الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الثَّالِثةُ: المُتَرجِمُ


يُستَحَبُّ للقاضي أن يَتَّخِذَ مُتَرجِمًا عارِفًا باللُّغاتِ الغالِبِ وُجودُها في مَكانِ وِلايةِ القاضي، نَصَّ على ذلك الجُمهورُ: [608] أمَّا الحَنابِلةُ فليس لَهم كَلامٌ في تَنصيبِ مُتَرجِمٍ يَعمَلُ عِندَ القاضي، وإن كانوا يَنُصُّونَ على مَسألةِ التَّرجَمةِ عِندَ اختِلافِ اللُّغةِ، والمُستَحَبُّ عِندَهم أن يَكونَ القاضي عالِمًا باللُّغاتِ؛ ليَكونَ هو المُتَرجِمَ بنَفسِه. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (15/66، 157). الحَنَفيَّةُ [609] ((الاختيار)) لابن مودود الموصلي (2/85)، ((ملتقى الأبحر)) لإبراهيم الحلبي (ص: 221). ، والمالِكيَّةُ [610] ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/115). ، والشَّافِعيَّةُ [611] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/455)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/133،134). .
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن زَيدِ بنِ ثابِتٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((أمَرَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن أتَعَلَّمَ له كَلِماتٍ مِن كِتابِ يَهودَ، قال: إنِّي واللهِ ما آمَنُ يَهودَ على كِتابٍ، قال: فما مَرَّ بي نِصفُ شَهرٍ حَتَّى تَعَلَّمتُه لَه، قال: فلَمَّا تَعَلَّمتُه كانَ إذا كَتَبَ إلى يَهودَ كَتَبتُ إليهم، وإذا كَتَبوا إليه قَرَأتُ له كِتابَهم)) [612] أخرجه البُخاريُّ مُعَلَّقًا بصيغةِ الجَزمِ قَبلَ حَديثِ (7195)، وأخرجه موصولًا أبو داود (3645)، والترمذي (2715) واللفظ له. صحَّحه الترمذي، والحاكم في ((المستدرك)) (252)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2715). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ هذا الحَديثُ على مَشروعيَّةِ اتِّخاذِ المُتَرجِمِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اتَّخَذَ زَيدَ بنَ ثابِتٍ رَضيَ اللهُ عنه مُتَرجِمًا بَينَه وبَينَ اليَهودِ [613] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (16/89). .
ثانيًا: أنَّ القاضيَ قد لا يَعرِفُ لسانَ بَعضِ الخُصومِ والشُّهودِ، فلا بُدَّ مِمَّن يُطلِعُه عليه [614] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/456). .

انظر أيضا: