الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: مَشروعيَّةُ حَدِّ القَذفِ


إذا قَذَف شَخصٌ آخَرَ بالزِّنا وجَبَ عليه الحَدُّ.
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قال اللهُ تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور: 4] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
نَزَلَت هذه الآيةُ في القاذِفينَ [826] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (12/ 172).  .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((لَمَّا نَزَلَ عُذري قامَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ، فذَكَرَ ذاكَ، وتَلا -تَعني القُرآنَ- فلَمَّا نَزَلَ منَ المِنبَرِ أمرَ بالرَّجُلَينِ والمَرأةِ، فضُرِبوا حَدَّهم )) [827] أخرجه أبو داود (4474) واللفظ له، والترمذي (3181)، وابن ماجه (2567). حَسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4474)، وحَسَّن إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4474)، وقال الترمذيُّ: حَسَنٌ غَريبٌ. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ دَليلٌ على أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَكَم بما أمَرَه اللَّهُ بحَدِّ القاذِفينَ [828] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (13/ 342).  .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ [829] قال الماوَرديُّ: (حَدُّ القَذفِ بالزِّنا ثَمانونَ جَلدةً، ورَدَ النَّصُّ بها وانعَقدَ الإجماعُ عليها). ((الأحكام السلطانية)) (ص: 335). ، وابنُ حَزمٍ [830] قال ابنُ حَزمٍ: (اتَّفقوا أنَّ القاذِفَ يُجلَدُ... واتَّفقوا أنَّ الحُرَّ العاقِلَ البالِغَ المُسلِمَ غَيرَ المُكرَهِ إذا قَذَف حُرًّا عاقِلًا بالِغًا مُسلِمًا عَفيفًا لم يُحَدَّ قَطُّ في زِنًا، أو حُرَّةً بالِغةً عاقِلةً مُسلِمةً عَفيفةً غَيرَ مُلاعِنةٍ لم تُحَدَّ في زِنًا قَطُّ- بصَريِح الزِّنا، وكانا في غَيرِ دارِ الحَربِ المَقذوفُ أوِ المَقذوفةُ، فطَلَب الطَّالِبُ مِنهما القاذِفَ هو بنَفسِه لا غَيرُ، وشَهدَ بالقَذفِ الآنَ أوِ الحُرُّ القاذِفُ كَما قدَّمنا: أنَّه يَلزَمُه ثَمانونَ جَلدةً). ((مراتب الإجماع)) (ص: 134).  ، وابنُ رُشدٍ الحَفيدُ [831] قال ابنُ رُشدٍ: (أمَّا الحَدُّ فالنَّظَرُ فيه في جِنسِه وتَوقيتِه ومَسقَطِه، أمَّا جِنسُه فإنَّهمُ اتَّفقوا على أنَّه ثَمانونَ جَلدةً للقاذِفِ الحُرِّ). ((بداية المجتهد)) (4/225). ، وابنُ قُدامةَ [832] قال ابنُ قُدامةَ: (أجمَعَ العُلَماءُ على وُجوبِ الحَدِّ على مَن قَذَف المُحصَنَ، إذا كان مُكَلَّفًا... وقَدرُ الحَدِّ ثَمانونَ، إذا كان القاذِفُ حُرًّا؛ للآيةِ والإجماعِ، رَجُلًا كان أوِ امرَأةً). ((المغني)) (9/83-84). ، وابنُ تَيميَّةَ [833] قال ابنُ تَيميَّةَ: (مِنَ الحُدودِ التي جاءَ بها الكِتابُ والسُّنَّةُ، وأجمَعَ عليها المُسلِمونَ: حَدُّ القَذفِ، فإذا قَذَف الرَّجُلُ مُحصَنًا بالزِّنا أوِ اللِّواطِ، وجَبَ عليه الحَدُّ ثَمانونَ جَلدةً). ((مجموع الفتاوى)) (28/ 342). ، والحصنيُّ [834] قال الحصنيُّ: (القَذفُ: الرَّميُ، ومِنه: فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ، والمُرادُ به هنا الرَّميُ بالزِّنا على وَجهِ التَّعزيرِ، وهو مِنَ الكَبائِرِ، ويَتَعَلَّقُ به الحَدُّ بالكِتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ الأُمَّةِ... إذا قَذَف البالِغُ العاقِلُ المُختارُ -وهو مُسلِمٌ أو ذِمِّيٌّ أو مُستَأمَنٌ أو مُرتَدٌّ- مُحصَنًا ليس بوالِدٍ، وجَبَ عليه الحَدُّ للنَّصِّ والإجماعِ). ((كفاية الأخيار)) (ص: 478-479). ، والمَرداويُّ [835] قال المَرداويُّ: (مَن قَذَف مُحصَنًا فعليه جَلدُ ثَمانينَ جَلدةً... ولا أعلَمُ فيه خِلافًا). ((الإنصاف)) (10/200). ، والشَّوكانيُّ [836] قال الشَّوكانيُّ: (أجمَعوا أيضًا على أنَّ حَدَّه ثَمانونَ جَلدةً؛ لنَصِّ القُرآنِ الكَريمِ بذلك). ((نيل الأوطار)) (6/ 337). .

انظر أيضا: