الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّل: آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم


المطلب الأوَّل: آل النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذين تحرُمُ عليهم الزَّكاة
آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذين تحرُمُ عليهم الصَّدقةُ هم بنو هاشمٍ فقط وهم آلُ عليٍّ، وآلُ عبَّاسٍ، وآلُ جَعفرٍ، وآلُ عَقيلٍ، وآلُ الحارِثِ بنِ عبدِ المُطَّلِب. ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/274)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/330). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ من الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي مع ((حاشية الشلبي)) (1/303)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/272). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (1/ 495)، ويُنظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 75)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/659). ، والحَنابِلَة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/454)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/490). ، وعلى هذا جماعةٌ مِن أهلِ العِلم قال ابنُ عبد البَرِّ: (الذي عليه جماعةُ أهل العِلم أنَّ بني هاشمٍ بأسْرِهم لا يحِلُّ لهم أكْلُ الصَّدقاتِ المَفروضاتِ، أعني: الزَّكواتِ). ((التمهيد)) (24/361). ؛ وذلك لأنَّ بني هاشمٍ أقربُ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأشرفُ، ومشاركةُ بني المطَّلِبِ لهم في خُمسِ الخُمُس استحقُّوه بالقَرابةِ والنُّصرةِ، لا بمُجرَّد القرابةِ، بدليلِ أنَّ بني عبدِ شمسٍ وبني نوفل يساوُونَهم في القرابةِ، ولم يُعطَوا شيئًا، والنُّصرةُ لا تَقتضي منْعَ الزَّكاةِ ((المغني)) لابن قدامة (2/490).
المَطلب الثاني: حُكم دفْع الزَّكاة لآل النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
لا يجوزُ دفْعُ الزَّكاةِ لآلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حكَى الإجماعَ على ذلك في الجملة عددٌ من العلماء؛ منهم: ابنُ قدامة؛ قال: (لا نعلَمُ خلافًا في أنَّ بني هاشمٍ لا تحِلُّ لهم الصدقةُ المفروضة). ((المغني)) (2/489). والنوويُّ؛ قال: (الزَّكاةُ حرامٌ على بني هاشم وبني المُطَّلِب، بلا خِلاف، إلَّا ما سبق فيما إذا كان أحدُهم عاملًا، والصَّحيحُ تحريمُه، وفي مواليهم وجهانِ). ((المجموع)) (6/227). والقرافيُّ؛ قال: (قال سندٌ: الزَّكاةُ محرَّمة على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إجماعًا، ومالك والأئمَّة على تحريمها على قَرابَتِه؛ قال الأبهريُّ: يحِلُّ لهم فرْضُها ونَفلُها، وهو مسبوقٌ بالإجماعِ، ولِمَا في مسلمٍ، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (إنَّ هذِه الصَّدَقةَ إنَّما هي أوساخُ الناسِ، وإنَّها لا تحِلُّ لمحمَّدٍ ولا لآلِ مُحمَّد). ((الذخيرة)) (3/142). ، ولو مُنِعوا من الخُمُسِ وجوَّز ابنُ تيميَّةَ وابنُ عُثيمين دفْعَ الزَّكاةِ لهم إذا مُنِعوا من الخُمُسِ: ينظر: ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 456)، في ((الشرح الممتع)) (6/254)، ولهذا حظٌّ مِنَ النَّظَرِ. وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/266)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/350). ، والشافعيَّة على الأصحِّ ((روضة الطالبين)) للنووي (2/322)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/112). ، والحَنابِلَة ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (2/396)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/180).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن عبدِ المطَّلبِ بنِ رَبيعةَ بن الحارِثِ، عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال للفَضلِ بن عبَّاسٍ وعبد المطَّلب بن ربيعةَ بن الحارِثِ رَضِيَ اللهُ عنهما حين سألاه التأميرَ على الزَّكاةِ وأخْذَ ما يأخُذُ النَّاسِ: ((إنَّها لا تحِلُّ لآلِ محمَّدٍ؛ إنَّما هي أوساخُ النَّاسِ )) رواه مسلم (1072).
وجه الدَّلالة:
الوجْه الأوَّل: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيَّن الحُكمَ والعِلَّة، فالحُكمُ أنَّها لا تحِلُّ لهم، والعلَّة أنَّها أوساخُ النَّاسِ، وهم أكملُ وأشرفُ مِن أن يتلقَّوا أوساخَ النَّاسِ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين(6/252).
الوجه الثاني: أنَّه عمومٌ فيدخُلُ فيه آلُ البَيتِ مطلقًا، سواء مُنِعوا من الخُمُس أو لم يُمنَعوا منه ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/112)، ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (2/396).
2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أخَذَ الحسنُ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما تمرةً مِن تمرِ الصَّدَقة، فجعَلَها في فيه، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: كَخْ كَخْ؛ لِيَطرحَها، ثم قال: أمَا شعرتَ أنَّا لا نأكُل الصَّدقَةَ؟! )) رواه البخاري (1491)، ومسلم (1069) ، وفي روايةٍ لمسلم: ((أنَّا لا تَحِلُّ لنا الصَّدقةُ؟! )) رواه مسلم (1069). ، وفي رواية البخاري: ((أمَا عَلِمتَ أنَّ آلَ محمَّدٍ لا يَأكُلون الصَّدَقة؟! )) رواه البخاري (1485).
ثانيًا: أنَّ منْعَ آلِ البَيتِ مِن الزَّكاة إنَّما هو لِشَرفِهم، وهو باقٍ ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (2/396).

انظر أيضا: