الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: إذا التَقى الصَّفَّانِ


يَكونُ الجِهادُ فرضَ عَينٍ إذا التَقى الصَّفَّانِ، ويَحرُمُ الفِرارُ مِنَ المَعرَكةِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [13] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/207)، ((العناية)) للبابرتي (4/36). ، والمالِكيَّةِ [14] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/6)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/397). ، والشَّافِعيَّةِ [15] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (11/363)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (5/120). ، والحَنابِلةِ [16] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/228)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/37). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
1- قَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثيرًا [الأنفال: 45] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ أمَرَ بمُصابَرةِ العَدوِّ بَعدَ لقائِه، والثَّباتِ لقِتالِه [17] ((الحاوي)) للماوردي (14/180). ، والأمرُ للوُجوبِ.
2- قَولُه تعالى: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرينَ [الأنفال: 46] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أي: اصبِروا على طاعةِ اللهِ، وصابِروا أعداءَ اللهِ، و "رابِطوا" عَدوِّي وعَدوَّكُم، لَعَلَّكُم تُفلِحونَ، أي: لتُؤَدُّوا فرضَكُم [18] يُنظر: ((الحاوي)) للماوردي (14/180). .
3- قَولُه تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [الأنفال: 15-16] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تَعالى تَوعَّدَ مَن ولَّى دُبُرَه بَعدَ التِحامِ الصُّفوفِ بغَضَبٍ مِنه، وناهيكَ بمَعصيةٍ يَبوءُ صاحِبُها بغَضَبِ اللهِ عليه [19] يُنظر: ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 951). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((اجتَنِبوا السَّبعَ الموبِقاتِ. قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وما هُنَّ؟ قال: الشِّركُ باللهِ، والسِّحرُ، وقَتلُ النَّفسِ التي حَرَّمَ اللهُ إلَّا بالحَقِّ، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليَتيمِ، والتَّولِّي يَومَ الزَّحفِ، وقَذفُ المُحصَناتِ المُؤمِناتِ الغافِلاتِ)) [20] أخرجه البخاري (2766) واللفظ له، ومسلم (89). .
ثالثًا: لأنَّ الفِرارَ مِنَ المَعرَكةِ عِندَ التِقاءِ الصَّفَّينِ يُشَوِّشُ أمرَ القِتالِ، ويَكسِرُ القُلوبَ [21] يُنظر: ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (11/363). .

انظر أيضا: