الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: القَضاءُ للغائِبِ


لا يَصِحُّ القَضاءُ للغائِبِ إلَّا إذا كانَ له وكيلٌ حاضِرٌ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [402] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (7/17)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/409). ، والشَّافِعيَّةِ [403] يرى الشَّافِعيَّةُ صِحَّةَ القَضاءِ للغائِبِ على سَبيلِ التَّبَعيَّةِ. ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/540)، ((روضة الطالبين)) للنووي (11/199). ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (6/414). ، والحَنابِلةِ [404] يرى الحَنابِلةُ صِحَّةَ القَضاءِ للغائِبِ على سَبيلِ التَّبَعيَّةِ. ((الإنصاف)) للمرداوي (11/304)، ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (5/301). ، وقَولٌ عِندَ المالِكيَّةِ [405] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/285،286)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/164). هذه المَسألةُ مِنَ المَسائِلِ التي كَثُرَ فيها التَّرَدُّدُ والخِلافُ عِندَ المالِكيَّةِ، وبَيانُ ذلك فيما يَأتي: أوَّلًا: تَحريرُ مَحَلِّ النِّزاعِ: أ- مَواضِعُ الوِفاقِ: 1- إذا كانَ المُدَّعى في ضَمانِ مَن يُريدُ الادِّعاءَ للغائِبِ، فلَه المُخاصَمةُ فيه وإثباتُ مِلكِ الغائِبِ له وتَسَلُّمُه. 2- إذا لم يَكُنِ المُدَّعى في ضَمانِ مَن يُريدُ الادِّعاءَ للغائِبِ لَكِنَّه يُريدُ أن يَستَوفيَ مِنَ المُدَّعى شَيئًا له في ذِمَّةِ المالِكِ الغائِبِ، فلَه أن يَدَّعيَ ويُثبِتَ مِلكَ الغائِبِ. ب- مَوضِعُ الخِلافِ: ما عَدا هاتَينِ الحالَتَينِ وقَعَ الخِلافُ فيه بَينَ المالِكيَّةِ على خَمسةِ أقوالٍ: @القَولُ الأوَّلُ:!@ أنَّه لا يُمكَّنُ مِن ذلك إلَّا الأبُ والابنُ ومَن له قَرابةٌ قَريبةٌ، ثُمَّ إذا مَكَّنَه مِنَ المُخاصَمةِ فلا يَخرُجُ المِلكُ مِن يَدِ حائِزِه، ولا يُزيلُ العَيبَ الذي أحدَثَ. @القَولُ الثَّاني:!@ أنَّه يُمكَّنُ مِن ذلك القَريبُ والأجنَبيُّ، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ، وذَهَبَ سحنون إلى أنَّ القاضيَ يوكِّلُ مَن يَنوبُ عَنِ الغائِبِ، وهو أحَدُ قَولَي ابنِ الماجِشونِ، وقالهُ أصبَغُ. القَولُ الثَّالِثُ: أنَّه يُمكَّنُ مِن إقامةِ البَيِّنةِ، ولا يُمكَّنُ مِنَ الخُصومةِ. القَولُ الرَّابِعُ: أنَّه لا يُمكَّنُ مِن إقامةِ البَيِّنةِ ولا مِنَ الخُصومةِ إلَّا بتَوكيلِ الغائِبِ، وهو قَولُ ابنِ الماجِشونِ ومُطَرِّفٍ. القَولُ الخامِسُ: أنَّ القَريبَ والأجنَبيَّ يُمكَّنُ مِنَ الخُصومةِ في العَبدِ والدَّابَّةِ والثَّوبِ دونَ تَوكيلٍ؛ لأنَّ هذه الأشياءَ تَفوتُ وتَحولُ وتَغيبُ، ولا يُمكَّنُ مِنَ الخُصومةِ في غَيرِ ذلك إلَّا الأبُ والابنُ، حَكاه ابنُ حَبيبٍ عَن مُطَرِّفٍ. يُنظر: ((التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب)) لخليل (7/459)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/146). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الغائِبَ لم تَتَقدَّمْ منه دَعوى بنَفسِه ولا بوكيلِه، وسَبقُ الدَّعوى شَرطٌ لصِحَّةِ الحُكمِ، فلا يَصِحُّ الحُكمُ للغائِبِ [406] يُنظر: ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (11/305). .
ثانيًا: أنَّه يَمتَنِعُ على القاضي سَماعُ البَيِّنةِ للغائِبِ، والكِتابةُ له إلى قاضٍ آخَرَ ليَحكُمَ بكِتابِه [407] يُنظر: ((الفروع)) لابن مفلح (11/206). .

انظر أيضا: