الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: إقرارُ المَريضِ بمَرَضٍ مَخوفٍ لغَيرِ الوارِثِ


يَصِحُّ إقرارُ المَريضِ بمَرَضٍ مَخوفٍ [1758] ويُطلَقُ عليه أيضًا مَرَضُ المَوتِ، وهو الذي يُخافُ فيه المَوتُ؛ لكَثرةِ مَن يَموتُ به، وما يَندُرُ وُجودُ المَوتِ مِنهُ لا عِبرةَ به، والمَرجِعُ في مَعرِفةِ كَونِه مَخوفًا أم لا هُمُ الأطِبَّاءُ وأهلُ الخِبرةِ بذلك. يُنظر: ((الأم)) للشافعي (4/112)، ((المغني)) لابن قُدامة (6/202)، ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّة (5/440). لغَيرِ الوارِثِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1759] ((الهداية)) للمرغيناني (3/ 187)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (8/ 390). ، والمالِكيَّةِ [1760] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/ 372)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (3/ 527). ، والشَّافِعيَّةِ [1761] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/ 358)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/ 69). ، والحَنابِلةِ في الأصَحِّ [1762] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/ 365)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/ 620). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1763] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعَ كُلُّ مَن نَحفَظُ عَنهُ مِن أهلِ العِلمِ على أنَّ إقرارَ المَريضِ في مَرَضِه بالدَّينِ لغَيرِ الوارِثِ جائِزٌ إذا لَم يَكُنْ عليه دَينٌ في الصِّحَّةِ). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (4/ 444). وقال الكاسانيُّ: (وهو ما رُويَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ تعالى عَنهُما أنَّه قال: إذا أقَرَّ المَريضُ بدَينٍ لأجنَبيٍّ جازَ ذلك مِن جَميعِ تَرِكَتِه، ولَم يُعرَفْ له فيه مِنَ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ تعالى عَنهُم مُخالِفٌ، فيَكونُ إجماعًا). ((بدائع الصنائع)) (7/ 223). وقال ابنُ حَجَرٍ الهَيتَميُّ: (ويَصِحُّ إقرارُ المَريضِ مَرَضَ المَوتِ لأجنَبيٍّ بعَينٍ أو دَينٍ، فيَخرُجُ مِن رَأسِ المالِ إجماعًا). ((تحفة المحتاج)) (5/ 358). وقال الرَّمليُّ: (ويَصِحُّ إقرارُ المَريضِ مَرَضَ المَوتِ لأجنَبيٍّ بمالِ عَينٍ أو دَينٍ، فيَخرُجُ مِن رَأسِ المالِ بالإجماعِ، كما قالهُ الغَزاليُّ). ((نهاية المحتاج)) (5/ 69). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ قَضاءَ الدَّينِ مِنَ الحَوائِجِ الأصليَّةِ [1764] يُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (8/ 390). .
ثانيًا: لأنَّه لَو حُجِرَ عَنِ الإقرارِ بالمَرَضِ امتَنَعَ النَّاسُ عَنِ المُعامَلةِ مَعَه، وهذا ضَرَرٌ عليه [1765] يُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (8/ 390). .
ثالثًا: لأنَّه غَيرُ مُتَّهَمٍ فيه فقُبِلَ، كالإقرارِ في الصِّحَّةِ [1766] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/ 157)، ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/ 365). .
رابِعًا: لأنَّ حالةَ المَرَضِ أقرَبُ إلى الاحتياطِ لنَفسِه، وأبرَأُ لذِمَّتِه وتَحَرِّي الصِّدقِ؛ فكانَ أولى بالقَبولِ [1767] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/ 157). .

انظر أيضا: