الموسوعة الفقهية

المطلب الثالث: الكتابةُ على القبر


اختلف أهلُ العِلْمِ في حُكمِ الكتابةِ على القَبرِ [8872] قال ابن عثيمين: (والكتابةُ عليه فيها تفصيل: الكتابةُ التي لا يرادُ بها إلَّا إثباتُ الاسْمِ للدَّلالةِ على القبر، فهذه لا بأْسَ بها، وأمَّا الكتابة التي تُشْبِه ما كانوا يفعلونه في الجاهلية: يُكْتَبُ اسْمُ الشَّخْص، ويُكتب الثَّناءُ عليه، وأنَّه فَعَل كذا وكذا، وغيره من المديح، أو تُكْتَب الأبياتُ؛ فهذا حرامٌ، ومن هذا ما يفعلُه بعضُ الجُهَّال أنَّه يكتب على الحَجَرِ الموضوع على القبر سورةَ الفاتحةِ مثلًا، أو غيرَها من الآيات، فكلُّ هذا حرامٌ، وعلى من رآه في المقبرة أن يُزيلَ هذا الحَجَرَ؛ لأن هذا من المُنْكَر الذي يجب تَغْييرُه). ((شرح رياض الصالحين)) (6/521). على قولينِ:
القول الأول: يُكْرَه أن يُكْتَبَ على القَبرِ [8873] لا يُشْرَع أن يُكتَبَ على قبر المَيِّت لا آياتٌ قرآنيَّة، ولا اسمُ المقبورِ واسمُ أبيه وجده، وتاريخ وفاته، أو غير ذلك، ومن أهل العلم من رَخَّصَ في كتابة اسْمِه فقط. أمَّا الكتابةُ على حائط المقبرةِ، فالأحوطُ تَرْكُها؛ لأنَّ لها شَبَهًا بالكتابة على القبورِ من بعض الوجوهِ. ينظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/200، 243)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/191)، ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة)) للألباني (12/509)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (9/54). ، وهو مذهَبُ الجمهورِ [8874] قال النووي: (يُكْرَه أن يُجَصَّص القَبرُ، وأن يُكْتَبَ عليه اسمُ صاحِبِه أو غير ذلك، وأن يُبنَى عليه، وهذا لا خلافَ فيه عندنا، وبه قال مالكٌ وأحمد وداود، وجماهيرُ العلماءِ). ((المجموع)) (5/298). : المالِكيَّة [8875] ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/242). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/140). ، والشَّافعيَّة [8876] ((المجموع)) للنووي (5/298)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/55). ، والحَنابِلَة [8877]  ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/140). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/378). وقولُ أبي يوسُفَ ومحمَّدِ بنِ الحَسَنِ من الحَنفيَّة [8878] ((الآثار)) لمحمد بن الحسن الشيباني (2/190)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/320)، ((تحفة الفقهاء)) للسمرقندي (1/256)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 226)
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُجصَّصَ القبرُ، وأن يُقْعَدَ عليه، وأن يُبنَى عليه)) وقال سليمانُ بنُ موسى: ((وأن يُكْتَبَ عليه )) [8879] أخرجه مسلم (970) بدون زيادة سليمان بن موسى، وهذه الزيادة صحَّحَ إسنادها ابنُ باز في ((مجموع الفتاوى)) (6/338)، وصححها على شرط مسلم الألباني في ((أحكام الجنائز)) (260).
ثانيًا: أنَّ الكتابةَ لم تكن معهودةً لدى السَّلَف؛ فلم يفعَلْ ذلك صحابيٌّ [8880] ((مختصر تلخيص الذهبي)) (1/291).
ثالثًا: أنَّ الكتابةَ على القَبرِ قد تؤدِّي إلى الفَخْرِ والمباهاةِ.
القول الثاني: لا يجوز أن يُكتَبَ على القبرِ شيءٌ، وهو قولُ الشَّوكانيِّ [8881] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/104). ، وابنِ بازٍ [8882] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/337)، (13/200).
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن جابرٍ، قال: ((نهى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُجَصَّصَ القبرُ، وأن يُقعَدَ عليه، وأن يُبنَى عليه)) وقال سليمانُ بنُ موسى: ((وأن يُكْتَبَ عليه )) [8883] أخرجه مسلم (970) بدون زيادة سليمان بن موسى، وهذه الزيادة صحَّحَ إسنادها ابنُ باز في ((مجموع الفتاوى)) (6/338)، وصححها على شرط مسلم الألباني في ((أحكام الجنائز)) (260).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّهيَ في الحديثِ للتحريمِ [8884] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/104).
ثانيًا: ولأنَّ الكتابةَ ربَّما أفضَتْ إلى عواقِبَ وخيمةٍ من الغلُوِّ وغَيرِه من المحظوراتِ الشَّرعيَّةِ [8885] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/329).  

انظر أيضا: