الموسوعة الفقهية

المطلب الخامس: الجلوسُ على القبرِ ووَطْؤُه والاتِّكاءُ عليه


الفرع الأول: الجلوسُ على القبر
يحرُمُ الجلوسُ على القَبرِ، وهو مَذهَب الظَّاهريَّة ، وقولُ بعضِ الشَّافعيَّة ، وبعضِ الحَنابِلَة ، وقالت به طائفةٌ من السَّلَف ، وهو قولُ الصنعانيِّ ، والشَّوكانيِّ ، وابنِ باز ، وابنِ عثيمينَ ، والألبانيِّ
الأدلة من السُّنَّة:
1- عن أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لَأَنْ يَجْلِسَ أحدُكم على جَمْرَةٍ فتَحْرِقَ ثيابَه، فتَخْلُصَ إلى جِلْدِه؛ خيرٌ له من أن يَجْلِسَ على قَبرٍ ))
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُجَصَّصَ القَبرُ، وأن يُقعَدَ عليه، وأن يُبْنَى عليه ))
3- عن أبي مرثدٍ الغنويِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تُصَلُّوا إلى القبورِ، ولا تَجْلِسوا عليها ))
وَجهُ الدَّلالةِ مِنَ الأحاديث:
أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن ذلك، والنَّهْيُ يقتضي التحريمَ
4- عن عمرِو بن حزمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((رآني رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنا مُتَّكئٌ على قَبرٍ، فقال: لا تُؤذِ صاحِبَ القبرِ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه نُهِيَ عن أذيَّةِ المقبورِ من المؤمنينَ، وأذيَّةُ المؤمِنِ محرَّمَةٌ بنَصِّ القرآنِ
الفرع الثاني: وطءُ القبر
يَحْرُم وطءُ القبورِ، وهو قولٌ عند الحَنابِلَة ، واختاره ابنُ بازٍ وابنُ عثيمينَ
الأدلة:
أوَّلًا: مِنَ السنَّةِ
1- عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: ((نهى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ تُجَصَّصَ القبورُ، وأن يُكتَبَ عليها، وأن يُبنَى عليها، وأن تُوطَأَ ))
2- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لَأَنْ أَمْشِيَ على جمرةٍ أو سيفٍ أو أخْصِفَ نعلي بِرِجْلي؛ أحبُّ إليَّ من أن أَمْشِيَ على قبرٍ ))
ثانيًا: من الآثار
عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (لَأَنْ أَطَأَ على جمرةٍ أحَبُّ إليَّ مِن أن أطَأَ على قبرِ رَجُلٍ مُسْلمٍ)
ثالثًا: لأنَّه امتهانٌ للمُسلمِ وهو محتَرَمٌ حَيًّا وميِّتًا
الفرع الثالث: الاتِّكاءُ على القَبرِ
يحرُمُ الاتِّكاءُ على القَبرِ، وهو قولُ بعضِ الشَّافعيَّة ، وبعضِ الحَنابِلَة ، وهو قولُ ابنِ بازٍ ، وابنِ عثيمينَ
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن عمرِو بنِ حَزمٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((رآنِي رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وأنَا متكئٌ على قبرٍ فقالَ: لا تُؤْذِ صاحِبَ القبرِ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
قوله: ((لا تُؤْذِ صاحِبَ القَبرِ)) نهيٌ عن أذيَّةِ المقبورِ من المؤمنينَ، وأذيَّةُ المؤمِنِ محرَّمةٌ بنَصِّ القرآنِ

انظر أيضا:

  1. (1) قال ابن حزم: (ولا يحِلُّ لأحدٍ أن يجْلِسَ على قبرٍ، فإنْ لم يجدْ أين يجلِسُ: فلْيَقِفْ حتى يقْضِيَ حاجَتَه... وهو قول أبي سليمان). ((المحلى)) (3/358).
  2. (2) ((المجموع)) للنووي (5/312)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/175). لكن قال النووي في (شرح مسلم)): (قال أصحابُنا: تجصيصُ القبرِ مكروهٌ، والقعودُ عليه حرامٌ، وكذا الاستنادُ إليه والاتِّكاءُ عليهـ). ((شرح النووي على مسلم)) (7/27).
  3. (3) ((الفروع)) لابن مفلح (3/418).
  4. (4) ((المحلى)) لابن حزم (3/359).
  5. (5) ((سبل السلام)) للصنعاني (2/120).
  6. (6) ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/104)، و(2/156).
  7. (7) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (5/187).
  8. (8) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/366).
  9. (9) ((أحكام الجنائز)) الألباني (1/210).
  10. (10) أخرجه مسلم (971).
  11. (11) أخرجه مسلم (970).
  12. (12) أخرجه مسلم (972).
  13. (13) ((سبل السلام)) للصنعاني (2/120)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/104)، (2/156).
  14. (14) أخرجه أحمد (((المسند)) (39/475)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2944)، والحاكم في ((المستدرك)) (6502)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (4972) صحَّح إسنادَه محمد بن عبد الهادي في ((تنقيح تحقيق التعليق)) (2/160)، والذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (1/320)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (3/266)، وصححه الألباني في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (1662) 
  15. (15) ((سبل السلام)) للصنعاني (2/120).
  16. (16) قال ابن مفلح: (ويُكْرَه الاتِّكاءُ إليه والجلوسُ والوطءُ عليه؛ للأخبار، ويُروى عن ابن مسعود، وابن عمر، وأبي بَكْرَةَ. وفي تعليق القاضي: لا يجوز). ((الفروع)) (3/418).
  17. (17) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (5/187).
  18. (18) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/202).
  19. (19) أخرجه الترمذي (1052). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الذهبي في ((تاريخ الإسلام)) (14/437): غريب، وصحَّحَه ابنُ المُلَقِّن في ((البدر المنير)) (5/320)، وقال ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (2/694): في مسلمٍ بدون الكتابة، وقال الشوكاني في ((تحريمِ رَفْعِ القبور)) (57): صحيحة غريبة، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1052)
  20. (20) أخرجه ابن ماجه (1567) واللفظ له، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (11896) باختلاف يسير. جوَّدَ إسنادَه المنذريُّ في ((الترغيب والترهيب)) (4/286)، وقال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (9/138) وابن كثير في ((إرشاد الفقيهـ)) (1/240): إسناده صالح، وصحح إسناده ووثق رجاله البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (2/41) وقال: وله شاهد، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (1567)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (947).
  21. (21) أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (6512)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (11895)، والطبراني (9/373) (9605). حسَّن إسنادَه المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4/286)، وابن حجر الهيتمي المكي في ((الزواجر)) (1/165)، وصححه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (3565).
  22. (22) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/367).
  23. (23) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (5/187).
  24. (24) قال النووي: (قال أصحابُنا: تجصيصُ القبرِ مكروهٌ، والقعودُ عليه حرامٌ، وكذا الاستنادُ إليه والاتِّكاءُ عليهـ). ((شرح النووي على مسلم)) (7/27). وقال الهيتمي: (ولا يُستَنَد إليه ولا يُتَّكَأُ عليه، وظاهرٌ أنَّ المرادَ به محاذي المَيِّتِ لا ما اعْتِيدَ التحويطُ عليه؛ فإنه قد يكون غيرَ مُحاذٍ له، لا سيما في اللَّحْدِ، ويُحتَمَل إلحاقُ ما قَرُبَ منه جدًّا به؛ لأنَّه يُطْلَق عليه عُرفًا أنَّه محاذٍ له (ولا يُوطَأُ) احترامًا له إلا لضرورةٍ؛ كأن لم يَصِلْ لقبرِ مَيِّتِه، وكذا ما يريدُ زيارَتَه ولو غيرَ قريبٍ فيما يظهَرُ، أوْ لا يتمَكَّنُ من الحَفْرِ إلَّا به، والنهيُ في هذه كلِّها للكراهةِ، وقال كثيرونٌ: للحُرْمَةِ). ((تحفة المحتاج)) (3/175).
  25. (25) قال المرداوي: (قوله: «ويُكْرَهُ الجلوس والوطءُ عليه والاتِّكاءُ إليه». هذا المذهَبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ وكراهةُ المشيِ في المقابر بالنَّعلينِ من مفرداتِ المَذْهَب، وجَزَمَ به ناظِمُها، وقال القاضي في التَّعليقِ: لا يجوز، وقاله في الكافي وغيرهـ). ((الإنصاف)) (2/386)، ويُنظر: ((الفروع)) لابن مفلح (3/418).
  26. (26) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (5/187)، (13/354).
  27. (27) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/366).
  28. (28) أخرجه أحمد (((المسند)) (39/475)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2944)، والحاكم في ((المستدرك)) (6502)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (4972) صحح إسناده الذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (1/320)، وابن عبد الهادي في ((تنقيح تحقيق التعليق)) (2/160)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (3/266)، والألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (2960).
  29. (29) ((سبل السلام)) للصنعاني (2/120).