الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: صِفةُ قَطعِ اليَدِ في السَّرِقةِ


تُقطَعُ يَدُ السَّارِقِ اليُمنى مِن مَفصِلِ الكَفِّ (الرُّسغِ)، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1211] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 224). ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 66)، ((الفتاوى الهندية)) (2/ 182). ، والمالِكيَّةِ [1212] ((التاج والإكليل)) للمواق (8/ 413)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 292). ، والشَّافِعيَّةِ [1213] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 301). ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 466 - 467)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/ 199). ، والحَنابِلةِ [1214] ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 452)، ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 285). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [1215] قال ابنُ هُبَيرةَ: (أجمَعوا على أنَّ السَّارِقَ إذا وجَبَ عليه القَطعُ، وكان ذلك أوَّلَ سَرِقةٍ، وهو صَحيحُ الأطرافِ، فإنَّه يُبدَأُ بقَطعِ يَدِه اليُمنى مِن مَفصِلِ الكَفِّ). ((الإفصاح)) (2/ 213). وقال ابنُ قُدامةَ: (لا خِلافَ بَينَ أهلِ العِلمِ في أنَّ السَّارِقَ أوَّلُ ما يُقطَعُ مِنه يَدُه اليُمنى مِن مَفصِلِ الكَفِّ، وهو الكوعُ). ((المغني)) (9/ 121). وقال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (لا خِلافَ بَينَ أهلِ العِلمِ في أنَّ السَّارِقَ أوَّلُ ما يُقطَعُ مِنه يَدُه اليُمنى مِن مَفصِلِ الكَفِّ، وهو الكوعُ). ((الشرح الكبير)) (10/ 291). وقال الزَّيلعيُّ: (تُقطَعُ يَمينُ السَّارِقِ مِنَ الزَّندِ) لقِراءةِ ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه: فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا وهيَ مَشهورةٌ... ولأنَّ كُلَّ مَن قَطَع مِنَ الأئِمَّةِ قَطَع مِنَ الرُّسغِ؛ فصارَ إجماعًا فِعلًا). ((تبيين الحقائق)) (3/ 224). وقال بُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ: (وإذا وجَبَ القَطعُ قُطِعَت يَدُه اليُمنى مِن مَفصِلِ الكَفِّ) بلا خِلافٍ). ((المبدع في شرح المقنع)) (7/ 452). وقال الخَرَشيُّ: (السَّارِقُ المُكَلَّفُ، مُسلِمًا كان أو كافِرًا، حُرًّا كان أو رَقيقًا، ذَكَرًا كان أو أُنثى، إذا سَرَقَ ويَمينُه صَحيحةٌ، فإنَّها تُقطَعُ مِن كوعِها إجماعًا). ((شرح مختصر خليل)) (8/ 92). وخالَف قتادةُ وابنُ حَزمٍ في قَطعِ اليَدِ اليُمنى، وقالا: يَجوزُ أن يُبدَأَ بقَطعِ اليَدِ اليُسرى. يُنظر: ((المحلى بالآثار)) لابن حزم (12/354 - 355)، ((فتح الباري)) لابن حجر (12/ 99). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قال اللَّهُ تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة: 38]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللَّهَ تعالى أطلَقَ ولَم يُقَيِّدْ، واليَدُ عِندَ الإطلاقِ تُحمَلُ على الكَفِّ، بدَليلِ قَولِه تعالى في آيةِ التَّيَمُّمِ: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [المائدة: 6] ، وقد ثَبَتَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ التَّيَمُّمَ خاصٌّ بالكَفِّ، وعلى هذا فيَكونُ المُرادُ بالأيدي في الآيةِ الكَفَّ فقَط [1216] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (14/ 363). .
ثانيًا: أنَّ البَطشَ باليَمينِ أقوى، فكانتِ البداءةُ بها أردَعَ [1217] يُنظر: ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 452)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 466). .
ثالِثًا: أنَّ اليَدَ تُطلَقُ عليها إلى الكوعِ، وإلى المِرفَقِ، وإلى المَنكِبِ، وإرادةُ الأوَّلِ مُتَيَقَّنةٌ، وما سِواه مَشكوكٌ فيه، ولا يَجِبُ القَطعُ مَعَ الشَّكِّ [1218] ) يُنظر: ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 452). .

انظر أيضا: