الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: الحِكمةُ مِن مَشروعيَّةِ الجِهادِ


شُرِعَ الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ لحِكَمٍ كَثيرةٍ، منها [39] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 539)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/265)، ((فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى)) (16/570)، ((دروس صوتية مفرغة للشيخ ابن باز)) قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية (الدرس الخامس). :
- إعلاءُ كَلِمةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وإخراجُ النَّاسِ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ، وفَسحُ الطَّريقِ وتَمهيدُه للدُّعاةِ إلى الإسلامِ الموضِّحينَ لمَقصودِه ومَحاسِنِه.
- حِمايةُ حَوزةِ المُسلِمينَ، والذَّودُ عَن ديارِهم وبلادِهم وثُغورِهم.
- دَعوةُ الآخَرينَ مِن غَيرِ المُسلِمينَ إلى الدُّخولِ في دينِ اللهِ، وإيضاحُ ما لَهم عِندَ اللهِ مِنَ الخَيرِ العَظيمِ، وما يَحصُلُ لَهم في الدُّنيا مِنَ الفَضلِ والخَيرِ على أيدي المُسلِمينَ.
- التَّمكينُ مِن عِبادةِ اللهِ، وإقامةُ الشَّرائِعِ الظَّاهِرةِ.
- اختِبارُ الصَّادِقِ في إيمانِه، وغَيرِ الصَّادِقِ فيه.
- تَسهيلُ نَيلِ فضلِ الشَّهادةِ في سَبيلِ اللهِ.
- إقامةُ العَدلِ، وتَحقيقُ الأمنِ والسَّلامِ، والمُحافَظةُ على النُّفوسِ والأعراضِ والأموالِ.
مَطلَبٌ: مَتى شُرِعَ الجِهادُ؟
شُرِعَ الجِهادُ بَعدَ الهِجرةِ، وكانَ مَمنوعًا قَبلَ الهِجرةِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
1- قَولُه تعالى: أُذِنَ للَّذينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ على نَصْرِهم لَقَدِيرٌ [الحج: 39] .
أوَجهُ الدَّلالةِ:
الوَجهُ الأوَّلُ: أنَّ سياقَ الآيةِ يَدُلُّ على أنَّ الإذنَ بَعدَ الهِجرةِ وإخراجِهم مِن ديارِهم؛ فإنَّه قال: الذينَ أُخرِجُوا مِن ديارِهم بغَيرِ حَقٍّ إلَّا أن يَقولوا رَبُّنا اللهُ [الحج: 40] ، وهؤلاء هُمُ المُهاجِرونَ [40] يُنظر: ((زاد المعاد)) لابن القيم (3/63). .
الوَجهُ الثَّاني: أنَّه أمَرَ في الآيةِ بالجِهادِ الذي يَعُمُّ الجِهادَ باليَدِ وغَيرَه، ولا رَيبَ أنَّ الأمرَ بالجِهادِ المُطلَقِ إنَّما كانَ بَعدَ الهِجرةِ، فأمَّا جِهادُ الحُجَّةِ فأمرَ به في مَكَّةَ بقَولِه: فلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ أي: بالقُرآنِ جِهَادًا كَبِيرًا [الفرقان: 52] فهذه سورةٌ مَكِّيَّةٌ، والجِهادُ فيها هو التَّبليغُ، وجِهادُ الحُجَّةِ، وأمَّا الجِهادُ المَأمورُ به في سورةِ الحَجِّ، فيَدخُلُ فيه الجِهادُ بالسَّيفِ [41] يُنظر: ((زاد المعاد)) لابن القيم (3/63). .
2 – قَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج: 77] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الخِطابَ بذلك كُلُّه مَدَنيٌّ، فأمَّا الخِطابُ بـيا أيُّها النَّاسُ فمُشتَرَكٌ [42] يُنظر: ((زاد المعاد)) لابن القيم (3/63). .
ثانيًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: الجَصَّاصُ [43] قال الجَصَّاصُ: (لَم تَختَلِفِ الأُمَّةُ أنَّ القِتالَ كانَ مَحظورًا قَبلَ الهِجرةِ). ((أحكام القرآن)) (1/331). ، والقُرطبيُّ [44] قال القُرطُبيُّ: (لا خِلافَ في أنَّ القِتالَ كانَ مَحظورًا قَبلَ الهِجرةِ). ((تفسير القرطبي)) (2/347). ، وابنُ حَجَرٍ [45] قال ابنُ حَجَرٍ: (أوَّلُ ما شُرِعَ الجِهادُ بَعدَ الهِجرةِ النَّبَويَّةِ إلى المَدينةِ اتِّفاقًا). ((فتح الباري)) (6/37). ، والشَّوكانيُّ [46] قال الشَّوكانيُّ: (وأوَّلُ ما شُرِعَ الجِهادُ بَعدَ الهِجرةِ النَّبَويَّةِ إلى المَدينةِ اتِّفاقًا). ((نيل الأوطار)) (7/247). وقال: (لا خِلافَ بَينَ أهلِ العِلمِ أنَّ القِتالَ كانَ مَمنوعًا قَبلَ الهِجرةِ). ((فتح القدير)) (1/219). .

انظر أيضا: