الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ السَّادِسُ: حُكمُ الاستِعانةِ بالكُفَّارِ على حَربِ البُغاةِ


يَحرُمُ الاستِعانةُ بالكُفَّارِ على حَربِ البُغاةِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ [1781] عِندَ الحَنَفيَّةِ: لا يَجوزُ الاستِعانةُ بالكُفَّارِ إذا كان حُكمُ أهلِ الشِّركِ هو الظَّاهرَ، ويَجوزُ إذا كان حُكمُ أهلِ العَدلِ هو الظَّاهِرَ. يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (10/ 110)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 154). : المالِكيَّةِ [1782] المُعتَمَدُ عِندَ المالِكيَّةِ: أنَّه إن خَرَجَ الكافِرُ مِن تِلقاءِ نَفسِه بلا طَلَبٍ لم يَحرُمْ، أو إذا خَرَجَ مَعَهم لخِدمةٍ غَيرِ القِتالِ. ((التاج والإكليل)) للمواق (3/ 352)، ((منح الجليل)) لعليش (3/ 151). ، والشَّافِعيَّةِ [1783] يَرى الشَّافِعيَّةُ جَوازَ الاستِعانةِ بالكُفَّارِ عِندَ الضَّرورةِ. ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 292)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 407). ، والحَنابِلةِ [1784] يَرى الحَنابِلةُ جَوازَ الاستِعانةِ بالكُفَّارِ عِندَ الضَّرورةِ. ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/390)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 164). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها قالت: ((خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قِبَلَ بَدرٍ، فلَمَّا كان بحَرَّةِ الوَبَرةِ أدرَكَه رَجُلٌ قد كان يُذكَرُ مِنه جُرأةٌ ونَجدةٌ، ففَرِح أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ رَأوه، فلمَّا أدرَكَه قال لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: جِئتُ لأتَّبِعَك، وأُصيبَ مَعَك، قال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: تُؤمِنُ باللهِ ورَسولِه؟ قال: لا، قال: فارجِعْ، فلن أستَعينَ بمُشرِكٍ... )) [1785] أخرجه مسلم (1817). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَصَّ على أنَّه لا يَستَعينُ بمُشرِكٍ [1786] يُنظر: ((التاج والإكليل)) للمواق (4/ 545)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/ 63).  .
ثانيًا: أنَّه يَحرُمُ تَسليطُ الكافِرِ على المُسلِمِ، والاستِعانةُ بهم تَسليطٌ لَهم على دِماءِ المُسلِمينَ [1787] يُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 407)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/390). .
ثالِثًا: أنَّ القَصدَ رَدُّ البُغاةِ للطَّاعةِ، والكُفَّارُ يَتَدَيَّنونَ بقَتلِهم [1788] يُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 407).  .
رابِعًا: أنَّ الكافِرَ لا يُؤمَنُ مَكرُه وغائِلَتُه؛ لخُبثِ طَويَّتِه، والحَربُ تَقتَضي المُناصَحةَ، والكافِرُ ليس مِن أهلِها [1789] يُنظر: ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 306).  .

انظر أيضا: