الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: حُكمُ الحِرابةِ


المُحارِبُ (قاطِعُ الطَّريقِ) مُرتَكِبٌ للكَبيرةِ تَجري عليه أحكامُ المُحارِبينَ.
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قال اللهُ تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة: 33] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الآيةُ أوجَبَت حَدًّا على قُطَّاعِ الطَّريقِ، فدَلَّ ذلك على أنَّه مِنَ الكَبائِرِ؛ لأنَّ ما قامَ عليه حَدٌّ في الدُّنيا أو جاءَ فيه وعيدٌ في الآخِرةِ فهو مِنَ الكَبائِرِ [1547] يُنظر: ((الكبائر)) للذهبي (ص: 8). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ ناسًا مِن عُرَينةَ قَدِموا على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المَدينةَ، فاجتَوَوها، فقال لَهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إن شِئتُم أن تَخرُجوا إلى إبِلِ الصَّدَقةِ فتَشرَبوا مِن ألبانِها وأبوالِها، ففعَلوا، فصَحُّوا، ثُمَّ مالوا على الرُّعاةِ فقَتَلوهم، وارتَدُّوا عنِ الإسلامِ، وساقوا ذَودَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبَلَغَ ذلك النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبَعَثَ في أثَرِهم، فأُتِيَ بهم، فقَطَّعَ أيديَهم وأرجُلَهم...)) [1548] أخرجه البخاري (5685)، ومسلم (1671) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَديثُ دَليلٌ على أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقامَ على العُرَنيِّينَ حَدَّ الحِرابةِ [1549] يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/ 551). ، وأنَّ إقامةَ الحَدِّ دَليلٌ على أنَّ الذَّنبَ مِنَ الكَبائِرِ [1550] يُنظر: ((الكبائر)) للذهبي (ص: 8).  .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبدِ البَرِّ [1551] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ مَن شَقَّ العَصا، وفارَقَ الجَماعةَ، وشَهَرَ على المُسلِمينَ السِّلاحَ، وأخاف السَّبيلَ، وأفسَدَ بالقَتلِ والسَّلبِ؛ فقَتلُهم وإراقةُ دِمائِهم واجِبٌ؛ لأنَّ هذا مِنَ الفسادِ العَظيمِ في الأرضِ، والفسادُ في الأرضِ موجِبٌ لإراقةِ الدِّماءِ بإجماعٍ). ((التمهيد)) (23/ 339). .

انظر أيضا: