الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الثَّانيةُ: فِداءُ الإمامِ الأَسْرى مِنَ الرِّجالِ بالمالِ


يَجوزُ فِداءُ الإمامِ الأَسْرى مِنَ الرِّجالِ بالمالِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [148] ذَهَبَ المالِكيَّةُ إلى جَوازِ الفِداءِ بالمالِ إذا كانَ بأكثَرَ مِن قيمَتِه. ((التاج والإكليل)) للمواق (3/358)، ((منح الجليل)) لعليش (3/165). ، والشَّافِعيَّةِ [149] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 309)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/247). ، والحَنابِلةِ في ظاهِرِ المذهَبِ [150] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/242). .
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
 قال ابنُ عَبَّاسٍ: فلَمَّا أَسَروا الأُسارى، قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي بَكرٍ وعُمَرَ: ((ما تَرَونَ في هؤلاء الأُسارى؟ فقال أبو بَكرٍ: يا نَبيَّ اللهِ، هُم بَنو العَمِّ والعَشيرةِ، أرى أن تَأخُذَ مِنهُم فِديةً فتَكونَ لَنا قوَّةً على الكُفَّارِ، فعَسى اللهُ أن يَهديَهم للإسلامِ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما تَرى يا ابنَ الخَطَّابِ؟ قُلتُ: لا واللهِ يا رَسولَ اللهِ، ما أرى الذي رَأى أبو بَكرٍ، ولَكِنِّي أرى أن تُمَكِّنَّا فنَضرِبَ أعناقَهم، فتُمَكِّنَ عَليًّا مِن عَقيلٍ فيَضرِبَ عُنُقَه، وتُمَكِّنَني مِن فُلانٍ -نَسيبًا لعُمَرَ- فأضرِبَ عُنُقَه؛ فإنَّ هؤلاء أئِمَّةُ الكُفرِ وصَناديدُها، فهَويَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما قال أبو بَكرٍ، ولَم يَهوَ ما قُلتُ، فلَمَّا كانَ مِنَ الغَدِ جِئتُ، فإذا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبو بَكرٍ قاعِدَينِ يَبكيانِ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أخبِرْني مِن أيِّ شَيءٍ تَبكي أنتَ وصاحِبُكَ؟ فإن وجَدتُ بُكاءً بَكَيتُ، وإن لَم أجِدْ بُكاءً تَباكَيتُ لبُكائِكُما، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أبكي لِلذي عَرَضَ عليَّ أصحابُكَ مِن أخذِهمُ الفِداءَ، لَقد عُرِضَ عليَّ عَذابُهم أدنى مِن هذه الشَّجَرةِ -شَجَرةٍ قَريبةٍ مِن نَبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وأنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: ما كانَ لنَبيٍّ أن يَكونَ لَه أَسْرَى حَتَّى يُثخِنَ في الأرضِ [الأنفالِ: 67] إلى قَولِه: فكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا [الأنفالِ: 69] فأحَلَّ اللهُ الغَنيمةَ لَهم)) [151] أخرجه مسلم (1763). .

انظر أيضا: