادَتِه، لا يكون هذا صَوْمًا له، كما لم يكُنْ للنَّاسِ
الفرع الخامس: اتِّفاقُ المَطالِعِ واختلافُهاإذا رأى أهلُ بلدٍ الهلالَ؛ فقد اختلف أهلُ العِلمِ في وجوبِ الصِّيامِ على بقيَّةِ أهلِ البِلادِ الأخرى بناءً على رؤيةِ هذا البَلَدِ، على أقوالٍ؛ أقواها قولان:
القول الأول: إذا رأى أهلُ بلدٍ الهلالَ، فإنَّه يجِبُ الصَّومُ على الجميعِ مطلقًا، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتابعمومُ قَولِه تعالى:
فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185] وجهُ الدلالة:أنَّ الخِطابَ يَشمَلُ جميعَ الأمَّةِ، فإذا ثبَتَ دُخولُ الشَّهرِ في بلدٍ، وجَبَ على الجميعِ صومُه
ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((صُومُوا لِرُؤيَتِهـ))
وجه الدلالة:أن الحديثَ قد أوجَبَ الصَّومَ بِمُطلَقِ الرؤيةِ لجميعِ المُسلمين، دون تحديدِ ذلك بمكانٍ مُعَيَّنٍ
القول الثاني: إذا رأى أهلُ بلدٍ الهلالَ، فإنَّه لا يجِبُ الصَّومُ على الجميعِ مع اختلافِ المطالِعِ، وإنَّما يجِبُ على من رآه أو كان في حُكمِهم، وهو الصَّحيحُ مِن مَذهَبِ الشَّافِعيَّة
، وهو قَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
، واختاره
الصنعاني
، و
ابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتابعمومُ قَولِه تعالى:
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185] وجه الدلالة:أنَّ الَّذينَ لا يُوافِقونَ في المطالِعِ مَن شاهَدَه، لا يُقال إنَّهم شاهَدُوه حقيقةً ولا حكمًا، واللهُ تعالى أوجَبَ الصَّومَ على مَن شاهَدَه
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((صُومُوا لِرُؤيَتِه، وأفطِرُوا لِرُؤيَتِهـ))
وجه الدلالة:أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَّلَ الأمرَ في الصَّومِ بالرؤيةِ، ومن يخالِفُ مَن رآه في المطالِعِ، لا يقالُ إنَّه رآه لا حقيقةً ولا حُكمًا
2- عن كُريبٍ
((أنَّ أمَّ الفَضلِ بنتَ الحارِثِ بعَثَتْه إلى مُعاويةَ بالشَّامِ، قال: فقَدِمْتُ الشَّامَ فقَضَيتُ حاجَتَها، واستهَلَّ عليَّ رمضانُ وأنا بالشَّامِ، فرأيتُ الهِلالَ ليلةَ الجُمُعةِ، ثم قَدِمْتُ المدينةَ في آخِرِ الشَّهرِ، فسألني عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، ثم ذَكَرَ الهِلالَ، فقال: متى رأيتُمُ الهلالَ؟ فقلت: رأيناه ليلةَ الجُمُعةِ. فقال: أنتَ رأيتَه؟ فقلت: نعم، ورآه النَّاسُ وصاموا وصامَ مُعاويةُ. فقال: لَكِنَّا رأيناه ليلةَ السَّبتِ، فلا نزال نصومُ حتى نُكمِلَ ثلاثينَ أو نراه. فقلت: أَوَ لا تكتفي- شك يحيى بن يحيى، أحدُ رواة الحديث، في نكتفي أو تكتفي- برؤيةِ مُعاويةَ وصيامِه؟ فقال: لا، هكذا أمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
ثالثًا: القياس: فكما أنَّ المُسلمين مختلفونَ في الإفطارِ والإمساكِ اليوميِّ، فلا بُدَّ أن يختَلِفوا كذلك في الإمساكِ والإفطارِ الشَّهريِّ
الفرع السادس: الرؤيةُ عَبرَ الوسائِلِ الحديثةِ المسألة الأولى: حُكمُ الاعتمادِ على الأقمارِ الصِّناعيَّة في رؤيَةِ الهِلالِلا يجوزُ الاعتمادُ على الأقمارِ الصِّناعيَّةِ في رؤيَةِ الهِلالِ؛ وهذا قولُ
ابنِ عثيمين
؛ وذلك لأنَّ الأقمارَ الصناعيَّةَ تكون مرتفعةً عن الأرضِ التي هي محَلُّ تَرائي الهِلالِ
المسألة الثانية: حُكمُ استعمالِ المراصِدِ الفَلَكِيَّة لرؤيةِ الهِلالِيجوز استعمالُ المراصِدِ الفَلَكِيَّة لرؤيةِ الهلالِ كالدربيل، وهو المِنظارُ المقرِّب، ولكنَّه ليس بواجِبٍ
، فلو رأى الهلالَ عَبْرَها من يُوثَقُ به؛ فإنَّه يُعمَلُ بهذه الرؤيةِ، وهو اختيارُ
ابنِ باز
و
ابن عُثيمين
، وبه صدَرَ قرارُ هيئةِ كِبارِ العُلَماءِ
، وهو قرارُ مَجمَعِ الفقهِ الإسلاميِّ
الدَّليل منَ السُّنَّة:عمومُ ما جاء عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((.. فإذا رأيتُمُوه فصُومُوا، وإذا رأيتُمُوه فأفطِرُوا ))
وجه الدلالة:أنَّ هذه الرُّؤيةَ تحصُلُ باستعمالِ المراصِدِ الفَلَكيَّةِ
الفرع السابع: مَنِ اشتبَهَتْ عليه الأشهُرُ المسألة الأولى: ما يلزَمُ الأسيرَ ونحوَه مِنَ الاجتهادِمَن عَمِيَ عليه خبَرُ الهلالِ والشُّهورِ، كالسَّجينِ والأسيرِ بدارِ الحَربِ وغيرِهما؛ فإنَّه يلزَمُه أن يجتهِدَ ويتحَرَّى الهلالَ
، ويصومَ شهرًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، وهو قَولُ عامَّةِ الفُقَهاءِ
وذلك لأنَّه مأمورٌ بصومِ رَمَضانَ، وطريقُ الوُصولِ إليه في هذه الحالةِ غيرُ ممكنٍ إلَّا بالتحرِّي والاجتهادِ
المسألة الثانية: الحالاتُ المترَتِّبةِ على اجتهاداتِ الأسيرِ ونحوِهإن صامَ- الأسيرُ ونحوه- مجتهدًا
بما غلَبَ على ظَنِّه، فله أربَعُ حالاتٍ:
الحالة الأولى: أن يتبيَّنَ له أنَّ صَوْمَه وافَقَ شَهرَ رَمَضانَ، فصومُه صحيحٌ، ولا إعادةَ عليه؛ وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
وحُكيَ فيه الإجماعُ
وذلك للآتي: أوَّلًا: قياسًا على مَنِ اجتهَدَ في القبلةِ، وصلَّى وبان له صوابُ الاجتهادِ، فإنَّه يُجزِئُه، فكذلك الحالُ في الصَّومِ
ثانيًا: لأنَّه أدرك ما هو المقصودُ بالتحرِّي
ثالثًا: لأنَّه أدَّى فرْضَه بالاجتهادِ في محلِّه، فإذا أصاب أو لم يعلَمِ الحالَ أجزأَه، كالصَّلاةِ في يومِ الغَيمِ إذا اشتَبَه وقتُها
الحالة الثانية: أن يستمِرَّ الإشكالُ عليه، فلا يَعلَمُ هل وافَقَ الشَّهرَ أو تقدَّمَه أو تأخَّرَ عنه؛ فيُجزِئُه ولا إعادةَ عليه
، وهذا نصَّ عليه الشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، وقولٌ عند المالكيَّة
وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ فرْضَه الاجتهادُ، وقد فعَل
ثانيًا: لأنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الاجتهادِ صِحَّةُ الأداءِ، ما لم يتيقَّنِ الخطأَ، وقد أدَّى ما عليه
الحالة الثالثة: أن يتبيَّنَ له أنَّ صَومَه كان قبل رَمَضانَ؛ فعليه الإعادةُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
وذلك للآتي:أولًا: لأنَّ صحَّةَ الإسقاطِ لا تَسبِقُ الوُجوبَ
ثانيًا: لأنَّه أدَّى العبادةَ قبل وجودِ سَبَبِ وُجوبِها؛ فلم تُجْزِه، كمن صلَّى قبل الوَقتِ
الحالة الرابعة: أن يتبيَّنَ له أنَّه صام بعد نهايةِ شَهر رَمَضانَ، فهذا يُجزِئُه، ولا إعادةَ عليه
إلَّا فيما لا يصِحُّ صيامُه كالعيدينِ
؛ فإنَّ عليه أن يُعيدَ الأيَّامَ التي لا يصِحُّ صيامُها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ
: الحنفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
وذلك لأنَّ القضاءَ قد استقَرَّ في ذِمَّتِه بفواتِ الشَّهرِ، ثم وافق صَومُه زمانَ القَضاءِ فأجزَأَه
المطلب الثاني: إكمالُ شعبانَ ثلاثينَ يومًاالفرع الأول: إذا لم تثبُتِ الرؤيةُ في التَّاسِعِ والعشرينَإذا لم تثبُتْ رؤيةُ هلالِ رَمَضانَ في التَّاسِعِ والعشرين من شعبانَ؛ فإنَّنا نُكْمِلُ شعبانَ ثلاثين يومًا، سواء كانتِ السَّماءُ مُصحِيَةً
أو مُغِيمةً، وهذا مذهب الجمهور من: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافِعيَّة
، ورواية عن
أحمد
الدَّليل منَ السُّنَّة:عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((صُومُوا لِرُؤيَتِه، وأفطِرُوا لِرُؤيَتِه؛ فإنْ غُبِّيَ عليكم، فأكمِلُوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثينَ ))
الفرع الثاني: حُكمُ صَوم ِيومِ الثلاثينَ مِن شعبانَ احتياطًا لرمضانَيَحرُمُ صَومُ يومِ الثلاثينَ مِن شعبانَ (يوم الشَّكِّ)؛ خوفًا من أن يكونَ من رَمَضانَ، أو احتياطًا
المطلب الثالث: الحِسابُ الفَلَكِيُّلا يجوزُ العَمَلُ بالحسابِ الفَلَكِيِّ، ولا الاعتمادُ عليه، في إثباتِ دخولِ رَمَضانَ
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ1- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((صُومُوا لِرُؤيَتِه، وأفطِرُوا لرُؤيَتِه؛ فإن غُبِّيَ عليكم، فأكمِلُوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثينَ ))
2- عن
عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكَرَ رَمضانَ فقال:
((لا تصومُوا حتى تَرَوُا الهلالَ، ولا تُفطِرُوا حتى تَرَوْه، فإن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له ))
أوجه الدلالة:1- أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعَلَ الحُكمَ بالهلالِ مُعلَّقًا على الرُّؤيةِ وَحدَها؛ فهي الأمرُ الطبيعيُّ الظَّاهِرُ الذي يستطيعُه عامَّةُ النَّاسِ، فلا يحصُلُ لبْسٌ على أحدٍ في أمرِ دينِه، كما جاء عن
ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((إنَّا أمَّةٌ أميَّةٌ لا نكتُبُ، ولا نحسِبُ، الشَّهرُ هكذا وهكذا)) يعني مرَّةً تسعةً وعشرينَ، ومرَّةً ثلاثينَ
2- أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ المسلمينَ إذا كان هناك غَيمٌ ليلةَ الثلاثينَ أن يُكمِلُوا العِدَّةَ، ولم يأمُرْ بالرُّجوعِ إلى عُلَماءِ الفَلَك، وقد جرى العَمَلُ في عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعَهْدِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم على ذلك، ولم يَرجِعُوا إلى علماءِ النُّجومِ في التوقيتِ، ولو كان قَولُهم هو الأصلَ وَحدَه، أو أصلًا آخَرَ مع الرؤيةِ في إثباتِ الشَّهرِ؛ لَبُيِّنَ ذلك، فلما لم يُنقَلْ ذلك، بل نُقِلَ ما يخالِفُه، دلَّ على أنَّه لا اعتبارَ شَرعًا لِمَا سِوَى الرؤيةِ، أو إكمال العِدَّةِ ثلاثينَ في إثباتِ الشَّهرِ، وأن هذا شَرعٌ مُستمِرٌّ إلى يوم القيامةِ
3- الرؤيةُ في الحديثِ مُتعدِّيةٌ إلى مفعولٍ واحدٍ، فكانت بصريَّةً لا علميَّةً
4- كما أنَّ الصَّحابةَ فَهِمُوا أنَّها رؤيةٌ بالْعَينِ، وهم أعلَمُ باللُّغةِ ومقاصِدِ الشَّريعةِ من غَيرِهم
ثانيًا: من الإجماعِنقل الإجماعَ على ذلك
الجَصَّاصُ
، و
ابنُ رُشدٍ
، و
القرطبيُّ
و
ابنُ تيميَّةَ