المَسألةُ الأولى: قَبولُ القاضي هَديَّةَ مَن لم تَجرِ له العادةُ بالهَديَّةِ إليه قَبلَ الوِلايةِ
أوَّلًا: أن يكونَ للمُهدي خُصومةٌ عِندَ القاضي يَحرُمُ على القاضي أن يَقبَلَ هَديَّةَ مَن لم تَجرِ له عادةٌ بالهَديَّةِ إليه قَبلَ الوِلايةِ، وكانَت له خُصومةٌ عِندَه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ
[464] حكى ابنُ قُدامةَ عَنِ الحَنَفيَّةِ القَولَ بالكَراهةِ، والذي عليه الحَنَفيَّةُ القَولُ بالتَّحريمِ، (ورويَ عَن أبي حَنيفةَ وأصحابِه أنَّ قَبولَ الهَديَّةِ مَكروهٌ غَيرُ مُحَرَّمٍ). ((المغني)) لابن قدامة (10/69). : الحَنَفيَّةِ
[465] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/304،305)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/372). ، والمالِكيَّةِ
[466] ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/120)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/140). ، والشَّافِعيَّةِ
[467] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/467)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (6/287). ، والحَنابِلةِ
[468] ((الإقناع)) للحجاوي (4/381)، ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (5/272). .
الأدِلَّةُ: أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ عَن أبي حُمَيدٍ السَّاعِديِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال:
((استَعمَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلًا على صَدَقاتِ بَني سُلَيمٍ، يُدعى ابنَ اللُّتبيَّةِ، فلَمَّا جاءَ حاسَبَه، قال: هذا مالُكُم وهذا هَديَّةٌ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فهَلَّا جَلَستَ في بَيتِ أبيكَ وأُمِّكَ حَتَّى تَأتيَكَ هَديَّتُكَ إن كُنتَ صادِقًا! ثُمَّ خَطَبَنا فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه، ثُمَّ قال: أمَّا بَعدُ، فإنِّي أستَعمِلُ الرَّجُلَ مِنكُم على العَمَلِ مِمَّا ولَّاني اللهُ، فيَأتي فيَقولُ: هذا مالُكُم وهذا هَديَّةٌ أُهديَت لي، أفَلا جَلَسَ في بَيتِ أبيه وأُمِّه حَتَّى تَأتيَه هَديَّتُه؟! واللهِ لا يَأخُذُ أحَدٌ مِنكُم شَيئًا بغَيرِ حَقِّه إلَّا لَقيَ اللهَ يَحمِلُه يَومَ القيامةِ، فلَأعرِفَنَّ أحَدًا مِنكُم لَقيَ اللهَ يَحمِلُ بَعيرًا له رُغاءٌ، أو بَقَرةً لَها خوارٌ، أو شاةً تَيعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَه حَتَّى رُئيَ بَياضُ إبْطِه، يَقولُ: اللهُمَّ هَل بَلَّغتُ، بَصْرَ عَيني وسَمْعَ أُذُني)) [469] أخرجه البخاري (6979) واللفظ له، ومسلم (1832). .
وَجهُ الدَّلالةِ: دَلَّ هذا الحَديثُ على تَحريمِ قَبولِ الهَديَّةِ التي يَكونُ سَبَبُها الوِلايةَ، وذلك مُستَفادٌ مِن تَعليلِه -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- المَنعَ بذلك
[470] يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (5/372). .
ثانيًا: أنَّ الهَديَّةَ تُشبِهُ الرِّشوةَ؛ لأنَّه يُقصَدُ بها في الغالِبِ استِمالةُ قَلبِ القاضي ليُحابيَ المُهديَ في الحُكمِ؛ فلَم يَجُزْ قَبولُها
[471] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/68). .
ثالثًا: قياسُ الهَديَّةِ على الرِّشوةِ في مَنعِ قَبولِها، بجامِعِ حُدوثِها عِندَ حُدوثِ الوِلايةِ؛ مِمَّا يَدُلُّ على أنَّها مِن أجلِها ليُتَوسَّلَ بها إلى مَيلِ الحاكِمِ مَعَ المُهدي أو الرَّاشي على خَصمِهما
[472] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/68). .
