الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ السَّادِسُ: أصحابُ الثُّلُثِ وثُلُثِ الباقي


أصحابُ فرضِ الثُّلُثِ اثنانِ [189] زادَ الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ الجَدَّ في حالاتٍ خاصَّةٍ. يُنظر: ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (6/553)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/ 549). : الإخوةُ لأُمٍّ [190] إذا كانوا اثنينِ فصاعِدًا، ويَستَوي في ذلك الذَّكَرُ والأُنثى. ، والأمُّ حيث لا فَرعَ وارثٌ، ولا جمعٌ مِنَ الإخوةِ [191] سَواءٌ كانوا ذُكورًا أو إناثًا، أشِقَّاءَ أو لأبٍ أو لأُمٍّ. ، ولها ثُلُثُ الباقي إذا كانَ الورَثةُ أحَدَ الزَّوجَينِ، وأبَوينِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [192] ((مختصر القدوري)) (ص: 245)، ((الفتاوى الهندية)) (6/451). ، والمالِكيَّةِ [193] ((الشرح الكبير)) للدردير (4/ 461، 462)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (4/ 622، 623). ، والشَّافِعيَّةِ [194] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (6/553)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/ 15). ، والحَنابِلةِ [195] ((غاية المنتهى)) للكرمي (2/ 86)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/ 549).  .
الأدِلَّةُ مِنَ الكِتابِ:
1- قَولُه تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ولَدٌ وورِثَه أبَواه فلِأُمِّه الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فلِأُمِّه السُّدُسُ [النساء: 11] .
2- قَولُه تعالى: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يورَثُ كَلالةً أوِ امرَأةٌ ولَهُ أَخٌ أو أُختٌ فلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ في الثُّلُثِ [النساء: 12] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّتِ الآيةُ على أنَّ الإخوةَ للأُمِّ لهمُ الثُّلُثُ [196] يُنظر: ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/ 141)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/ 549). قال القُرطُبيُّ: (ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في كِتابِه الكَلالةَ في مَوضِعَينِ: آخِرِ السُّورةِ وهنا، ولَم يَذكُرْ في المَوضِعَينِ وارِثًا غَيرَ الإخوةِ. فأمَّا هذه الآيةُ فأجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ الإخوةَ فيها عُنيَ بها الإخوةُ للأُمِّ؛ لقَولِه تعالى: فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ في الثُّلُثِ. وكانَ سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ يَقرَأُ (ولَه أخٌ أو أُختٌ مِن أُمِّهـ). ولا خِلافَ بَينَ أهلِ العِلمِ أنَّ الإخوةَ للأبِ والأُمِّ أوِ الأبِ ليس ميراثُهم كَهذا؛ فدَلَّ إجماعُهم على أنَّ الإخوةَ المَذكورينَ في آخِرِ السُّورةِ هُم إخوةُ المُتَوفَّى لأبيه وأُمِّه أو لأبيه؛ لقَولِه عَزَّ وجَلَّ: وإن كانوا إخوةً رِجالًا ونِساءً فلِلذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ. ولَم يَختَلِفوا أنَّ ميراثَ الإخوةِ للأُمِّ ليس هَكَذا، فدَلَّتِ الآيَتانِ أنَّ الإخوةَ كُلَّهم جَميعًا كَلالةٌ). ((تفسير القرطبي)) (5/78). .
أدِلَّةُ ميراثِ ثُلُثِ الباقي للأُمِّ -المَسألَتَينِ العُمَريَّتَينِ أوِ الغَرَّاوَينِ- مِنَ الآثارِ:
1- عَن عَلقَمةَ عَن عَبدِ اللهِ أنَّه قال: كانَ عُمَرُ إذا سَلَكَ طَريقًا فسَلَكناه وجَدناه سَهلًا، فسُئِلَ عَن زَوجةٍ وأبَوينِ، فقال: (للزَّوجةِ الرُّبُعُ، وللأُمِّ ثُلُثُ ما بَقيَ، وما بَقيَ فلِلأبِ) [197] أخرجه ابن أبي شيبة (31704) واللفظ له، والحاكم (8177)، والبيهقي (12430). جوَّد أسانيدَه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيهـ)) (2/132). وذَهَبَ إلى تَصحيحِه الحاكِمُ، وقال: على شَرطِ الشَّيخَينِ. .
2- عَن عِكرِمةَ، قال: (بَعَثَني ابنُ عَبَّاسٍ إلى زَيدِ بنِ ثابِتٍ أسألُه عَن زَوجٍ وأبَوينِ، فقال زَيدٌ: للزَّوجِ النِّصفُ، وللأُمِّ ثُلُثُ ما بَقيَ، وهو السُّدُسُ، فأرسَلَ إليه ابنُ عَبَّاسٍ: أفي كِتابِ اللهِ تَجِدُ هذا؟ قال: أكرَهُ أن أُفَضِّلَ أُمًّا على أبٍ، وكانَ ابنُ عَبَّاسٍ يُعطي الأُمَّ الثُّلُثَ مِن جَميعِ المالِ) [198] أخرجه عبد الرزاق (19020)، وابن أبي شيبة (31710) واللفظ له، والبيهقي (12436). صَحَّحه ابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (4/407)، والألباني على شرط البخاري في ((إرواء الغليل)) (6/123). وأخرجه الدارمي (2917) مُختَصَرًا بلَفظِ: عَن عِكرِمةَ قال: أرسَلَ ابنُ عَبَّاسٍ إلى زَيدِ بنِ ثابِتٍ: أتَجِدُ في كِتابِ اللهِ للأُمِّ ثُلُثَ ما بَقيَ؟ فقال زَيدٌ: إنَّما أنتَ رَجُلٌ تَقولُ برَأيِكَ، وأنا رَجُلٌ أقولُ برَأيي. صَحَّحه ابنُ حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/163). .

انظر أيضا: