الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ السَّادِسُ: مَن يَقسِمُ الفَيءَ؟


تَقسيمُ الفَيءِ هو مِن مَهامِّ الإمامِ؛ فهو الذي يَتَولَّى تَوزيعَه في مَصارِفِه، أو مَن يَنوبُ عنه مِنَ العُمَّالِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
عن سُوَيدِ بنِ غَفَلةَ، عن عُمَرَ، قال: (ذُكِرَ لَه أنَّ عُمَّالًا لَه يَأخُذونَ ثَمَنَ الخِنزيرِ والخَمرِ، فقال عُمَرُ: ولُّوهم بَيعَها، ولا تَشَبَّهوا بيَهودَ؛ حُرِّمَت عليهمُ الشُّحومُ فباعوها، وأكَلوا أثمانَها) [341] أخرجه عبد الرزاق (14853)، وابن زنجويه في ((الأموال)) (198) واللفظ له. صَحَّحه ابنُ حزم في ((المحلى)) (8/148)، وجَوَّد إسنادَه الإمامُ أحمد كما في ((أحكام أهل الذمة)) (1/183)، وذكر ثُبوتَه ابنُ تيمَّيَة في ((مجموع الفتاوى)) (29/265). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ الحَديثُ وهذه الآثارُ المَذكورةُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والخُلَفاءَ مِن بَعدِه كانوا يَتَولَّونَ أخذَ الفَيءِ بأنفُسِهم.
ثانيًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: الطَّحاويُّ [342] قال الطَّحاويُّ: (عن مُسلِمِ بنِ يَسارٍ عن أبي عَبدِ اللهِ -رَجُلٍ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وكان ابنُ عُمَرَ يَأمُرُنا أن نَأخُذَ عنه، وقال: هو عالِمٌ فخُذوا عنه، فسَمِعتُه يَقولُ: الزَّكاةُ والحُدودُ والفَيءُ والجُمُعةُ إلى السُّلطانِ، قال أبو جَعفَرٍ: وعَسى أن يَكونَ هو أبا عَبدِ اللهِ أخا أبي بَكرةَ، واسمُه نافِعٌ، ولا نَعلَمُ عن أحَدٍ مِنَ الصَّحابةِ خِلافَهـ). ((مختصر اختلاف العلماء)) (3/ 299). ، والجَصَّاصُ [343] قال الجَصَّاصُ: (قال عَبدُ اللهِ بنُ مُحَيريزٍ: الحُدودُ والفَيءُ والجُمُعةُ والزَّكاةُ إلى السُّلطانِ... والسَّلَفُ قد رويَ عنهم ذلك، ولا نَعلَمُ عن أحَدٍ مِنَ الصَّحابةِ خِلافَهـ). ((أحكام القرآن)) (5/ 131). ، وابنُ تَيميَّةَ [344] قال ابنُ تيميَّةَ: (أمَّا ما يَأخُذُه وُلاةُ المُسلِمينَ مِنَ العُشرِ وزَكاةِ الماشيةِ والتِّجارةِ وغَيرِ ذلك؛ فإنَّه يَسقُطُ ذلك مِن صاحِبِه إذا كان الإمامُ عادِلًا يَصرِفُه في مَصارِفِه الشَّرعيَّةِ باتِّفاقِ العُلَماءِ). ((مجموع الفتاوى)) (25/ 81). ، وابنُ رَجَبٍ [345] قال ابنُ رَجَبٍ: (للإمامِ وِلايةُ المُطالَبةِ بالخَراجِ، كَجِزيةِ الرُّؤوسِ، وقد كان عُمَرُ وعُثمانُ وعَليٌّ ومَن بَعدَه يَبعَثونَ عُمَّالَهم على جِبايةِ الخَراجِ، وهذا مُتَّفَقٌ عليهـ). ((الاستخراج لأحكام الخراج)) (ص: 145). .

انظر أيضا: