الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الرَّابِعةُ: حُكمُ حُضورِ الإمامِ عِندَ الرَّجمِ


لا يَجِبُ حُضورُ الإمامِ عِندَ الرَّجمِ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [651] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 9)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/ 11). ، والشَّافِعيَّةِ [652] ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (11/156)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 99). ، ومُقتَضى مَذهَبِ المالِكيَّةِ [653] ((التاج والإكليل)) للمواق (8/ 395)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 260). ، وقَولُ أبي بَكرٍ مِنَ الحَنابِلةِ [654] ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 373 - 374). ، وهو اختيارُ ابنِ المُنذِرِ [655] قال ابنُ المُنذِرِ: (قال الشَّافِعيُّ: أمَرَ رَسولُ اللهِ برَجمِ ماعِزٍ ولم يَحضُرْه، وأمَرَ أُنَيسًا أن يَأتيَ بامرَأةٍ، فإنِ اعتَرَفت رَجمها، ولم يَقُلْ: أعلِمْني أحضُرُها، ولم أعلَمْه أمَر برَجمٍ فحَضَرَ، ولَو كان حُضورُ الإمامِ حَقًّا حَضَرَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد أمَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ أبا واقدٍ اللَّيثيَّ يَأتي امرَأةً فإنِ اعتَرَفت رَجمها، ولم يَقُلْ: أعلِمْني أحضُرُها، ولَقد أمَرَ عُثمانُ برَجمِ امرَأةٍ وما حَضَرَها. قال أبو بَكرٍ: هَكَذا أقولُ، وإن حَضَر الإمامُ فلا شَيءَ عليهـ). ((الأوسط)) (12/446). ، والشَّوكانيِّ [656] قال الشَّوكانيُّ: (حَكى صاحِبُ البَحرِ عنِ العترةِ والشَّافِعيِّ أنَّه لا يَلزَمُ الإمامَ حُضورُ الرَّجمِ، وهو الحَقُّ؛ لعَدَمِ دَليلٍ يَدُلُّ على الوُجوبِ، ولِما تَقدَّمَ في حَديثِ ماعِزٍ «أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمر برَجمِ ماعِزٍ، ولم يَخرُجْ مَعَهم» والزِّنا مِنه ثَبَتَ بإقرارِه كَما سَلَف، وكذلك لم يَحضُرْ في رَجمِ الغامِديَّةِ كَما زَعَمَ البَعضُ. قال في التَّلخيصِ: لم يَقَعْ في طُرُقِ الحَديثَينِ أنَّه حَضَرَ، بَل في بَعضِ الطُّرُقِ ما يَدُلُّ على أنَّه لم يَحضُرْ، وقد جَزَمَ بذلك الشَّافِعيُّ، قال: وأمَّا الغامِديَّةُ ففي سُنَنِ أبي داودَ وغَيرِه ما يَدُلُّ على ذلك. وإذا تَقَرَّرَ هذا تَبَيَّن عَدَمُ الوُجوبِ على الشُّهودِ ولا على الإمامِ). ((نيل الأوطار)) (7/130). .
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عَن أبي هُرَيرةَ وزَيدِ بنِ خالِدٍ الجُهَنيِّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهما قالا: ((إنَّ رَجُلًا مِنَ الأعرابِ أتى رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أنشُدُك اللَّهَ إلَّا قَضَيتَ لي بكِتابِ اللهِ. فقال الخَصمُ الآخَرُ -وهو أفقَهُ مِنه-: نَعَم، فاقضِ بَينَنا بكِتابِ اللهِ، وأْذَنْ لي. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: قُلْ، قال: إنَّ ابني كان عَسيفًا على هذا، فزَنى بامرَأتِه، وإنِّي أُخبِرتُ أنَّ على ابني الرَّجمَ، فافتَدَيتُ مِنه بمِائةِ شاةٍ ووليدةٍ، فسَألتُ أهلَ العِلمِ فأخبَروني أنَّما على ابني جَلْدُ مِائةٍ، وتَغريبُ عامٍ، وأنَّ على امرَأةِ هذا الرَّجمَ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: والذي نَفسي بيَدِه لأقضيَنَّ بَينَكُما بكِتابِ اللهِ، الوليدةُ والغَنَمُ رَدٌّ، وعلى ابنِك جَلدُ مِائةٍ وتَغريبُ عامٍ، واغْدُ يا أُنَيسُ إلى امرَأةِ هذا، فإنِ اعتَرَفت فارجُمْها، قال: فغَدا عليها فاعتَرَفَت، فأمَر بها رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فرُجِمَت)) [657] أخرجه البخاري (2724، 2725)، ومسلم (1697، 1698) واللفظ له .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ هذا الحَديثُ على أنَّ الإمامَ لا يَجِبُ عليه أن يَحضُرَ الرَّجمَ؛ لأنَّ النَّبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أمَرَ برَجمِ المَرأةِ التي اعتَرَفت بالزِّنا ولَم يَحضُرْ رَجمَها [658] يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 9).  .

انظر أيضا: