المبحث الثاني: طُرُقُ إثباتِ خُروجِ شَهرِ رَمَضانَ
المطلب الأول: رؤيةُ هلالِ شَوَّال الفرع الأول: العددُ المُعتَبَرُ في رؤيةِ الهلالِ لا بدَّ مِن إخبارِ شاهِدَينِ عَدْلَينِ برؤيةِ هلالِ شَوَّالٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
وهو قَولُ أكثَرِ العُلَماءِ
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:1- عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ زَيدِ بنِ الخطَّابِ
((أنَّه خطَبَ النَّاسَ في اليومِ الذي يُشَكُّ فيه، فقال: ألَا إنِّي جالسْتُ أصحابَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وساءَلْتُهم، وإنَّهم حدَّثُوني أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: صُومُوا لِرُؤيَتِه وأفْطِرُوا لرؤيَتِه، وانسُكُوا لها، فإنْ غُمَّ عليكم فأكمِلُوا ثلاثينَ، فإن شَهِدَ شاهدانِ، فصُوموا وأفْطِرُوا ))
المرادُ بقوله:
((وأفْطِرُوا)): أي خروجُ شَهرِ الصَّومِ، ودخولُ شَوَّال.
وجه الدلالة:مفهوم الحديث: عدمُ قَبولِ شهادةِ الواحِدِ على رؤيةِ هلالِ شَوَّال
2- ما رواه رجلٌ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((اختلف النَّاسُ في آخِرِ يومٍ من رمضانَ، فقَدِمَ أعرابيَّانِ فشَهِدَا عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم باللهِ، لَأَهَلَّ الهِلالُ أمسِ عشيَّةَ، فأمر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النَّاسَ أن يُفطِرُوا، وأن يَغْدُوا إلى مُصلَّاهم ))
الفرع الثاني: حُكمُ من رأى هلالَ شوَّال وحدَهمن رأى هلالَ شَوَّال لوَحدِه؛ فإنَّه لا يُفطِرُ حتى يُفطِرَ النَّاسُ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: منَ السُّنَّةعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((.. والفِطرُ يَومَ تُفطِرونَ، والأضحى يومَ تُضَحُّونَ ))
وجهُ الدَّلالة:أنَّ النَّاسَ إذا لم يُفطِرُوا في هذا اليَومِ؛ وجَبَ عليه مُوافَقَتُهم
ثانيًا: لأنَّ اتِّفاقَ الخَلْقِ الكثيرِ على عَدَمِ رُؤيَتِه، يدلُّ على خطأِ هذا الرَّائي
المطلب الثاني: إكمالُ رَمَضانَ ثلاثينَ يومًاإذا لم يُرَ هلالُ شَوَّال، وجبَ إكمالُ شَهرِ رَمَضانَ ثلاثينَ يومًا.
الأدِلَّة:أوَّلًا: منَ السُّنَّةعن
عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنهما
((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكَرَ رَمَضانَ، فقال: لا تَصومُوا حتى تَرَوُا الهلالَ، ولا تُفطِروا حتى تَرَوْه، فإنْ غُمَّ عليكم فاقدُرُوا له
))
والمرادُ بِقَولِه:
((فاقْدُرُوا لهـ)) أي: أكمِلُوا العِدَّةَ، كما فُسِّرَ في روايةٍ أخرى، وهي قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((صُومُوا لِرُؤيَتِهِ، وأفطِروا لرُؤيتِهِ، فإنْ غبِّيَ عليكم فأكمِلُوا عِدَّةَ شعبانَ ثلاثينَ ))
وجهُ الدَّلالة:عمومُ النَّصِّ؛ فهو يعُمُّ شَعبانَ ويعُمُّ رمضانَ
ثانيًا: من الإجماعِنقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ تيميَّة
المطلب الثالث: رؤيةُ هِلال شوَّال بعد أن صام النَّاسُالفرع الأول: رؤيةُ الهِلالِ ليلًا لكن لم يعلَمِ النَّاسُ إلَّا في النَّهارِإذا ثبتَتْ رؤيةُ هلالِ شوَّال ليلًا، ولم يعلَمِ النَّاسُ إلَّا بعد مضيِّ بعضِ النَّهارِ؛ فإنَّهم يُفطِرون ويُصلُّون العيدَ، إنْ كان ذلك قَبلَ الزَّوالِ.
الدَّليل:نقل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ عبد البَرِّ
الفرع الثاني: رؤيةُ الهِلالِ نهارًاإذا رُئِيَ هلالُ شوال نهارًا فلا يُفطِرونَ، سواءٌ رُئِيَ قبلَ الزَّوالِ أو بعدَه
، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ الآثارِ1- عن شقيقٍ قال: جاءنا كتابُ عُمَرَ ونحن بخانقينَ، قال في كتابِه: (إنَّ الأهِلَّةَ بعضُها أكبَرُ مِن بَعضٍ، فإذا رأيتُمُ الهلالَ نهارًا، فلا تُفطِرُوا حتى يشهَدَ شاهِدانِ أنَّهما رأَيَاه بالأمسِ)
2- عن سالمِ بنِ عَبدِ اللهِ بن عُمَرَ: (أنَّ ناسًا رأَوْا هلالَ الفِطرِ نَهارًا، فأتَمَّ
عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما صيامَه إلى اللَّيلِ، وقال: لا، حتى يُرَى مِن حيثُ يُرَى باللَّيلِ).
3- أنَّه قد رُوِيَ ذلك عن عليٍّ، و
ابنِ مَسعودٍ، و
أنسٍ، ولا مخالِفَ لهم في ذلك
ثانيًا: أنَّه لا تُعتبَرُ رؤيَتُه نهارًا، وإنَّما العبرةُ لِرُؤيَتِه بعد غُروبِ الشَّمسِ؛ لقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((صوموا لرُؤيَتِه، وأفطِرُوا لِرُؤيَتِهـ)) فأمَرَ بالصَّومِ والفِطرِ بعد الرُّؤيةِ