رابعًا: أنَّ النُّفوسَ بطَبيعَتِها تَميلُ إلى مَن أهدى إليها؛ مِمَّا سيُؤَثِّرُ في عَدالةِ الأحكامِ، فلَم يَجُزْ للقاضي قَبولُ الهَديَّةِ
[473] يُنظر: ((الشرح الكبير)) للدردير (4/140). .
خامِسًا: أنَّ قَبولَ القاضي الهَديَّةَ مِمَّا يُدخِلُ به عليه التُّهمةَ ويُطمِعُ فيه النَّاسَ؛ فيَجِبُ التَّحَرُّزُ منها
[474] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (16/82). .
ثانيًا: ألَّا تَكونَ للمُهدي خُصومةٌ عِندَ القاضي يَحرُمُ على القاضي أن يَقبَلَ هَديَّةَ من لم تَجرِ له عادةٌ بالهَديَّةِ إليه قَبلَ الوِلايةِ، ولَم تَكُنْ له خُصومةٌ عِندَه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ
[475] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/305)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/372). ، والمالِكيَّةِ
[476] ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/120)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/140). ، والشَّافِعيَّةِ
[477] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/467)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (6/287). ، والحَنابِلةِ
[478] ((الإقناع)) للحجاوي (4/381)، ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (5/272). .
الأدِلَّةُ: أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ عَن أبي حُمَيدٍ السَّاعِديِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال:
((استَعمَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلًا على صَدَقاتِ بَني سُلَيمٍ، يُدعى ابنَ اللُّتبيَّةِ، فلَمَّا جاءَ حاسَبَه، قال: هذا مالُكُم وهذا هَديَّةٌ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فهَلَّا جَلَستَ في بَيتِ أبيكَ وأُمِّكَ حَتَّى تَأتيَكَ هَديَّتُكَ إن كُنتَ صادِقًا! ثُمَّ خَطَبَنا فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه، ثُمَّ قال: أمَّا بَعدُ، فإنِّي أستَعمِلُ الرَّجُلَ مِنكُم على العَمَلِ مِمَّا ولَّاني اللهُ، فيَأتي فيَقولُ: هذا مالُكُم وهذا هَديَّةٌ أُهديَت لي، أفَلا جَلَسَ في بَيتِ أبيه وأُمِّه حَتَّى تَأتيَه هَديَّتُه؟! واللهِ لا يَأخُذُ أحَدٌ مِنكُم شَيئًا بغَيرِ حَقِّه إلَّا لَقيَ اللهَ يَحمِلُه يَومَ القيامةِ، فلَأعرِفَنَّ أحَدًا مِنكُم لَقيَ اللهَ يَحمِلُ بَعيرًا له رُغاءٌ، أو بَقَرةً لَها خوارٌ، أو شاةً تَيعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَه حَتَّى رُئيَ بَياضُ إبْطِه، يَقولُ: اللهُمَّ هَل بَلَّغتُ، بَصْرَ عَيني وسَمْعَ أُذُني)) [479] أخرجه البخاري (6979) واللفظ له، ومسلم (1832). .
وَجهُ الدَّلالةِ: دَلَّ هذا الحَديثُ على تَحريمِ قَبولِ الهَديَّةِ التي يَكونُ سَبَبُها الوِلايةَ، وذلك مُستَفادٌ مِن تَعليلِه -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- المَنعَ بذلك
[480] يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (5/372). .
ثانيًا: قياسُ الهَديَّةِ على الرِّشوةِ في مَنعِ قَبولِها، بجامِعِ حُدوثِها عِندَ حُدوثِ الوِلايةِ؛ مِمَّا يَدُلُّ على أنَّها مِن أجلِها ليُتَوسَّلَ بها إلى مَيلِ الحاكِمِ مَعَ المُهدي أو الرَّاشي على خَصمِهما
[481] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/68). .
ثالثًا: أنَّ النُّفوسَ بطَبيعَتِها تَميلُ إلى مَن أهدى إليها؛ مِمَّا سيُؤَثِّرُ في عَدالةِ الأحكامِ، فلَم يَجُزْ للقاضي قَبولُ الهَديَّةِ
[482] يُنظر: ((الشرح الكبير)) للدردير (4/140). .
رابعًا: أنَّ قَبولَ القاضي الهَديَّةَ مِمَّا يُدخِلُ به عليه التُّهمةَ ويُطمِعُ فيه النَّاسَ، فيَجِبُ التَّحَرُّزُ منها
[483] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (16/82). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش